Nour Heart
Nour Heart
Nour Heart
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

Nour Heart

منتدى متنوع
 
الرئيسيةالبوابة*أحدث الصورالتسجيلدخول
موسوعه تاريخ الاندلس 195830874
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» هيا نبدأ يومنا ببعض الأذكار
موسوعه تاريخ الاندلس Icon_minitimeالخميس ديسمبر 31, 2015 6:01 pm من طرف kareemo7ey

» لا .. الماكياج مش حرام !!!
موسوعه تاريخ الاندلس Icon_minitimeالخميس ديسمبر 31, 2015 5:58 pm من طرف kareemo7ey

» ماذا يحدث لوالديك عند زيارة قبرهما ؟
موسوعه تاريخ الاندلس Icon_minitimeالإثنين ديسمبر 09, 2013 2:47 am من طرف محيي الدين

» ماتستناش حد مش جاي
موسوعه تاريخ الاندلس Icon_minitimeالأحد ديسمبر 08, 2013 10:16 pm من طرف محيي الدين

» الى كل فتاة سمحت لشاب أن يكلمها
موسوعه تاريخ الاندلس Icon_minitimeالثلاثاء ديسمبر 03, 2013 7:08 pm من طرف محيي الدين

» اضحك مع نفسك
موسوعه تاريخ الاندلس Icon_minitimeالأحد ديسمبر 01, 2013 3:06 pm من طرف محيي الدين

» لو حملت امك على ظهرك العمر
موسوعه تاريخ الاندلس Icon_minitimeالسبت نوفمبر 30, 2013 9:35 pm من طرف محيي الدين

» أفضل عشرة أطباء في العالم
موسوعه تاريخ الاندلس Icon_minitimeالأحد نوفمبر 24, 2013 9:39 pm من طرف محيي الدين

» إلى كل من لديه أم
موسوعه تاريخ الاندلس Icon_minitimeالجمعة نوفمبر 22, 2013 5:32 pm من طرف محيي الدين

» إلتهاب الأعصاب السكري
موسوعه تاريخ الاندلس Icon_minitimeالجمعة نوفمبر 22, 2013 3:20 pm من طرف محيي الدين

» اللهم عفوك ورضاك
موسوعه تاريخ الاندلس Icon_minitimeالأربعاء نوفمبر 20, 2013 5:03 pm من طرف محيي الدين

» الجنه درجه
موسوعه تاريخ الاندلس Icon_minitimeالأربعاء نوفمبر 13, 2013 10:10 pm من طرف محيي الدين

» بعد أن تتوفى الأم و تصعد روحها إلى السماء ..
موسوعه تاريخ الاندلس Icon_minitimeالسبت نوفمبر 09, 2013 12:48 pm من طرف محيي الدين

» ادعية الانبياء
موسوعه تاريخ الاندلس Icon_minitimeالسبت نوفمبر 09, 2013 10:10 am من طرف محيي الدين

» امك ثم امك ثم امك
موسوعه تاريخ الاندلس Icon_minitimeالسبت نوفمبر 09, 2013 6:37 am من طرف محيي الدين

» ماذا لو تكلم الموتى
موسوعه تاريخ الاندلس Icon_minitimeالسبت نوفمبر 02, 2013 12:12 pm من طرف محيي الدين

» خمس عادات فاعلة لتنظِّف كبدك من السموم في تسعة أيام
موسوعه تاريخ الاندلس Icon_minitimeالأربعاء سبتمبر 25, 2013 9:41 am من طرف محيي الدين

» الطريق إلى جبال الألب
موسوعه تاريخ الاندلس Icon_minitimeالخميس سبتمبر 12, 2013 11:09 am من طرف مجدى سالم

» جزر فارو الدنمركية والطبيعة الساحرة
موسوعه تاريخ الاندلس Icon_minitimeالخميس سبتمبر 12, 2013 10:58 am من طرف مجدى سالم

» مسجد السلطان عمر سيف الدين الاجمل في جنوب شرق آسيا صور! !!
موسوعه تاريخ الاندلس Icon_minitimeالخميس سبتمبر 12, 2013 10:51 am من طرف مجدى سالم

ازرار التصفُّح
 البوابة
 الصفحة الرئيسية
 قائمة الاعضاء
 البيانات الشخصية
 س .و .ج
 ابحـث
منتدى
التبادل الاعلاني
احداث منتدى مجاني
pubarab

 


 

 موسوعه تاريخ الاندلس

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
محيي الدين
المدير العام
المدير العام
محيي الدين


تاريخ التسجيل : 15/02/2009
المساهمات : 3811
العمر : 76
الموقع : مدينه المنصوره
العمل/الترفيه : بالمعاش

موسوعه تاريخ الاندلس Empty
مُساهمةموضوع: موسوعه تاريخ الاندلس   موسوعه تاريخ الاندلس Icon_minitimeالسبت يناير 21, 2012 9:57 pm

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


مدخل إلى الفتوحات الإسلامية


* مدخل وتقديم:
- إن المتأمل في حاضر المسلمين اليوم، وما جعلهم يصلون إلى ما هم عليه من ضعف وفرقة يجده مشابهاً ومقارباً لحالهم يوم أن كانوا يتربعون على عرش الأندلس، فيرى نفس أسباب الهزيمة ونقاط الضعف وإهمال فرص الريادة والقوة والوحدة، مع اختلاف الجغرافيا والمسميات.
- لهذا نضع هذه الدراسة الشاملة لتاريخ الأندلس بين يدي القراء علّها تنبه الغافل وتذكر العاقل وما أريد إلا الإصلاح ما استطعت. د. طارق السويدان.

* التاريخ دروس وعبر:
- تعيش الأندلس ومثلها كل أرض المسامين في شعور كل مسلم حقاً، يتحرق شوقا إليها، وينتظر يوم يأتي ليجمع شمل المسلمين، ويوحد أرضهم، ويحرر ديارهم التي ما زال بعضها تناديهم: أين المسلمون؟!.

* الحديث عن الأندلس:
- على الصفحات القادمة سنكتب شيئاً عن الأندلس، وصفها بعضهم بالمفقود، ونعتها آخرون بالسقوط، وآخرون بغروب الأندلس، صفحات من التاريخ الأندلسي بما فيه من عزة وأمجاد، وبما يتضمن من مرارات وضياع، لعلنا أن نعيد الذكرى، ونعرف ماضينا فنتعظ، فنحن أولى الناس بالأندلس.

- ويكاد في عصرنا معظم الناس وبخاصة المثقفون منهم يجهلون تاريخ الإسلام والمسلمين، فيجهلون سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم، ويجهلون سيرة الأفذاذ من مشاهير المسلمين، ولا يكادون يسمعون عنهم إلا أسماء، فلو سألت أكثرهم عن النعمان بن مقرن المزني لجهلوه، ولو سألتهم عن معركة نهاوند التي تضاهي القادسية لوّوا رؤؤسهم عجباً! أو سألت عن عقبة بن نافع الفهري، أو الحاجب المنصور لعجبت من الجهل والصمت وقلة المعرفة أيضاً.
- وبالعكس يكاد يحفظ عن ظهر قلب عن نابليون وحروبه، وكازانوفا ومغامراته، وعن الأميرال نيلسن وأساطيله... بل يحفظ نجوم كرة القدم، ونجوم الرقص والغناء...


فقدنا عزنا لما رأينا يسود بلادنا الرقصُ الغناء

- ولعل كلمة خيانة المثقفين أن تكون أبلغ تعبير عن حالتنا التي تهب عليها رياح العولمة العاتية التي تريد أن تدمر كل شيء يخص أمتنا, كما قال الشاعر:


أنا من أمة أفاقت على العزِ وأغفت مغموسة بالهوان
* أولاً: مدخل إلى الفتوحات الإسلامية:
-دراسة التاريخ العسكري والحروب بشكل خاص ضرورة لكل قائد سياسي أو عسكري فلا بد أن يعرفها واعياً مستفيداً فالتاريخ يعيد نفسه وإنما تختلف الألوان والمظاهر، فالأرض هي الأرض، والإنسان هو الإنسان، وحقيقة مجريات الحوادث في كل زمان واحدة، قال تعالى:{وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ } البقرة:251.

-لقد كادت الحياة كلها تأسن وتتعفن لولا دفع الله الناس بعضهم ببعض، ولولا أنّ في طبيعة الناس التي فطرهم الله عليها أن تتعارض مصالحهم واتجاهاتهم الظاهرية القريبة لتنطلق الطاقات كلها، فتنفض عنها الكسل والخمول، وتستجيش مافيها من مكنونات مذخورة، وتظل أبداً يقظة عاملة مستنبطة لذخائر الأرض مستخدمة قواها، وفي النهاية يكون الصلاح والخير والنماء بقيام الجماعة الخيرة المهتدية المتجردة، تعرف الحق الذي بينه الله لها.


خصمان في ربهم شأنُ الصراعِ هناتلك الحقيقةُ ليسَ الماءُ والخبزُ
منذُ الخليقةِ قادَ الناسَ دينُهمُوخابَ منَ ربَّه الطاغوتُ والكنزُ
-وكم في التاريخ موجات من الحروب لم تكن تحمل الحق، وإنما أشعلتها الفتن والأهواء، حملت الخراب إلى العالم، وما الحربان العالميتان ببعيدتين عن ذاكرة الناس، وكذلك الرومان قد حملوا الفساد إلى الأرضي التي دخلوها، ولا تخفى حملات الصليبيين والمغول وآثارها على العالم الإسلامي، وما الاستعمار الحديث ثم العولمة إلا امتداد للفساد والاستكبار في الأرض بغير الحق.



ظلم الصليبيين واستعبادهم للناس وفرض الأتاوات عليهم بغير وجه حق قبل وصول
الإسلام إلى الأندلس


* نشر النور:
- وما كان المسلمون في جميع الجبهات متفوقين على الأعداء بالعتاد والرجال، ولا كانوا ذوي حروب ضخمة متوارثة، إنما كانوا أصحاب عقيدة، ورجال مبادئ وعقيدة، ثم ما كانت مقومات الانتصار هي المعتمد ولا كان الانتصار هو الغاية، بل كانت غايتهم فتح القلوب وإزالة الحجب الكثيفة عنها ليصل إلى شغافها هدى الله سبحانه. وأن لا يقفوا بفتحهم إلا حيث تعوقهم صحراء أو بحر أو مانع طبيعي من الزمن.

- أما الفتوحات الإسلامية فتختصر بجملة واحدة: هي إزالة الحواجز التي تحول دون وصول النور الرباني إلى عامة الناس، ولتكون كلمة الله هي العليا، ولتكون العبودية لله خالق الناس، ولتخرج الناس من عبودية البشر للبشر، ولعمارة الأرض بعد الخضوع لله الذي استخلف الناس عليها.

- قال تعالى:{ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا } هود:61، من أجل استخدام القوانين والنواميس الأرضية لتطوير الحياة على الأرض، ومواصلة العمران وتحقيق الرفاهية والعدل دون النظر إلى لون أو عرق أو نسب.

- لذلك نشر الفتح الإسلامي النور للعالمين، وبين لهم الغاية الأساسية لوجودهم ومهمتهم في الكون، فكانت الفتوحات التي فتحت الحدود أمام نور لله ليأخذ طريقة إلى القلوب فكانت في حقيقتها فتحاً للنفوس والقلوب قبل فتح البلدان.

- هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يفرح قلبه الكبير بسورة الفتح، بالفتح المبين، وبالمغفرة الشاملة، وبالنعمة التامة، وبالهداية إلى صراط الله المستقيم، وبالنصر العزيز الكريم، وفرح برضى الله عن المؤمنين، فقال عليه الصلاة والسلام أنزلت علي الليلة سورة لهي أحب إلي مما طلعت عليه الشمس ) أخرجه البخاري ومسلم والترمذي.

- وكان هذا الفتح فتحاً في الدعوة، فأمن الناس بعضهم بعضاً، وسمع من لم يسمع بالإسلام من قبل، وكان فتحاً في الأرض بعد ذلك إذ فتحت حصون خيبر، وكان فتحاً بين المسلمين والمشركين في قريش وسائر المشركين من حولها، وعمّ الإسلام الجزيرة بعده.




- وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم في الثاني عشر من شهر ربيع الأول سنة 11 للهجرة، وولي أبو بكر الخلافة رضي الله عليه وسلم، فارتدت معظم القبائل في شبه الجزيرة العربية، وكانت حروب الردة التي عمت الجزيرة العربية التي انتهت في كل الجبهات بترسيخ الإسلام، وأظهرت قيادات جديدة، ودلت على طاقات كامنة، ولعلها كانت تمهيداً للفتوحات.
- واستمر الفتح على جبهتي فارس والروم، وانتهت دولة الفرس، ومزق الله ملك آل ساسان، وفتحت أجزاء كبيرة من الإمبراطورية الرومانية، وعم الفتح حتى وصل الصين وعبر حدود ما وراء النهر، واجتاز جبال طوروس مصر زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ثم استمرت الفتوحات زمن عثمان بن عفان رضي الله عنه ومن بعده. ومن ثم زمن التابعين الذين هم خير القرون بعد قرن الصحابة.




فتح المغرب العربي

ثانياً: فتح المغرب العربي:
-استغرق فتح جميع بلاد المغرب ما يقارب 70 عاماً من 23 هـ إلى 89هـ.
*عقبة بن نافع الفهري:
-خضع المغرب العربي للإسلام لكنه لم يستقر فيه، وظل أهله ينقضون عليه مرات ثم يعودون إذا جاءتهم الجنود الإسلامية. ومن أشهر القواد الذي كان لهم دور كبير في فتحه: عقبه بن نافع الفهري، وهو تابعي جليل يروي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، ويحتل موقعاً أثيراً في قلوب المسلمين، فهو المؤمن المجاهد في سبيل الله ونشر رسالته، ما وهن ولا ضعف في مواجهة الشدائد والصعاب، نذر حياته وباع نفسه في سبيل الله. وقد توغل توغلاً شديداً في المغرب حتى وصل شاطئ المحيط الأطلسي الذي كان يسمى بحر الظلمات، وخاضه بفرسه حتى بلغ نحره فقال: اللهم اشهد...أني قد بلغت المجهود، ولولا هذا البحر لمضيت أقاتل من كفر بك حتى لا يُعبد أحد من دونك.



جيوش المسلمين في المغرب العربي


-ولما أراد العودة إلى عاصمة إفريقية ( القيروان ) اختار طريق الأطلس الصحراوي، وقسّم جنوده حين وصل إلى (طبنه)، ولم يكن قد بقي بينه وبين القيروان أكثر من ثمانية أيام وأمرهم أن يسيروا فوجاً فوجاً، فانتقض عليه البربر والرومان فكمنوا له في منطقة (تهوذة) وهي في جنوب الأوراس، إذ كان في ثلاثمائة فارس فقط، فقتلوا جميعاً بعد قتالهم قتال الأبطال، وظل البربر بعد ذلك بين الخضوع للإسلام والثورة عليه كلما سنحت لهم بادرة، إلى أن ولي عليها رجل عظيم وقائد محنك هو:

* موسى بن نصير:
-كان والده نصير من بين أربعين غلاماً سباهم خالد بن الوليد رضي الله عليه وسلم في كنيسة عين التمر على شاطئ الفرات عام 12 للهجرة بعد أن ضرب أعناق أهل الحصن أجمعين. وكان على هؤلاء الغلمان باب مغلق فكسره عنهم، وأجابوه بأنهم رهائن لدى أهل عين التمر، فاعتبرهم خالد رضي الله عنه من السبي وقسمهم على أهل البلاء من جنده. وكان منهم أيضاً سيرين والد محمد بن سيرين، ويسار جد محمد بن إسحاق كاتب السيرة (المغازي).

* أسرته:
-أعتق بنو أمية نصيراً ، فعمل في شرطة معاوية رضي الله عنه، وكان صاحب همة وعطاء حتى صار من قواد جيش معاوية رضي الله عنه وحراسه.
-ولما حصلت الفتنه بين علي ومعاوية رضي الله عنهما رفض أن يقاتل علياً ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، ولما استتبَّ الأمر لمعاوية رضي الله عنه عام الجماعة قال له يعاتبه لعدم مشاركته في قتال علي رضي الله عنه: ما منعك من الخروج معي ولي عندك يد لم تكافئني عليها؟
فقال كلمة عظيمة معبّرة تدل على وعيه ورسوخ الإيمان في قلبه: لم يمكن أن أشكرك بكفري من هو أولى بشكري منك. فقال له معاوية رضي الله عنه: من هذا الذي هو أولى بالشكر مني؟ وهو يرى أنه صاحب الفضل عليه، فأجابه نصير: الله سبحانه وتعالى، فأطرق معاوية رضي الله عنه رأسه، وقال: أستغفر الله، وعفا عنه وسامحه ورضي عنه.



وصل الإسلام إلى المغرب العربي ممهداً الطريق إلى الأندلس



* نشأة موسى بن نضير:
-ولد موسى بن نصير في الشام عام 19 للهجرة في خلافة عمر رضي الله عنه، وعاش مع أولاد الخلفاء، شارك بعد أن تعلم فنون القتال واستخدام السلاح في فتح (قبرص)، وكان أحد قواد الأسطول الإسلامي، وعندما حصل الصراع بين الأمويين أنفسهم، وبينهم وبين ابن الزبير بعد موت معاوية رضي الله عنه، بايع الناس في أقطار الإسلام ابن الزبير، وكذلك الشام، فلم ير أي حرج في مبايعة ابن الزبير مع الضحاك بن قيس الفهري، وزفر بن الحارث القيسي، وكذلك النعمان بن بشير الأنصاري، وكلهم كانوا من أمراء الأمويين سابقاً..
واستطاع الأمويون ومن ساندهم من القبائل وبخاصة قبيلة كلب اليمانية أن يجمعوا أمرهم على مروان بن الحكم، وأن يسيروا إلى الجابية ثم إلى مرج راهط لكي يقنعوا الضحاك وجماعته على مبايعة الأمويين إلا أنه أبى ذلك، فوقع القتال بين الطرفين، ودارت الدائرة على أنصار ابن الزبير وفرّ موسى كما فرّ الضحاك وغيره، ولجأ إلى عبد العزيز بن مروان والي مصر الذي عفا عنه إذ اعتبره مجتهداً في أمره وفي هذه المسألة لمبايعة ابن الزبير، وقرّبه منه، فشكر له موسى هذا الأمر وكان عاملاً كريماً شجاعاً ورعاً تقياً لله تعالى، وكان من رجال العلم حزماً ورأياً وهمه ونبلاً وشجاعة وإقداماً ذكر عنه من ترجم له.

* موسى بن نصير والي إفريقية عام 86 هـ - 705 م:
-ولاه عبد العزيز بن مروان (والي مصر) إفريقية "ويطلق هذا الاسم على الشمال الإفريقي ليبية وتونس والجزائر والمغرب" عدا مصر، وكانت منطقة تغلي بالقلاقل، وتثور الاضطرابات فيها من فترة لأخرى، فوجد أن ذلك يعود لسببين رئيسيين:
1- كانت الفتوحات في هذه المنطقة تمتد بسرعة ولا يكفي عدد المسلمين لضبط المناطق المفتوحة لقلة عددهم، فقال موسى كلمة معبرة عن سابقه عقبة بن نافع: رحمه الله، كيف ينطلق ولم يحم ظهره؟ أما كان معه رجل بصير؟.
2- أما السبب الثاني: رأى أن الإسلام لم يكن قد تمكن في قلوب الناس هناك، وما زال البربر ينتقضون عليه كلما سنحت لهم فرصة. فاتبع سياسة جديدة؛ ذلك أنه لا يتابع الفتح من منطقة إلى أخرى قبل أن تستقر النفوس للخضوع لهذا الدين الجديد، وعمل على أن يمتلك الإسلام قلوب (البربر)، فبث بينهم العلماء والدعاة بدءاً من سنة 86 للهجرة، وهنا ملاحظة جديرة بالاهتمام لدى الدراسين وهي أن الانتشار الواسع للإسلام في العالم على هذه الرقعة الكبيرة منه لم يكن إلا في فترة وجيزة جداً بعد موت الرسول صلى الله عليه وسلم بستة وسبعين عاماً فقط.

-ولما دخلوا في دين الله أفواجاً، وصارت غالبيتهم جنداً للإسلام حقاً، قاتل بهم وبغيرهم الفئة التي لا تريد أن تخضع وتطغى على الناس، فلاحقهم موسى في الجبال وكاد أن يفنيهم -كما قيل- ولما وصل بخيوله إلى منطقة القبائل التي غدرت بعقبة بن نافع، قاتلهم قتالاً شديداً وانهزم البربر من أهل (سجومة)، ففتح موسى المدينة وقتل ملوكها، وأمر أولاد عقبة الثلاثة (عياضاً وعثمان وأبا عبيدة) أن يأخذوا حقهم ممن قتلوا أباهم، فقتلوا من أهل (سجومة) من البربر ستمائة رجل من كبارهم، ثم قال موسى كفّوا، فكفوا. وقال عياض بن عقبة: أما والله لو تركتني ما أسكت عنهم وفيهم عين تطرف، وبزوالها سقط الحاجز المعنوي والمادي الذي يصد الناس عن دين الله، ودخلت الآلاف إلى الإسلام وكان من بين الذين اعتنقوه قائد عظيم -سيكون له شأن في المستقبل القريب- من قادة البربر هو طارق بن زياد رحمه الله.

* نبذة عن موسى بن نصير:
- 19هـ ولد في الشام وهو من التابعين.
- ولاه معاوية البحر.
- بايع ابن الزبير بعد موت معاوية لكن ما لبث أن فرق الأمويون جمعهم فالتجأ إلى عبد العزيز بن مروان.
- صار وزيراً لعبد العزيز بن مروان والي مصر.
- 86 هـ تولى شمال غرب إفريقية.
- 92 هـ يعد المخطط الأول لفتح الأندلس.
- 92 هـ أرسل أول سرية إلى الأندلس بقيادة طارق بن زياد ففتح جنوبها.
- 93 هـ أعاد إخضاع جنوب الأندلس بعد تمردها وفتح عدة مدن أخرى.
- اشتهر بصلاحه وحبه للجهاد.
- 97 هـ توفي بالمدينة المنورة.



جبل طارق نقطة إستراتيجية وأساسية بالنسبة للساحل الإسباني الذي يراقب العبور من البحر الأبيض المتوسط إلى المحيط الأطلسي.


* إخضاع شمال إفريقيا:
-وأخضع موسى الشمال الإفريقي كله وخضعت له بذلك قبائل البربر. تلك التي أعلنت تمردها بعد أن عاهدت المسلمين. ولم تبق إلا مدينتان وهما طنجة وسبتة في القسم الشمالي الغربي من المغرب، تقابلان إسبانية، ويفصل بينهما وبين المضيق فقط.
-أرسل موسى قوة ذاتية أصيلة من الفئة المؤمنة الجديدة (البربر) عددها "9" آلاف بقيادة طارق بن زياد لفتح طنجة، وتم فتحها في مدة وجيزة.
-وقاد هو بنفسه جنداً لفتح سبتة التي كان يحكمها حاكم من قبل (غَيْطِشة) ملك إسبانية يدعى (يوليان) أو (جوليان)، وكانت مدينة محصنة بأسوارها الضخمة، واستمات أهلوها في الدفاع عنها، لذلك امتنعت من الفتح، ففك موسى الحصار عنها وولىّ طارق بن زياد أميراً على تلك المنطقة (طنجة) وما حولها، وعاد إلى عاصمة إفريقية (القيروان).



المسلمون يفتحون مدينة طنجة.


يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://nour-heart.ahlamontada.net
محيي الدين
المدير العام
المدير العام
محيي الدين


تاريخ التسجيل : 15/02/2009
المساهمات : 3811
العمر : 76
الموقع : مدينه المنصوره
العمل/الترفيه : بالمعاش

موسوعه تاريخ الاندلس Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعه تاريخ الاندلس   موسوعه تاريخ الاندلس Icon_minitimeالسبت يناير 21, 2012 10:07 pm

ثانياً: بدء الفتح وأعمال طارق بن زياد:
* عام 92 هـ - 711 مالجيش الأول بقيادة طارق بن زياد:
- هيأ موسى بن نصير جيشاً قوامه سبعة آلاف مجاهد جلهّم من البربر المسلمين وأمرّ عليهم طارق بن زياد سنة 92 للهجرة.
- وطلع موكب النور، ولا يحتاج النور إلى قوة قاهرة، ولا إلى جيوش جرارة، ولا أعتدة مدمّرة، ولا إلى ذهب يلمع، وإنما يحتاج -إن صح التعبير- إلى نوعية فرد يحب الموت لإعلاء كلمة الله، بل يرى أن الحياة تبدأ عندما يسقط أحدهم شهيداً فيقول: فزتُ وربِّ الكعبة.
- وفردٌ إلى فردٍ إلى فردٍ يؤسسون جنداً يمثلون قدر الله في الأرض، ومن يقف أمام قدر الله؟! ومن يصده؟!
- وهكذا كان المسلمون في فتوحاتهم على جميع الجبهات في مواجهة مختلف الأمم والنحل، فامتازوا بالعقيدة التي تفتدى بالنفس، وبالقيم الإنسانية التي يحملها الفاتحون إلى البلاد، ويعبرون عنها بسلوكهم على مختلف المسؤوليات والأوصاف. قال تعالى:{كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ }البقرة:249.



جيش المسلمين يستعد للفتح

* عام 92 هـ - 711 م العبور إلى الأندلس:
- عبر طارق بن زياد وجيشه المضيق منطلقاً من (سبتة) تحملهم السفن، وتجمعوا على جبل صخري عرف فيما بعد باسم (جبل طارق)، وكما عرف المضيق باسمه أيضاً، وهذه مكافأة دنيوية له بكل اللغات. قال تعالى:{ مَّن كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِندَ اللّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ } النساء:134.
- ولما علم أن القوط قد تجمعوا قريباً منه لصده بقيادة (تُدمير) التفّ حول الجبل المسمى باسمه، ونزل السهل الذي خلفه المسمى بسهول الجزيرة الخضراء.
- وحين علم (تدمير) بنزول طارق هناك أرسل رسالة مستعجلة إلى (لذريق) الذي كان في عمليات بالشمال لقمع ثورة أبناء الملك السابق، يقول فيها: أدركنا فإن قوماً نزلوا هنا لا يُدري أمن أهل الأرض أم من أهل السماء قد وطئوا بلادنا؟ وقد لقيتهم فلتنهض إليّ بنفسك.
- جاءه هذا الخبر فجمع جيشاً كثير العدد بلغ في بعض الروايات مائة ألف، وترك حامية هناك لمدافعة الثوار، وتوجه لدحر جيش طارق نحو الجنوب.
- لكن طارقاً أنشب القتال مباشرةً والذي دام ثلاثة أيام انتصر بعده على (تدمير) في أول لقاء مع القوط على الجزيرة الخضراء. وسيطر على جنوب الأندلس، ولما علم بتقدم (لذريق) بجيشه الكثيف أرسل خبراً عبر المضيق إلى موسى بن نصير يطلب المدد، فأمده بخمسة آلاف مجاهد، وليبلغ عدد جنده اثني عشر ألفاً.

* معركة برباط الحاسمة:
- استكشف طارق المنطقة ليختار مكاناً يحدده هو للقاء العدو الزاحف ملائماً لقلة عدد جنده وكثرة الأعداء، فاختار قرب الوادي (بَرباط)، ونهره، فخيم على ضفافه وانتظر حتى أتى القوط.
- وحدثت المعركة الفاصلة التي تعد من أهم معارك الأندلس.
- جيش الإسلام اثنا عشر ألفاً أكثرهم مشاة، وقليل منهم خيالة، وقائدهم طارق بن زياد، وجيش القوط مائة ألف أكثرهم خيالة، يقودهم حاكم الأندلس نفسه (لذريق)، إذ كان على سرير تحمله ثلاث بغلات مقرونات، ولباسه الملكي محلى بالذهب.
- فخطب طارق جنده يحمسهم ويعدهم إما الشهادة أو النصر، ويرغبهم في إعلاء كلمة الله، والتعالي على زخارف الدنيا ومشتهياتها، ويذكرهم بالآية الكريمة:{ إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } التوبة:111.
- وعمّا يذكر له من خطبة مطولة في بعض الكتب فإن حولها مقالاً، أضف إلى ذلك أنه من البربر والخطبة من بلاغتها تكاد تكون لقس بن ساعدة أو امريء القيس وكذلك ما يذكر من إحراق السفن، فكلا الأمرين غير ثابت تاريخياً.
- ويظهر أن الجيش القوطي كان مغتراً جداً بقوته، ومتأكداً إلى درجة حتمية النصر عنده، حتى أنهم أعدوا ما يحملون عليه أسرى المسلمين، فقد جاء مع الجيش دواب لا تحمل غير الحبال لربط الأسرى، وكأن نهاية المعركة ستكون لصالحهم، وكانوا يفوقون المسلمين في العدد والعدُد، ويحاربون في بلد يعرفونه ، وأرض يعرفون جغرافيتها ومداخلها ودروبها، إلا أن المسلمين كانوا متفوقين بالروح المعنوية، متعالين على منافع الحياة الزائلة ورغبات الدنيا، وما يقال: إن طارقاً وعد الجند بالنساء والأموال والذهب يكّذبه التاريخ، وواقع المسلمين.



معركة طارق بن زياد مع جيش القوط



معركة وادي برباط (أو وادي لكه)


- بدأت المعركة يوم الأحد الثامن والعشرين من شهر رمضان المبارك، ودارت واتصلت ثمانية أيام، ومّر عيد الفطر والمسلمون في قتال إلى يوم الأحد الخامس من شوال، وكانت تزداد عنفاً، وصبر الفريقان صبراً عظيماً، وسقط القتلى من الطرفين، إذ استشهد من المسلمين ربع الجيش أي ثلاثة آلاف شهيد كما ذكر الرواة.
- ولولا العقيدة وسمو الهدف في هذه المعركة لكانت الغلبة للقوط الذين قاتلوا قتالاً شديداً في مكان يعرفون أدق تفاصيله.
- لكن تفوق المسلمين بالعقيدة اكتسح مصاعب المعركة، وكان اللقاء حاسماً، ونصر الله المسلمين نصراً مؤزراً وشتتوا الجيش القوطي الذي ولى الأدبار، ونثروه على أطراف وادي (برباط).
- وتبعهم المسلمون وأوقعوا فيهم القتل والأسر، ومنهم من ألقى نفسه في النهر وفيهم قائدهم (لذريق) الذي مات غرقاً.
- وغنم المسلمون غنائم كثيرة، وأعظمها كانت الخيول الكثيرة، فلم يبق راجل في الجيش بعد هذه المعركة.

- قضت هذه المعركة الفاصلة (بَرباط) على معظم القوى العسكرية للقوط، ولم يلتق المسلمون بعدها بتجمع كبير لهم، وانتشر المسلمون انتشاراً واسعاً، فما أراد طارق بن زياد أن يضيع الوقت بل تقدم بسرعة، وسار بفتح البلدان بلدة فبلدة، وقد أصيب القوط بهلع وخوف شديدين.

* عام 92 هـ - 711 م اكتساح جنوب الأندلس:
- فتح طارق (شذونة) ثم مرّ بمدينة (مورور) وهي قريبة من قرطبة عاصمة الأندلس وبعد ذلك بمدينة (قَرمَونة) واستولى على (لقة) و (وإلبيرة) بعد حصار طويل، وأخضع (أريولة)، كل هذا النصر تم في شوال 92 للهجرة وذلك لسرعة الجيش المسلم الذي تحرك على الخيول وعدم استطاعة العدو أن يجمع الجموع.
- وصل إلى (إشبيلية) عاصمة الجنوب، ورأى أهلها أنهم لا يستطيعون صدّ المسلمين أو قتالهم فطلبوا من طارق الصلح فصالحهم على دفع الجزية.

* الفرق بين الفتح والصلح:
- أن المنطقة أو المدينة التي تفتح تصبح الأموال المنقولة وغير المنقولة غنيمة والناس سبياً بعد الفتح.
- أما الصلح فيكون حسب اتفاق الطرفين على بنوده، وأهم بند في الصلح أن يقر العدو بدفع الجزية، وهي مقدار دينار من الذهب على كل فرد في العام مرة. والتفصيل في كتب الفقه.

* فتح أستجة:
- تجمع القواط في منطقة حصينة جداً تدعى (أستجة)، واستطاع طارق أن يباغت قائدها خارج الحصن وأن يأسره وهو لا يعلمه، فقرر أن يصالحه فأطلق سراحه ووفى له هذا، وبفتح أستجة خضع الجنوب كله للفتح الإسلامي.
- اتجه طارق بن زياد بعد صلح مدينة (استجة) نحو الشمال ففتح (جيّان) على الطريق الرئيسي نحو العاصمة (طليطلة) التي فتحها طارق دون مقاومة تذكر.
- تسعة آلاف من المسلمين يفتحون الأندلس (إسبانية والبرتغال) في أشهر قليلة عام 92 للهجرة...

* المعاملة العادلة:
- عامل المسلمون أهل الأندلس كما عاملوا كل البلاد المفتوحة بما تتطلبه الحقوق الإنسانية (حق الحياة، حق العبادة، حرية المال والنفس والعرض) لأنهم لا تشغلهم الكنوز، ولا يتوجهون للعدوان على الأطفال والنساء والشيوخ، فهذه طبيعة القوات الإسلامية في كل عصر وكل زمان، مما يجعل الناس في البلاد المفتوحة يندهشون بما يرون، فيدخلون الدين بإيمان صادق ويقين تام، قال تعالى:{ لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ } البقرة:256.
- استقر طارق في طليطلة بعد أن تحرك شيئاً في شمالها بأمر من موسى بن نصير، ولينظم جيشه، ويستقر الوضع العام قبل أن يدخل المناطق الإسبانية الأخرى.



العدل الإسلامي في الأندلس



الفصل الثاني: موسى وطارق يفتحان الأندلس




ثالثاً: توجه موسى بن نصير للأندلس:
- لما وصلت أنباء هذا الفتح المبارك موسى بن نصير الذي كان يراقب أحداثه، ويهيئ متطلباته، فقالوا عنه: إنه كان ينكب على الدعاء والتضرع لله سبحانه، والابتهال إليه في أن ينصر جيش المسلمين، قرر أن يدخل الأندلس على رأس جيش قوامه (18) ألفاً يقوده بنفسه في رمضان عام 93 للهجرة.



المسلمون يقومون بالدعاء والابتهال لنصر جيش المسلمين في الأندلس



* موسى بن نصير.. المجاهد العابد:
- لم يكن موسى بن نصير مجرد قائد عسكري يقود الجيش بحنكته، بل كان نوعاً فريداً من القادة يعمل لحساب أمته ودينه لا لحساب جيبه ومصالحه، ولذلك كثرت في زمنه الفتوحات وانتشر الإسلام، كان تقياً دائم التضرع إلى الله، اتصل رجاؤه بقوة خالق السماء والأرض، وكان يخرج أهله معه في كل معركة ويرى أن ذلك أقرب إلى للنصر، ومما يذكر عنه في إحدى غزواته أنه صلى بهم صلاة الاستسقاء واشتد تضرعه لله فقال له أحد قواده: ألا تدعو لأمير المؤمنين؟ فأجابه موسى إجابة الموحد لا القائد المتزلف المداهن: هذا موقف ما ينبغي أن يذكر فيه إلا الله عز وجل.
- وكان يكثر التضرع إلى الله قبل كل غزوة وقد ذكر له الرواة بعض الكرامات لا نستغربها على تابعي تقي مثله.

* عام 92 هـ - 711معبور موسى:
- جاز موسى من (سبتة) المضيق، ومعه جمع كبير من التابعين، وصحابي واحد هو المنيذر الإفريقي رضي الله عنه، وولى ابنه عبد الله على (القيروان) عاصمة الشمال الإفريقي آنذاك.
- واجتمع إليه المسلمون والقادة في الجنوب الأندلسي حيث نزل في جبل يدعى جبل موسى أيضاً، وحينما استكمل ترتيباته بني مسجداً في المكان نفسه، ضبط قبلته تابعي يدعى (حنش بن عبد الله الصنعاني) رضي الله عنه.
- وقد سمي هذا المسجد (مسجد الرايات)، وقد دمّره القوط فيما بعد فيما يسمى بحرب الاسترداد، ولا تزال آثاره موجودة شاهدة على عظمة من أنشأه.
- فهو قائد يعرف هدفه وغايته كما يقول أحد الشعراء في وصف قادة المسلمين:


أينما حلّ فالمآذنُ ترجيعُ أذان المهيمن ِ الديّان ِ





رسم في كتاب أندلسي نادر يشير إلى عبور المسلمين نحو الأندلس



خط سير طارق بن زياد



* عام 93هـ - 712مموسى يعيد إخضاع الجنوب:
- كان طارق بن زياد يفتح المدن في وسط الأندلس، وكانت المدن التي افتتحها في الجنوب تنقض على المسلمين واحدة تلو أخرى ، إذ ما كان باستطاعته -رحمه الله- أن يترك حامية كبيرة، فتحرك موسى ابن نصير ليعيد إخضاع الجنوب بعده، فأخضع "شذونة" ثم قصد "قرمونة" وكانت مدينة صعبة ليس في الأندلس أحصن منها، فحاصرها ثم عمل حيلة لاقتحامها حين اتفق مع جماعة من أصحاب "يوليان" على أن يفروا من أمامهم، ويتوجهوا للاحتماء بالحصن، فأدخلهم أهل المدينة ولما جاء موسى بخيله فتح هؤلاء لهم الأبواب.
- هؤلاء في العرف العام "الطابور الخامس" همّ هذا الطابور أن يلعبوا كيف كانت الأحوال , وغايتهم أن يحفظوا مصالحهم.

- ومن هذه التجربة علينا أن نربي أجيالنا على الولاء المطلق الصادق لله ولرسوله وللمؤمنين حتى لا يُستغلوا من قبل الأعداء الذين يشترون الذمم بالمال والجاه والنساء، ولا يقبل ذلك إلا ضعاف النفوس ومن يقاتل من غير هدف ولا مبدأ.

* عام 94هـ - 713مفتح ماردة:
- وانتفضت "إشبيلية" فحاصرها موسى أشهرا ثم أخضعها وأخضع "باجة" وهي بلدة قريبة منها، هرب إليها حامية "إشبيلية" وجنودها، وقصد بعد ذلك مدينة "ماردة"، وقد كانت حصينة لها سور لم يبن الناس مثله كما وصفها الرواة.
حاصر موسى المدينة، وما استطاع المسلمون أن يعتلوا الأسوار أو يخترقوها، فأمر بصنع دبابة، وكانت آلة مصنوعة من الخشب مغطاة بالجلود، وبالأقمشة المبللة لا تخترقها النبال وتطفأ النيران إن صبت عليها.
- هاجم جماعة من المسلمين بالدبابة يحتمون بها، فعملوا لإيجاد ثغرة في السور حتى اعترضتهم صخرة صماء أتعبتهم، وامتنعت عن التفتيت أو الخرق، فاغتاظ القوط منها وصبوا عليها النيران وأرسلوا الأحجار فوقها وهاجموها من كل جهة حتى استشهدت تلك الجماعة المسلمة تحت برج لا يزال يدعى برج "الشهداء" إلى اليوم.

- رأى أهل "ماردة" إصرار موسى على الفتح، فأرسلوا يطلبون إليه الصلح، فأجابهم وصادف ذلك عيد الفطر: 1 شوال عام 94 للهجرة، فصار للمسلمين عيدان: عيد الفطر ويوم الفتح.
- وثارت إشبيلية للمرة الثالثة، فأرسل موسى بن نصير جيشاً صغيراً (سرية) بقيادة ابنه عبد العزيز -وسيكون له شأن في الأندلس- فدخلها وحطم قوتها، وكسر قوة أخرى تجمعت قربها في مدينة تدعى "لبلة"، وأرسل إلى طارق بن زياد حين تحرك تجاه "طلبيرة" وهي منطقة غرب "طليطلة" يدعوه إلى لقائه، فالتقى القائدان الجليلان في "طلبيرة" في ذي القعدة عام 94 للهجرة.



* إبلاغ الخليفة في دمشق:
- كتب موسى بن نصير إلى الخليفة في دمشق يخبره بأخبار الفتح وتفصيلاته ومعلوماته، واختار التابعي علي بن رباح رسولاً إلى الوليد، فلما دخل عليه قال: تركت موسى بن نصير بالأندلس وقد أظهره الله ونصره، وفتح على يديه ما لم يفتح على يد أحد، وقد أوفدني إلى أمير المؤمنين في نفر من وجوه من معه بفتح من فتوحه. ثم رفع إليه الكتاب من عند موسى، فقرأه الوليد فلما أتى على آخره خرّ ساجداً لله سبحانه.





رسول موسى بن نصير يصل إلى الخليفة في دمشق





* عام 95هـ - 714ماستقرار الفتح:
- ولما حلّ فصل الشتاء -والقتال في الشتاء صعب- مكث في طليطلة للراحة والاستعداد لما بعد الشتاء، ولتنظيم قوته، وللعمل على استقرار المنطقة، ونشر العقيدة الجديدة فيها، فقام بصك العملة (الدراهم والدنانير الإسلامية) وذلك في عام 95 للهجرة بعد ثلاث سنوات من ابتداء الفتح.
- أيقن القوط أن هؤلاء الفاتحين ليسوا كغيرهم من الغزاة، إذ ما جاؤوا لمغنم أو سلب، وما قدموا للعلو في الأرض ولا استكباراً، إنما حلّوا للتمكن من الاستقرار والاستخلاف في الأرض على منهج النور، كما قال تعالى:{الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ}الحج41.
- وجاء أبناء الملك السابق "غيطشة" يطلبون المزارع وفاء بالعهد الذي قطعه موسى بن نصير، فكان خير وفيّ رحمه الله، وكذلك يكون كل مسلم حقاً! فأزال مجتمع الطبقات في الأندلس، وألغى عبودية البشر للبشر واستقر عملياً قول الرسول صلى الله عليه وسلم كلكم لآدم وآدم من تراب ).
- وما حدث في اللقاء بين القائدين العظيمين موسى بن نصير وطارق بن زياد لم يعد مناقشة أو استفهاماً، إذ قال له موسى: ما دعاك إلى الإيغال والتقحم في البلاد بغير أمري؟ فاعتذر طارق إليه بخطته العسكرية تجاه الظروف المستجدة، فقبل موسى عذره وسارا من بعد سوية إخوة مجاهدين.

- "وكل ما قيل غير ذلك عن هذين المجاهدين هي أوهام يتقولها بعض الدارسين، أو أقوال ضعيفة واهية على لقاء هذين القائدين لا تستحق المناقشة والرد عليها".





خط سير موسى بن نصير






سرية عبد العزيز بن موسى


يتبع






الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://nour-heart.ahlamontada.net
محيي الدين
المدير العام
المدير العام
محيي الدين


تاريخ التسجيل : 15/02/2009
المساهمات : 3811
العمر : 76
الموقع : مدينه المنصوره
العمل/الترفيه : بالمعاش

موسوعه تاريخ الاندلس Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعه تاريخ الاندلس   موسوعه تاريخ الاندلس Icon_minitimeالسبت يناير 21, 2012 10:14 pm

ثالثاً: مقدمات فتح الأندلس:
1- التمكن من البحر:
- أخذ موسى بن نصير رحمه الله يفكر في فتح الأندلس، فرأى أنه يمكن للرومان والأسبان (أهل الأندلس حينذاك القوط وغيرهم) أن يهاجموا الشمال الإفريقي في كل وقت يريدون، لأنهم يملكون الأساطيل البحرية، وأن لهم قوى بحرية كبيرة ليس للمسلمين ما يدفعها أو يواجهها. ففكر بتخطيط (استراتيجي) بعيد النظرفلم يستعجل، وقرر إنشاء قوة بحرية للمسلمين لتستطيع صد غارات الروم والأندلس، فأسس قاعدة بحريةفي تونس، وجهز في مدة قليلة ما يقارب المائة سفينة حربية.



موسى بن نصير على مشارف الأندلس

* عام 85 هـ - 704 مغزوة الأشراف:
- وأراد بعد ذلك أن يكون هو سيد البحر بلا منازع في منطقة الشمال الإفريقي، فأعلن أنه يريد غزو البحر، وتجمع حوله الناس من كل صوب وعلى رأسهم الأشراف الذين وفدوا إليه في هذا النوع الجديد من جند المسلمين الذين يحملون العلم والمعرفة الإسلامية إلى العالمين، ولكثرة عدد الأشراف سميت الغزوة باسمهم: (غزوة الأشراف)، لكنه رأى أن لا يخرج بنفسه فأرسل ابنه (عبد الله). واستطاعت هذه الحملة إخضاع (صقلية) لحكم الإسلام.

* فتح سردينية:
- ورأس حملة أخرى بعد ذلك بقيادة (عطاء بن أبي نافع الهذلي) لفتح (سردينية) وهي جزيرة كبيرة في البحر المتوسط، تقع شمال (صقلية) فافتتحها، ولما أراد العودة إلى الشمال الإفريقي نصحه موسى ألا يرجع في ذلك الوقت إذ كان موسم هبوب الرياح العاتية، ونشوء العواصف، لكنه لم يتبع النصيحة -وهذه من بعض الأخطاء التي يقع فيها القواد العرب- فغرق في البحر وصحبه رحمهم الله.



المسلمون ينزلون من البحر لفتح سردينية

* عام 89 هـ - 708 م جزر البليار:
- وأرسل بعد فترة ابنه عبد الله لفتح سردينية مرة ثانية، وليبسط سيطرة المسلمين على جزر البليار في غربها، وهي ثلاث جزر كبيرة تقع شرق الأندلس وتدعى جزر البليار الشرقية، وتم بهذا الفتح استقرار المنطقة، وخضع البحر بجزره وشوطئه لسلطان المسلمين.

2- جغرافية الأندلس:
- يشبه شكل الأندلس إلى حد ما من الناحية الطبيعية والموقع شكل المربع، وتقع زاوية تنحدر نحو الجنوب الغربي تسمى منطقة جبل طارق. وفيها أنهار كثيرة وعديدة وتتميز بوجود خمسة أنهار كبيرة منها نهر (دويرة) ونهر (شُقر)، ونهر (الوادي الكبير).
- وتعلو سطح الأندلس سلاسل جبلية عديدة أشهرها جبال الثلج في الجنوب، ومتوسط ارتفاعها 3،5 كم.
- كما تعلو في الشمال جبال البيرينية ويسميها العرب جبال (البرانس) ويبلغ متوسط ارتفاعها 3،5 كم أيضاً إلا أنها منيعة جداً، وليس فيها ممرات تذكر فلا تسمح بمرور قوات عسكرية كمجموعات كبيرة إلا ممر واحد، ولذلك كانت هذه السلسلة سداً منيعاً لفرنسة في الجنوب من جهة إسبانية.
- ويفصل بحر الزقاق (مضيق جبل طارق) الأندلس عن الشمال الإفريقي، وهو بحر صغير وضيق عرضه 13 كم، ويستطيع أن يرى الناظر الشط الأوربي من المغرب بالعين المجردة.

- من أقوال العرب في وصف الأندلس:الأندلس شامية في طيبها وهوائها، يمانية في اعتدالها واستوائها، هندية في عطرها وذكائها، أهوازية في عظم جبايتها، صينية في جواهر معادنها، عدنية في منافع سواحلها.



منظر عام من أرض الأندلس



كتاب أخبار مجمعة ويبدو من الكتابة الواضحة قصة الفتوحات لموسى وطارق وعبد الرحمن الداخل

3- سكان الأندلس:
- سكنها الروم منذ عام 201 ق.م، وكان لقب الروم يطلقه العرب على كل الأجناس التي كانت تسكن أوربة.
- وقد هاجمت أوربة بدءاً من القرن الخامس الميلادي قبائل من الشمال تعرف باسم قبائل الفاندال، فأشاعت الذعر والرعب في أوربة كلها، وكانت همجية دمرت كل ما كان من حضارة الروم، فأطبق على أوربة ليل حالك من القرن الخامس إلى القرن العاشر، وكان هذا الليل يزداد ظلاماً وسواداً، يظلم الكبير فيه الصغير، ويأكل القوي فيه الضعيف، ويتسابق الناس في اللهو والفجور، ويتنافسون في الجاه والأموال وأسباب الترف والنعيم، حتى وصلت هذه القبائل إلى الأندلس واستقرت فيها.
- أطلق عليها اسم (فاندلوسيا) لأن قبائل الفاندال قد بلغتها، ومن هذا الاسم اختصر العرب كلمة (الأندلس).



بعض الآثار الرومانية الباقية في مالقة وخلفها قلعة مالقة التي بناها المسلمون



* القوط:
- ثم استطاعت قبيلة أخرى تدعى (القوط) وهي قبيلة همجية كسابقتها جاءت من ألمانية، وسيطرت على الأندلس، وأقامت حضارة استمدت من حضارة الرومان، وحكمت الأندلس ثلاثة قرون حتى أوائل القرن السادس الميلادي، وبقيت تتمتع بقوة عسكرية مدربة وقوية، تقارع الأحداث، وتقف للمواجهات، وتوالى على الحكم ست وثلاثون ملكاً منهم.



أحد المدرجات الرومانية القديمة في إشبيلية

* حياة بائسة:
- وكانت حالة الأندلس وهي تعيش حياة بائسة، زيادة على تسلط الكنيسة وسطوتها، كما كانت حالة الشعوب الأوربية، تستخدم النعرات بين الناس وإثارة الفتن بين مختلف فرق النصارى مصداق قوله تعالى:{ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ } المائدة:14، وتؤجج الشعور الديني الكامن في فطرة الإنسان للقيام بالحروب كالصليبية مثلاً.
- كانت الأندلس تشكو الفساد الاجتماعي وعدم الاستقرار، وقد قسم الشعب إلى طبقات عديدة، كطبقة الحكام المترفين والأسرة المالكة. تملك كل شيء، ولها كل شيء، بينما على طبقة سواد الشعب كل الواجبات، ويطلب منها تنفيذ كل أهواء أهل القوة والبطش الذين يستغلون الشعب الذي هو في الشقاء أصلاً لسوء الأحوال المعيشية، فيثيرون الصراع المستمر بين الطبقات ذاتها، وهي حال أوربة بشكل عام.



إحدى القناطر الرومانية على أحد الأنهار الأندلسية




قنطرة رومانية مرممة في عهد فيليب الخامس

4- أشهر المدن الأندلسية:
- في منطقة الجزيرة الخضراء وهي منطقة الجنوب التي تقع شمال جبل طارق مدينة (إشبيلية)، وإلى الشمال الشرقي منها تقع مدينة (قرطبة)، وإلى الشرق منها تقع (غرناطة).
- أما العاصمة (طليطلة) فتقع في وسط الأندلس، وهناك مدن كثيرة أيضاً منها (سرقسطة) في شمال شرق الأندلس قريبة من حدود فرنسة، وتقع (ليون) عاصمة منطقة الشمال الغربي، أما (جيليقية) فتقع في أقصى شمال الأندلس.




أشهر المدن الأندلسية




موسى وطارق يفتحان الأندلس


أولاً: مراسلات موسى بن نصير:
* مراسلات الوالي موسى بن نصير مع الخليفة الوليد:
- بعد أن أرسى موسى بن نصير ومن معه الإسلام في شمال إفريقية، تطلع إلى ماوراء المضيق (بحر الزقاق)، فأرسل إلى الخليفة الوليد بن عبد الملك في دمشق يستأذنه في اقتحام الأندلس، فكتب إليه الوليد -رحمه الله- أن خضها بالسرايا حتى ترى وتختبر شأنها، ولا تعزر بالمسلمين في بحر شديد الأهوال، لم يكن المسلمون قد أصبحوا أمة بحرية بعد، ولم يكونوا قد مارسوا عملياً غزو البحار إلى أمد طويل، لأنهم أبطال البر والصحارى، لذلك لم يأذن الخليفة له خوفاً عليهم.
- لكن موسى بن نصير أقنع الخليفة بأنه ليس ببحر زخّار، فأرسل إليه قائلاً: إن كان كذلك فلا بد من تجربته بالسرايا.



مراسلات المسلمين


* طريف بن مالك أول من يطأ الأندلس:
- وبعد اطمئنان الخليفة وموسى بن نصير بنتيجة المراسلات التي تمت بينهما، أرسل سرية استطلاعية بقيادة طريف بن مالك رحمه الله بأربعمائة مجاهد تقلهم أربعة مراكب فقط، في رمضان عام 91 للهجرة، والتف حول الجبال ونزل بجزيرة -قرب الجزيرة الخضراء- تحمل اسمه، فهو أول مسلم من الشمال الإفريقي تطأ قدماه أرض الأندلس.
- أدى طريف مهمته بنجاح، وجمع المعلومات عن أوضاع الأندلس، وقدم تقريراً عملياً بأن الأوان قد حان للفتح الكبير.

* ماذا كان في الأندلس؟
- مات (أخيكا) ملك إسبانية حوالي 700 م، وتولى الملك بعده ابنه (غَيْطَشَة)، وقبل الفتح بسنة تقريباً قام أحد قواد الجيش ويدعى (لذريق) -واسمه في لغتهم (رودريكو)- بالاستيلاء على السلطة، وقتل غيطشة في الصراع لاستعادة الحكم، وفرّ أبناؤه ليجمعوا أنصارهم إلى شمال الأندلس وبدؤوا يثورون ضد الحكم المستبد الجديد، ولكن أحد أبناء الملك السابق التجأ إلى (يوليان) حاكم سبته في الشمال الإفريقي الذي كان من أنصار والده.
- ولما تحرك (لذريق) نحو الشمال للقضاء على أعوان الملك وأبنائه، وجد الابن الذي في سبتة مع حاكمها (يوليان) الفرصة المواتية للانتقام من المغتصب إذ رأيا أنهما لا يستطيعان عمل أي شيء بمفردهما فلا بد من دعم جيش قوي لهما.



يوليان يعرض على موسى بن نصير أن يسلمه مدينة سبتة!..


* الاتصال بموسى بن نصير:
- كان (يوليان) هو البادئ إذ عرض على موسى بن نصير أن يسلمه مدينة سبتة ويترك له أن يفتح من الأندلس ما يشاء، ولما استفهم موسى منه ماذا يريد مقابل ذلك منه؟ أجابة ابن (غيطشة): نحن لا نطمع في ملك، وإنما نطمع إن تمّ لك الأمر أن تعيد لنا مزارع والدنا الملك فقد كانت له ألف مزرعة ضخمة موزعة على أنحاء الأندلس. فهذه هي نفوسهم.
- همهم المال وهم أحرص الناس على حياةٍ وإن كانت ذليلة، وكما قال الشاعر:


من يَهُن يسهلِ الهوانُ عليهِما لجرحٍ بميتَّ ٍ إيلامُ
- رأى موسى بن نصير هذا العرض بخساً فليدفع المزارع لهم، لينال هو شرف الفتح -فتح الأندلس- بالإضافة إلى تسليم مدينة (سبتة) التي لم يستطع فتحها من قبل، أليس هذا عرضاً مغرياً؟!




يتبع









الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://nour-heart.ahlamontada.net
محيي الدين
المدير العام
المدير العام
محيي الدين


تاريخ التسجيل : 15/02/2009
المساهمات : 3811
العمر : 76
الموقع : مدينه المنصوره
العمل/الترفيه : بالمعاش

موسوعه تاريخ الاندلس Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعه تاريخ الاندلس   موسوعه تاريخ الاندلس Icon_minitimeالسبت يناير 21, 2012 10:21 pm


رابعاً: التحرك نحو فتح الشمالعام 95هـ -714م:
- اتجه جيش المسلمين بعد انتهاء الشتاء وحلول الربيع نحو (سرقسطة) عاصمة الشمال، وجعل موسى طارقاً في مقدمة الجيش الذي اتجه نحو الشمال الشرقي وافتتح مدينة (سرقسطة) بسهولة ويسر ودون مقاومة تذكر.

* بناء مسجد سرقسطة:
- وبعد وصول الجيش كاملاً أسس حنش بن عبد الله الصنعاني بأمر من موسى بن نصير (مسجد سرقسطة)، وهو إن صح التعبير مهندس المساجد في الأندلس. ( أحب البلاد إلى الله مساجدها وأبغض البلاد إلى الله أسواقها )، هو بيت الأتقياء ومكان اجتماع المسلمين يومياَ، ومركز مؤتمراتهم، ومحل تشاورهم وتناصحهم، منه خرجت جيوشهم ففتحت مشارق الأرض ومغاربها.
- يعزي المسلم أخاه إن أصابته مصيبة في المسجد، ويهنئه إن ناله فرح أو سرور، مدرسة يتخرج منها العلماء والفقهاء، فكما قال أحد العلماء:
المسجد هو المعبد في الإسلام، وهو البرلمان، وهو المدرسة، وهو النادي، وهو المحكمة ، وهو ملتقى الأمة في أحوالها كلها، لذلك ما كان المسلمون يطؤون أرضاً جديدة، إلا ويؤسسون المساجد أسوة بالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم الذي اهتم بإنشاء مسجده حين قدم المدينة المنورة، فشأن المسجد شأن الإسلام نفسه متكاملاً في مختلف جوانب الدين والسياسية والاجتماع.



ساراقوس الجعفرية، الجانب الشرقي للقصر معبر إلى داخل مسجد سرقسطة



* اتساع الفتح ومهاجمة فرنسا:
- ثم فتحت المناطق التابعة لسرقسطة وما حولها من المدن التالية: (وشقة)، (لاردة)، (طرّكونة)، و(برشلونة) دون جهد أو قتال يذكر، وبعد إقامته مدة في (سرقسطة) غزا كما في بعض المصادر التاريخية جنوب فرنسا حين أرسل طارقاً نحو الغرب، وأرسل غيره إلى بعض الأطراف والحصون، فتحرك هو متجهاً نحو جنوب فرنسا ينوي فتح القسطنطينية والوصول إلى دمشق، أي أنه كان ينوي فتح فرنسا، وشمال إيطاليا، ثم يوغوسلافيا وبلغاريا، فيصل إلى الدولة البيزنطية، فتركية إلى دمشق!.
- كان صاحب طموح عال ٍ، عمره أربع وسبعون سنة وليس معه من الجند إلا ثلاثون ألفاً يقول في نفسه: إذا استعصت القسطنطينية على الفتح من جهة الشرق؛ فليأتها هو من الغرب لعله يفتحها.
- عبر جبال البيرينيه وفتح مدينة (قرقشونة)، وحصن (لوذون)، وصخرة (أبنيون) ومدينة (أرغون) وكاد أن يسيطر على جنوب فرنسا، إلا أن تابعياً جليلاً أوقفه ناصحاً، فتقدم أمامه وأمسك بزمام فرسه وقال له: أتذكر ما قلت أنت عن عقبة بن نافع ؟ أنا بصيرك اليوم! تتقدم ولم تحم ظهرك؟، فقال له مبتسماً: أرشدك الله، وعاد بجيشه إلى الأندلس. ومات حبان بن أبي جبلة ذلك التابعي الجليل الناصح في (قرقشونة) ودفن هناك.


هذه آثارنا تدل علينا فانظروا بعدنا إلى الآثار



لوحة من الضفائر في سرقسطة، زخرفة ونقش على الجص



* عام 95هـ - 714 مفتحغرب الأندلس:
- رجع موسى بن نصير إلى الأندلس واتجه لفتح شمال غرب الأندلس، واقترب من (خيخون) عاصمة منطقة (ليون)، ولما كان في (أشترقة) أدركه "مغيث الرومي" رسول الخليفة الوليد بن عبد الملك، فأوقفه قائلاً: إن أمير المؤمنين يأمرك بالخروج من الأندلس، والإضراب عن التوغل فيها، والعودة إليه في دمشق.
- ساء موسى هذا الأمر ولاطف رسول الخليفة، وسأله أن يتابع معه لفتح عاصمة المنطقة، فاستجاب له رسول الخليفة، وفتحا معاً (خيخون) ومناطق أخرى إلا منطقة الصخرة، ومن ثم توجه إلى (جيليقية) حيث افتتح فيها أماكن أخرى منها: حصن (لُك)، وبث السرايا حتى بلغوا صخرة (بلاي) في أقصى الشمال. فجاءه رسول آخر هو "أبو نصر" من قبل الخليفة الوليد بن عبد الملك، فقبض على عنان فرسه وأرجعه معه.




قتال المسلمين لفتح الأندلس



* صخرة بلاي:
- سقطت الأندلس كلها سوى صخرة بلاي والتي سميت باسم القائد النصراني الذي التجأ مع ثلاثين مقاتلاً من القوط إلى مغارة حصينة في تلك المنطقة المسماة (كوفادونجا) والتي استعصت على السرايا الإسلامية لأنها سلسلة من الجبال الوعرة والجافة، مع أن باقي التجمعات الأخرى أو الجيوب المبعثرة هنا وهناك في تلك المنطقة قد قضي عليها.
- تركت منطقة الصخرة والثلاثون مقاتلاً! فهل كان هذا تهاوناً من موسى وطارق رحمهما الله أم أنهما أجبرا على العودة إلى دمشق؟
- أم كان هذا تهاوناً من المسلمين الذي جاؤوا من بعدهما؟ وبقوا هناك دون أن يتقدموا لإنهاء هذا الجيب الذي كان (القشة التي قصمت ظهر البعير) كما يقال. وما يظن أن القائدين العظيمين كانا سيتركان ذاك الجيب دون فتح لو بقيا هناك، وصارت صخرة بلاي هذه مصدر إزعاج للمسلمين ومركز تحرك للنصارى في تاريخ الأندلس قال تعالى:{ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} آل عمران:140، وهذا من قدر الله سبحانه.




ظلت صخرة بلاي شوكة في خاصرة نفوذ المسلمين في الأندلس



حملات في الأندلس - حملة موسى وطارق وسرايا موسى




خامساً: عودة موسى وطارق إلى دمشق:
* عام 95 هـ - 714 مالحشر وليس الفتح:
- تمّ فتح الأندلس (ماعدا الصخرة) في ثلاث سنوات، بالإيمان والعزيمة، وأُخضع شبه الجزيرة الإيبيرية في هذه المدة اليسيرة، وكان مما أخبر موسى بن نصير الخليفة: إنها ليست الفتوح، ولكنها الحشر.فأوقف الخليفة الفتح تخوفاً على المسلمين من الإيغال السريع في تلك المناطق النائية، ومع هذا فقد دخل أهل الأندلس أفواجاً في دين الله، بدأ الفتح سنة 92 للهجرة واستمر إلى أواخر 95 للهجرة.









دينار أموي (715-717، 96-99 هـ)



* ترتيب أمور الأندلس وعودة موسى:
- وترك موسى عمليات الفتح في الشمال وعاد ومعه طارق بن زياد إلى إشبيلية، فأقام بها مدة يرتب أمور الأندلس، وعين ابنه عبد العزيز والياً عليها، وجعل العاصمة هناك لموقعها في وسط الأندلس، وعبر هو ومن معه المضيق في نهاية ذي الحجة عام 95 للهجرة، قاصداً دمشق.
- فدخل طنجة وولى ابنه الثاني عبد الملك عليها والمناطق التابعة لها، ثم وصل إلى القيروان (عاصمة إفريقية) فولى أكبر أبنائه عبد الله على إفريقية، ثم دخل مصر وعاصمتها (الفسطاط) "في ربيع الأول عام 96هـ" فأكرم هناك أبناء عبد العزيز بن مروان إكراماً يليق بأفضال أبيهم عليه سابقاً.
- ودخل بلاد الشام مجداً حتى وصل إلى دمشق في أوائل جمادى الأولى سنة 96 للهجرة، والخليفة الوليد بن عبد الملك مريض، وتوفي الخليفة رحمه الله بعد وصول موسى بأربعين يوماً.






دمشق والمسجد الأموي الشهير فيها والذي بناه الخليفة الوليد بن عبد الملك الأموي



* عام 96 هـ - 96هـ716موفاة القائد العظيم:
- وبويع بالخلافة سليمان بن عبد الملك، ولما أراد هذا أن يحج أكرم موسى ودعاه للحج معه، وكان موسى بن نصير رحمه الله يدعو خلال سني الجهاد 40 عاماً: اللهم إني أسألك الشهادة في سيبلك أو الموت في مدينة نبيك، وهو كما قال عن نفسه: ماهزمت لي راية قط، ولافض لي جمع، ولا نكب المسلمون معي نكبة منذ اقتحمت الأربعين إلى أن شارفت الثمانين، فاستجاب الله له، وتوفي بالمدينة المنورة وعمره ثمانٍ وسبعون سنة في عام 97 للهجرة ودفن في المدينة المنورة.
- مات القائد المسلم موسى بن نصير بعد أن نشر الإسلام على أودية المغرب العربي، والأندلس، وأسمع الناس هناك نداء العقيدة الصافية أن اخرجوا من الظلمات إلى النور، ولم يكن طامعاً في مغنم أو جاه أو أي شيء آخر من متاع الحياة الدنيا , قال الله تعالى:{ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ} آل عمران:185.
- أما عن القائد طارق بن زياد فليس بين أيدينا ما يسعفنا لمعرفة أخباره بعد وصوله إلى دمشق، وكيف كانت نهايته، والله لا يضيع أجر من أحسن عملاً، وما عند الله خير وأبقى.






ملخص أحداث بداية الفتح الإسلامي في الأندلس:
23 هـ
عقبة بن نافع يفتح المغرب.
85 هـ
إخضاع صقلية (غزوة الأشراف).
89هـ
فتح سردينية وجزر البليار.
92هـ
فتح الأندلس على يد طارق بن زياد.
93هـ
عبور موسى للأندلس.
94هـ
فتح ماردة.
95هـ
عودة موسى بطارق بن زياد إلى دمشق.
96هـ
خلافة سليمان بن عبد الملك.
97هـ
وفاة القائد العظيم موسى بن نصير.



* فتح الأندلس...حقائق وعبر:
- مابين فتح الأندلس وحتى سقوطها تاريخ طويل، فيه البطولات وفيه الأمجاد وفيه أيضاً بعض الخيانات، تاريخ تحكيه الفرحة والبسمة وترويه الحسرة والدمعة، لكن يكفينا أن المسلمين ما دخلوها إلا للهداية والنور، والتاريخ شاهد على ذلك، إن قوماً حولوا الأرض الجدباء إلى جنة نضرة، وبدلوا الجهل بحضارة، ورفعوا الظلم ونشروا العدل لايمكن أبداً أن يكونوا غزاة أو مستعمرين.




وفي البرتغال وإسبانية ازدهرتآثارنا وسمت دهراً مبانينا
كم من قصور وجنات مزخرفةفيها الفنون جمعناهاأفانينا
وكم مساجد أعلينا مآذنهافأطلعت أنجماً منها معالينا



*ولن نستبق الأحداث فتاريخ الأندلس كله بين يديك -أيها الأخ القارئ- إنما نتوقف مع نقاط نراها مهمة فيما مر:
1- المراسلات التي تمت بين موسى بن نصير والخليفة الوليد بن عبد الملك رحمهما الله تعالى قبل خوض البحر لفتح الأندلس يظهر منها جلياً خوف الخليفة على جند الإسلام حيث قال الوليد لموسى:(خضها حتى ترى وتختبر شأنها ولا تغرر بالمسلمين في بحر شديد الأهوال).
- فهو لا يريد أن يزج بهم في مغامرة أو مخاطرة ولو كان ورائها فتح أو غنيمة، وهذا حدث يحسب للوليد بن عبد الملك حيث وقف من المسلمين موقف الأب العطوف الذي يخشى على أولاده الضياع والأذية متحققاً بوصية النبي صلى الله عليه وسلم اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فارفق به، ومن شق عليهم فاشفق عليه ) رواه مسلم.
- مستذكراً مسؤوليته أمام الله عن شعبه، وله في عمر بن الخطاب أسوة حسنة حين قال لو أن شاة في العراق عثرت لرأيتني مسؤولاً عنها أمام الله، لِمَ لمَ تمهد لها الطريق يا عمر؟ ).

- ولو أن حكامنا اليوم تحققوا بهذه الرحمة وتحملوا المسؤولية على أنها أمانة يحاسبون عليها أمام الله تعالى لصلحت أمور كثيرة، ولما قدموا مصالحهم الضيقة على مصلحة الأمة، لما قادوا أمتهم وشعوبهم إلى الدمار والذل والهوان ليحافظوا على كرسي أو منصب، ولما قدموا الخيانة تلو الأخرى ليرضوا أعداء الله، حتى هانت عليهم شعوبهم -مع أنهم أبناء جلدتهم وعقيدتهم- فيرون المسلمين يذبحون ويلاحقون وتنتهك حرماتهم وحقوقهم ويؤخذون أسرى إلى بلاد المشركين بتهم كثيرة وهم ينظرون لا يحركون ساكناً ولا يهتز لهم طرف، بل ربما سلموا مواطنيهم إلى أعدائهم ليرضوا عنهم والله ورسوله أحق أن يرضوه إن كانوا مؤمنين.


هانت شعوبهمُ عليهم فغدت مذلولة في أَسرِ من لا يرحم
أَوَ هكذا أُمروا؟ فكيف بمسلم يرميه للأعدا الأمير المسلم

2-قصة حصار (قَرَمونة) حينما امتنعت على المسلمين فاتفق موسى بن نصير مع بعض أصحاب يوليان على حيلة ذكية وهي أن يفروا من أمام جيش المسلمين ويتوجهوا للاحتماء بالحصن فأدخلهم أهل الحصن ولما جاء موسى بخيله فتح هؤلاء لهم الأبواب.





عملة الفاتح الأموي- الأندلس، 714(95هـ)



- وليس في ذلك ما يضير المسلمين فالحرب خدعة وتخطيط ودهاء ولكن ما يستوقفنا هو رضا أولئك النفر أن يكونوا عملاء ضد قومهم وثغرات يؤتى أهلهم من قِبلها، وهذا لا نستغربه على مشرك لا يدين دين الحق ولا أدبته تعاليم الإسلام.
- إنما الغريب المؤلم أن تنتقل هذه الصور إلينا -نحن أهل الإسلام- فيكون منا عملاء ومخبرون على جميع المستويات حتى من أهل الفكر ومدعي الإصلاح يعملون جاهدين على إيجاد ثغرات بيننا وتسهيل مهمة أعدائنا.
- وما كانت إسرائيل -أخزاها الله- لتتمكن من اغتيال العديد من قادة المقاومة إلا بمساعدة عملاء الداخل الذين تبرأت منهم ضمائرهم وخانوا دينهم وقضيتهم.
- وما كان الغرب ليستطيع نشر ثقافة الاستسلام والانحلال والرذيلة ويميت عزيمة الأمة في الجهاد والدعوة لولا أن قام معه رجال من بني جلدتنا باعوه ضائرهم بثمن بخس، فأخذوا دور الأعداء في نشر الفساد لكن بصورة المفكرين والمجددين والمستنيرين.

- إن التحقق بمبدأ الولاء لله والمؤمنين والبراءة ممن يجاهرهم العداء مبدأ سام ومرتبة عظيمة لا تتحقق من غير إعداد وتأهيل بدءاً بتربية الآباء وامتداداً إلى علاقة المسلمين ببعضهم وعلاقة الحاكم بشعبه.

3-ما يذكره بعض الرواة من نهاية مؤلمة لموسى بن نصير وأن الخليفة سليمان بن عبد الملك سجنه وصادر جميع أمواله ثم رؤي يتسول آخر حياته ما هذا إلا تشويه لتاريخ مجيد وسرد لا صحة له ولا سند خصوصاً أن تاريخ الأندلس دخله تحريف كبير من بعض كتاب الغرب الذين لم يلتزموا الأمانة العلمية، ورواية جرجي زيدان عن الأندلس مليئة بتلك الأغاليظ، ولعل حرص الخليفة سليمان أن يكون موسى بن نصير مرافقاً له في حجة يفند كل تلك المزاعم، لكن العجب من بعض الكُتاب العرب الذي يروجون للأوهام والأكاذيب المغرضة.


إن يسمعوا ريبة طاروا لها فرحاًعنه، وماسمعوا من صالح دفنوا!!!




بدأ انتشار العلوم الدينية والعلمية






حملات في الأندلس - حملة موسى وحملة عبد العزيز بن موسى



يتبع








الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://nour-heart.ahlamontada.net
محيي الدين
المدير العام
المدير العام
محيي الدين


تاريخ التسجيل : 15/02/2009
المساهمات : 3811
العمر : 76
الموقع : مدينه المنصوره
العمل/الترفيه : بالمعاش

موسوعه تاريخ الاندلس Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعه تاريخ الاندلس   موسوعه تاريخ الاندلس Icon_minitimeالسبت يناير 21, 2012 10:25 pm

عهد الولاة



أولاً: عبد العزيز بن موسى بن نصير:

* عام 95 هـ - 714م:
- قاد الأندلس بعد الفتح عبد العزيز بن موسى، إذ بدأ بفتح من نوع جديد هو الأصل في الفتوحات الإسلامية كما سبق، ألا وهو فتح النفوس، إذ رأى الناس هنا حياة المسلمين في جميع أحوالهم، ضحكهم وحزنهم، أفراحهم وأتراحهم، جَدّهم وهزلهم، ومعاملاتهم وعباداتهم.
- رأوا نمطاً من البشر ما سمعوا عنه، فدخلوا في دين الله أفواجاً ببركة إخلاص هؤلاء الفاتحين، وهم خير القرون بعد قرن الصحابة رضي الله عنهم، وفي مقدمتهم موسى بن نصير إذ ذكرت الروايات: أنه حين كان يأتي نبأ فتح أو نصر من طارق كان يقال عنه للرسول للقادم إنه يصلي ويدعو!.
- هؤلاء جند العقيدة، وهم الجنود الحقيقيون لحمل الإسلام إلى الآخرين، يصفهم أحد مؤرخي الإسبان في هذا الفتح: كأنهم كانوا في نزهة.
- كان الفتح معجزة، ثلاثون ألفاً فقط في ثلاثة سنوات يفتحون إسبانية والبرتغال وجنوب فرنسة، ذللت الصعاب لهم وهانت الأهوال في نفوسهم لأنهم كانوا لا يرجون إلا إحدى الحسنيين: النصر أو الشهادة.





عبد العزيز بن موسى بن نصير يقود الفتح في الأندلس



* عدل الإسلام وأثره في الأندلس:
- وكان أعظم ما رآه القوط منهم: إزالة الفوراق الطبقية في الأندلس إذ كانوا يقسمون إلى طبقات: طبقة النبلاء والملوك، فطبقة رجال الدين والجيش، فطبقة كبار المزارعين، فصغارهم، وتأتي طبقة المزارعين في أسفل الدرجات. أصبح ذاك المزارع خلال ثلاث سنوات -وقد أزيل عنه ذاك النظام الجائر الذي قهر الناس من قرون- يمتلك الحق في أن يملك أرضاً أو أي شيء آخر، وله أن يقاضي حاكم البلد إن شعر بظلم أو حَيفْ، ومن حقه أن يتاجر فيبيع ويشتري ما يحب ويشاء.
- وبدأ الناس معظمهم يتعلمون اللغة العربية، ويقلدون المسلمين في الملابس والتحيات والعادات، وهذا من شأن الأمم المغلوبة بتقليد الغالبين، أما نلاحظ هذا لدى الأمم المسلمة بتقليد الأعداء من قوى الغرب الطاغية؟. وما أخذ المسلمون كنيسة من كنائس النصارى هناك إلا شراء أو كانت مهجورة، قارن هذا العدل بما فعله النصارى من الإسبان بعد ثمانية قرون لما أخرجوا المسلمين من الأندلس؟ فما أبقوا مسجداً ولا مسلماً ولا أي رمز من شعائر الإسلام، قال الله تعالى:{ قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ } الإسراء:84.



* عام 95هـ - 714م الوالي الأول عبد العزيز بن موسى بن نصير:
- بدأ هذا العهد بالوالي عبد العزيز بن موسى الذي عينه أبوه قبل أن يعود إلى دمشق وكان رجلاً تقياً قوياً كما كان إدارياً وعسكرياً، نظم أحوال الأندلس، وأتم فتح ما بقي من الجيوب في الشمال الغربي وأخضع كثيراً منها.
- وتزوج أرملة (لذريق) التي أسلمت وتكنت "بأم عاصم"، ومات مقتولاً وهو يصلي في مسجد بإشبيلية في رجب سنة 97 هـ بعد أن دامت ولايته سنة وسبعة أشهر.
- ومن العجيب في كتابة التاريخ وجود من يشوه تاريخ المسلمين قصداً كجرجي زيدان وغيره، إذ يتصيّدون الحوادث ويفسرونها على أهوائهم وأحلامهم، وفي هذا الصدد قالوا: إن أرملة (لذريق) لم تدخل الإسلام، بل إنها أثرّت على زوجها عبد العزيز فتنصر من أجلها ! وما زالت به حتى ألبسته تاجاً كتاج النصارى، فرآه أحد المسلمين فقتله! وجعلته يسكن في كنيسة وما إلى ذلك من الترهات والأحلام.

* ما أحوجنا إلى التوثيق من نقول المستشرقين وتلامذتهم الذين لا يدعون فرصة تفوتهم في تشويه التاريخ الإسلامي وقادته غير آبهين بالأمانة العلمية والتاريخية.



* عهد الولاة: 22 والياً:
- استمر عصر الولاة حوالي اثنين وأربعين سنة، وكان تتمة لعصر الفتوحات من عام 95-138 للهجرة، وتوالي على الولاية اثنان وعشرون والياً، ويتسم هذا العصر بعدم الاستقرار إلى حدّ ما، إلا أنه اتسم بانتشار الإسلام، وبتحسين الحالة الاجتماعية والاقتصادية، وقد سكن الأندلس من أحب من العرب والبربر حسب اختيارهم، وكان معظم الذين بقوا من الجيش الإسلامي في الأندلس غير متزوجين، فتزوج العديد منهم بنساء القوط، فنشأ جيل من هذا الزواج يسميه بعض المؤرخين بالمولّدين، أو المستعرَبين، ومن هؤلاء كان بعض العلماء المشهورين في تاريخ الأندلس.



* عام 97هـ - 716 م الوالي الثاني أيوب اللخمي:
- تولي بعده أيوب بن جيب اللخمي وكان رجلاً صالحاً يؤم الناس لصلاتهم، في رجب 97 للهجرة، ودامت ولايته ستة أشهر ومن أهم الأعمال نقل العاصمة من إشبيلية إلى قرطبة.



* الوالي الثالث الحر الثقفي:
- وأرسل والي إفريقية -وكانت الأندلس زمن الولاية تابعة لولاية إفريقية- يعينّ الحُرّ بن عبد الرحمن الثقفي فدامت ولايته سنتين وثمانية أشهر لم يكن فيها سوى إجراءات تقليدية لإدارة الولاية واستتباب الأمن.
- حكم بلاد المسلمين في هذه الفترة رجل قل أمثاله، أعاد الصورة المشرقة للمنهج الإسلامي: هو الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز، فقد عمل خلال خلافته التي دامت سنتين فقط من الأعمال ما لا يستطيع غيره في سنين طويلة لصدقه وإخلاصه، متميزاً بالتقوى وطاعة الله.

* الوالي المسلم الحر الثقفي مثل يحُتذى، لا يجعل لليأس على العزيمة سبيلاً، فرد كعدد أمة في عمل، بنى مجداً وأسس إمارة، وبهمته التي تخاطب كل شاب.







بدأت حركة التجارة منذ بداية الفتح الإسلامي






ثانياً: السمح بن مالك الخولاني:

* عام100هـ - 719م الوالي الرابع السمح الخولاني:
- فأشرف عمر بن عبد العزيز على رعاية الأندلس واختار السمح بن مالك الخولاني، فأرسله من الشام والياً في عام 100 للهجرة، وهو نوع فريد من الرجال يكفي أنه من اصطفاء عمر بن عبد العزيز، وأنه أقام ما أمره الخليفة به من القيام بالحق واتباع العدل والصدق، وأعاد تنظيم البلاد مستقلة عن الشمال الإفريقي خاضعة للخلافة مباشرة، فنشر الأمن وقسم الأندلس إلى كُور (مفردها كورة) والكورة قرية كبيرة تتبعها عدد من المدن والأقاليم، ويتبع المدينة عدد منها، ويتبع القرية عدد من المزارع والأرياف.




تخريمة على الرخام في قرطبة




باب أحد المساجد في إشبيلية



* النهضة الحضارية:
- وأنشأ المدارس والمساجد والموانئ ليصل الناس ببلاد إفريقية، وأنشأ قنطرة قرطبة العظيمة التي لا تزال آثارها باقية إلى اليوم. وجاء من خبر بنائها أنْ كتب السمح إلى عمر بن عبد العزيز: يستشيره ويعلمه أن مدينة قرطبة تهدمت من ناحية غربها، وكان لها جسر يعبر على نهرها ووصفه بحمله وامتناعه من الخوض في الشتاء عامة، فإن أمرني أمير المؤمنين ببنيان سور المدينة فعلت، فإن قبَلَي قوةٌ على ذلك من خراجها بعد عطايا الجند ونفقات الجهاد، وإن أحبّ من صخر ذلك السور بنيت جسرهم، فيقال إن عمر رحمه الله أمره ببنيان القنطرة بصخرة السور، وأن يبني السور باللبن إذ لا يجد له صخراً، فبنى القنطرة في سنة 101 للهجرة، ويفهم من هذا أن الخليفة قدّم الناحية الاقتصادية ببناء القنطرة بالصخر على الناحية العسكرية، إذ بنى السور باللَّبن.



* عام101 هـ - 720 م القنطرة:
- ويكفينا الإدريسي وصفاً حين يصف القنطرة التي بناها السمح بن مالك الخولاني بأمر من الخليفة عمر بن عبد العزيز: لقرطبة القنطرة التي علتِ القناطر فخراً في بنائها وإتقانها، وعدد أقواسها سبع عشرة قوساً بين القوس والقوس خمسون شبراً، وسعة القوس مثل ذلك خمسون شبراً، وسعة ظهرها المعبور عليه ثلاثون شبراً، ولها ستائر من كل جهة تستر العامة، وارتفاع القنطرة من موضع المشي إلى وجه الماء في أيام جفاف الماء ثلاثون ذراعاً، وإذا كان السيل يصل الماء منها إلى حلوقها، وتحت القنطرة يعترض الوادي رصيف سدَّ مصنوع من الأحجار القبطية والعمد الجافية من الرخام. وعلى هذا السد ثلاثة بيوت أرحاء، في كل بيت منها أربع مطاحن، ولها أهمية حيث تصل جنوب الأندلس بقرطبة والشمال الإفريقي.

* هذه القنطرة بحد ذاتها نهضة وعمران، سد وطواحين وجسور، هذا ما كان المسلمون يعملون في البلاد التي يدخلونها فتحاً تحت الحكم الإسلامي.
* قارن إن شئت بما يفعله غيرهم في البلاد التي يستعمرونها.



* عام 102 هـ - 721م الإسلام في جنوب فرنسا:
- تحرك السمح وهو صاحب همة عالية في أواخر ذي القعدة عام 102 نحو جنوب فرنسة ليضع حداً للاضطراب هناك ( وأنشأ حكومة إسلامية سميت باسم: حكومة (سَبْتِمانية الإسلامية) وفتح مدينة (طولوشة)، وجرت معارك عديدة بينه وبين دوق (اقيطانية) يسمى (أوديس) الذي فرّ وطلب المدد من شارل مارتل في مدينة (طَرَسْكونة)، فأمده الأخير بالعتاد الوفير والرجال الكثر الذين حاصروا المسلمين عند (طولوشة) حيث قتل السمح ورجاله الأقلة في يوم التروية سنة 102 للهجرة، ولذلك مدلوله العظيم، قال تعالى:{ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ } الأحزاب:23، وكانت مدة إمارته سنتين وشهرين.



* توحيد أوربا:
- وفي هذه الفترة استطاع ملك فرنسة أن يوحد أوربة، وقد أطلق البابا عليه لقب (مارتل) أي: المطرقة، وهو الملك المسمى شارل مارتل، وكان لابد أن يقع الصدام بينه وبين المسلمين.




شارل مارتل ملك فرنسا



* عام 102هـ - 721م الوالي الخامس عبد الرحمن بن عبد الله الغافقي:
- فاجتمع أمر المسلمين على رجل من الجيش مباشرة على تعيينه والياً هو عبد الرحمن بن عبد الله الغافقي في شهر ذي الحجة عام 102 للهجرة، وهو تابعي جليل يروي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهم، لكنه لم يبق في الولاية إلا شهرين (وهذه ولايته الأولى).





حركة التجارة والعمارة الإسلامية الكبيرة



* عام 103هـ - 722م الوالي السادس عنبسة الكلبي:
- حتى قدم الأندلس عَنْبَسة بن سُحيم الكلبي في صفر 103 للهجرة، أرسله والياً إليها والي إفريقية في تلك الفترة بشر بن صفوان الكلبي.
- فاستمرت ولايته أربع سنوات ونصف وهي فترة طويلة إن قورنت بحكم الولاة في تلك الفترة، فأكمل خطة السمح بالاستقرار في بلاد الأندلس،والهجوم على الروم وجهادهم، وكان تقياً ورعاً وإدارياً ومجاهداً أميناً.


- 30 كم عن باريس:
- فسار من الأندلس حتى وصل إلى (سبتمانية) متجهاً إلى شرقي فرنسا ثم شماليها وقضى على قوة أوديس (دوق أقيطانية)، ثم مال غرباً حتى وصل مدينة (سانس) التي تبعد عن باريس 30كم فقط، ولم يصل من المسلمين أحد حتى هذا التاريخ في غزوة إلى مكان قريب مثله من باريس، فطار صواب (شارل مارتل) وكاد يفقد رشده، فجمع حوالي أربعمائة ألف مقاتل، هاجموا جيش عنبسة وحاصروه وهدّوه بالمطارق فمات شهيداً هو وبعض أصحابه رحمهم الله تعالى أجمعين، وذلك في شعبان 107 هـ.



* عام 107هـ - 726م الوالي السابع عذرة الفهري:
- وتولى من بعده عذرة بن عبد الله الفهري في شعبان 107 للهجرة، ولم يبق إلا شهرين فقط في ولايته، وكان من الصلحاء الفرسان الذي رافقوا عنبسه.



* عام 107هـ - 726م الوالي الثامن يحيى الكلبي:
- حتى جاء الوالي الجديد المعين يحيى بن سلمة الكلبي في شوال 107 للهجرة والذي دام حكمه سنتين ونصف.



* عام 110هـ 729م الوالي التاسع حذيفة القيسي:
- ثم أرسل حذيفةُ القيسي في ربيع الأول عام 110 للهجرة وكانت ولايته ستة أشهر.



* عام 110هـ 729م الوالي العاشر عثمان الخثعمي:
- وولي من بعده عثمان بن أبي نِسعة الخثعمي في شعبان 110 للهجرة وولايته خمسة أشهر.



* عام 111هـ - 730م الوالي الحادي عشر الهيثم الكلابي:
- ثم جاء الهيثم بن عدي الكلابي من قبل والي إفريقية، والذي استمرت ولايته عشرة أشهر، فقد كان متعصباً للقيسية، يريدها قبَلية لزعامة عروق جاهلية، جعل الحجاجَ رائده في معاملة الناس، فكان يأخذهم بالقوة، ويرد بالقمع على الحوار، فساءت سياسته في القيروان وفي الشمال الإفريقي مما أدى إلى ثورة البربر في المغرب، وكان واليه على الأندلس الهيثم مثله يتبع السياسة السئية نفسها، إلا أنه كان صاحب جهاد أيضاً، فبدأ باستئناف الفتوحات حتى وصل إلى بلدة (مقوشة) ففتحها، وقد تكون هذه مدينة ماسون الفرنسية.
- وثار الناس يطلبون عزلة نتيجة القسوة والأخذ بالشدة، فعزل.



* عام 111هـ - 730م الوالي الثاني عشر محمد الأشجعي:
- وجاء من بعده محمد بن عبد الله الأشجعي سنة 111 للهجرة، وكان ضعيفاً ما استطاع أن يفعل شيئاً ولم تدم ولايته إلا شهرين.

* ويلاحظ هنا التغيير السريع للولاة، وهذا يعني أن الحضارة تتوقف، ويلف الناسَ الركون والدعة، كذلك تتوقف الفتوحات لهذه التحولات السريعة، وتضطرب الأمور والأحوال، فالاستقرار السياسي مهم لأي نهضة حضارية.



يتبع







الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://nour-heart.ahlamontada.net
محيي الدين
المدير العام
المدير العام
محيي الدين


تاريخ التسجيل : 15/02/2009
المساهمات : 3811
العمر : 76
الموقع : مدينه المنصوره
العمل/الترفيه : بالمعاش

موسوعه تاريخ الاندلس Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعه تاريخ الاندلس   موسوعه تاريخ الاندلس Icon_minitimeالسبت يناير 21, 2012 10:28 pm

ثالثاً: عبد الرحمن الغافقي، وبلاط الشهداء:

* عام 112هـ - 731م الوالي الثالث عشر عبد الرحمن عبد الله الغافقي:
- وبقي الأمر كذلك إلى أن تم اتفاق أهل الأندلس وفرض الجيش رأيه، وأقرّ والي إفريقية على تعيين عبد الرحمن بن عبد الله الغافقي (الولاية الثانية) في شهر صفر سنة 112للهجرة، واستمرت ولايته سنتين وثمانية أشهر، هو اسم خلدّه عمله وجهاده، قائد عسكري من أشهر من عرفهم التاريخ، شجاع وهو الذي أنقذ بقية المسلمين عندما استشهد السمح بن مالك الخولاني في يوم التروية عام 102للهجرة، وكان أول عمل عظيم له حين تولى الولاية الثانية أن جمّد تلك الصراعات القبلية التي كانت تتأرجح في بعض الصدور فتشعلها فتناً، وألف بين القلوب المتنافرة في تلك الحقبة إذ ذكرهم بالإسلام، وبالله الذي ألف بين قلوبهم، وأطفأ نار الصراعات القبلية، والإقليميات التي تسبب الانحطاط والتقهقر، وتدمر الحضارة، ومازالت في عصرنا هذا تفعل فعلها!.
- فضبط الأمور وأعاد الناس إلى وشيجة الإيمان لا إلى وشائج أخرى، فجنسية المسلم عقيدته، ولسان حالة ينبغي أن يقول:

أبي الإسلامي لا أب لي سواه إذا انتسبوا لقيس أو تميم




إحدى مدن الأندلس الزاهرة وآثار المسلمين باقية فيها



* مهاجمة فرنسا:
- استطاع عبد الرحمن الغافقي أن يؤلف بين المسلمين هناك وحشدهم في خمسين ألفاً لم يتجمع للمسلمين مثله من قبل، وتوجه غازياً إلى بلاد الفرنج فرنسا أولاً.
- فهاجم إقليم أقيطانية "إقتانية"، وفرّ حاكمها "أوديس"، ثم فتح "آبل"، ثم دخل "بوردو" ثم استطاع أن يفتح (طولوشة) عاصمة الإقليم، وفرّ "أوديس" من "سان مارتن" إلى "شارل مارتل" يحتمي به ويستنجده، حيث توجه عبد الرحمن نحو باريس بعد أن فتح مدينة (تور).
- فأخضع بذلك جنوب فرنسة ووسطها، ولم يبق أمامه إلا مدينة "بواتيه" فاصلة على طريق "باريس".



* حرب صليبية:
- استنجد "شارل مارتل" بالبابا يستغيث به، فأعلنها حرباً صليبية -وهم صليبيون إلى الأبد- فأرسل إلى ملوك أوربة وأمرائها قاطبة أن يرسلوا ما يمكن من الجنود والأعتدة إلى "شارل مارتل" ليحمي "باريس" من السقوط، فاحتشد خلق كثير، واجتمع مئات الألوف.





تتويج الإمبراطور من قبل البابا



* معركة بواتيه:
- توجه "شارل مارتل" بجيش كثير العدد بلغ قوامه 400 ألف لصدّ زحف المسلمين، بلغ ذلك عبد الرحمن الغافقي، فقرر أن يختار هو مكان المعركة، فتراجع عن "بواتيه" إلى سهل يدعى "شاتِلْرو" شمال شرق "بواتيه" بـ 20 كيلومتراً؛ وخيم على أطلال بلاط قصر مهجور قديم هناك، ينتظر قدوم القوات الأوربية، فأصبح الوضع هناك: يفصل 1000 كيلومتر قوات المسلمين عن عاصمتهم قرطبة، وما من مَددَ يمكن أن يأتيها، وقيل إن بعض الجيش طلب الانسحاب لضعفٍ في نفوس وميل إلى بعض الغنائم التي كانت معهم، إلا أن عبد الرحمن ذكّرهم بأن مهمة المسلمين ليست إلا في إخراج الناس من العبودية إلى الحرية، ومن عبودية البشر إلى عبودية رب العالمين، وإنقاذ العباد من ظلمات الكفر والطغيان إلى النور والأمان، فطابت نفوسهم لذلك، وقرروا البقاء والانتظار لملاقاة الأعداء.
- أما القوت الأوربية فإن البابا كان يمدها تباعاً، وهي قريبة من عاصمة فرنسة، ويقودها رجل عرف بالدهاء والبطش ويلقب بالمطرقة: "شارل مارتل".





* عام 114هـ - 732م بلاط الشهداء:
- حدثت المعركة في أواخر شعبان عام 114 للهجرة، يسميها المسلمون (بلاط الشهداء)، وتسمى لدى أهل الغرب معركة "بواتيه".
- استمرت هذه المعركة عشرة أيام، ودخل شهر رمضان والقتال على أشده، وكانت الأيام لصالح المسلمين، وكان الغافقي يهاجم في الصفوف المتقدمة، ويقتحم جيش العدو ويمزقه، وبعمله هذا يقدم نموذجاً للقادة العظام، لا الذين يقودون من وراء المكاتب أو يختبئون في الملاجئ وخلف الأسوار.
- واشتد القتال وبلغ ذروة الهجوم حول النقطة والموضع الذي كان فيه عبد الرحمن حيث أمر "شارل مارتل" بالتركيز لقتل الغافقي، وكان يعتبره أنه مفتاح الجيش وثباته وقوته.



* عبد الرحمن الشهيد:
- وسقط عبد الرحمن رحمه الله شهيداً، فضعفت النفوس، وبدأت الهزيمة تدب فيها لتعلق بعضها بالدنيا، وكثر القتل والشهداء في صفوف المسلمين، فانهزموا، وقد زاد استشهاد الغافقي صعوبة في الموفق ففضلوا الانسحاب.
- فما رأى الفرنج في صباح اليوم التالي من المعركة التي قتل فيها أمير الجيش إلا أرضاً بلقعاً، فالمسلمون قد غادروا المكان دون أن يشعر بهم إنسان، وكانوا قد تركوا الخيام وبعض أمتعتهم ليوهموا الفرنجة باستمرارهم.





شارل مارتل يقود معركة بلاط الشهداء بنفسه



* بلاط الشهداء أنقذت أوربا:
- وقد عدّ المؤرخون "بواتيه" نصراً مؤزراً للفرنجة، واعتبروها معركة حاسمة، وهي بالواقع معركة هامة فاصلة إلا أن المسلمين لم يهزموا فيها، بل تأكدوا أنهم يجب ألا يغامروا بجيوشهم القليلة العدد في بلاد واسعة وأمم عديدة تجمعت للقضاء على المسلمين.
- وتحتاج هذه المعركة في دراستها وأسبابها إلى بحث علمي نزيه، لعلنا نصل إلى حقائق غير التي يعتمدها بعض الباحثين على أسس غير سليمة أو على أسس مفسرة بحسب المواقف والأهواء.



* يقول "جيبون" أحد المؤرخين الإنكليز مثلاً:
- إن "بواتيه" أنقذت آباءنا الإنكليز وجيراننا الفرنسيين من نير القرآن المدني والديني، وحفظت جلال رومة، وأخرت استعباد القسطنطينية، وفرقت بين المسلمين، ولو انتصر المسلمون في "بواتيه" ما كان شيء يقف أمامهم بعد ذلك.
وذكرى "بواتيه" مؤلمة للنفس، لتعلق بعض النفوس بالدنيا كما كان مثلاً في ( غزوة أحد) حيث نزل قوله تعالى:{ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ } آل عمران:152، فأصيبوا هناك كما أصيبوا هنا.

- ولكنها ذكرى عزيزة على النفس المسلمة، تدغدغ الآمال وتوقظ الهمم، فقد استطاع الغافقي رحمه الله أن يوحد المسلمين ويوجههم في الأندلس ويهاجم بهم أوربا لأداء دورهم وتبليغ رسالة العالمين إليهم، ولو انتصروا هناك لتغير وجه التاريخ، ولكنه قدر الله سبحانه وتعالى.

- وقد عرف عديد من الكتاب الغربيين شيئاً من حضارة الإسلام ورقيه في كل أرض وطئها المسلمون ثم استقروا عليها، فقالوا عن "بواتيه" إنها نكبه كبيرة أصابت أوربة بحرمانها من الحضارة قروناً.
- يقول أحدهم: ذلك ما أصابها "أوربة" على يد جند الفرنجة بقيادة "شارل مارتل"، الذي حشد جيشاً ضخماً من الفرنج ومختلف العشائر الجرمانية المتوحشة، والعصابات المرتزقة فيما وراء "الراين"، يمتزج فيه المقاتلة من أمم الشمال كلها، وجلب جنداً غير نظاميين، نصف عراة يتشحون بجلود الذئاب وتنسدل شعورهم الجعدة فوق أكتافهم العارية.

* ولا تزال هذه المعركة تحتاج إلى دراسة منهجية لمعرفة الأسباب لانهزام المسلمين، وذكر الغنائم والفرقة في صفوف المسلمين يحتاج إلى نظر وفيه مقال.
* تراجع المسلمون عن فرنسة، إلا أنه بقيت لهم مناطق فيها، وتتبع "شارل مارتل" المسلمين ثلاث سنوات، وما بقي لهم إلا منطقة صغيرة فيها "أربونة" عاصمة في جنوب فرنسة.





منظر تصويري لمعركة بلاط الشهداء في الرسوم الغربية



* عام 114هـ - 732م الوالي الرابع عشر عبد الملك الفهري:
- ربما كان الذي انسحب بالمسلمين بعد استشهاد الغافقي هو عبد الملك بن قطن الفهري في شوال عام 114 للهجرة، وكان متقدماً في السن شيخاً كبيراً، ولم تكن له مؤهلات للقيادة ولا للسياسة، وربما فرضته قبيلته إلى سدة الولاية، فأذعن الناس للأمر الواقع، فملأ الأندلس بالظلم والجور، فضج الناس منه.
- وراسل أهل الأندلس عبَيدَ الله بن الحبحاب والي مصر وشمال إفريقية، وكان ممن يُعتمد عليه، إذ ولاه الخليفة في دمشق ولايتي مصر والشمال الإفريقي، فعزلة لطلب الناس، وكانت مدة ولايته سنتين.



* عام 116هـ - 734م الوالي الخامس عشر عقبة السلولي:
- وأرسل والي مصر وشمال إفريقية عقبةَ بن الحجّاج السلولي والياً إلى الأندلس في شوال عام 116 للهجرة، وكانت ولايته خمس سنوات، ويذكر أنه لما خيره والي مصر وإفريقية بين ولاية إفريقية وبين الأندلس، اختار عقبةُ الأندلسَ وقال: إني أحب الجهاد وهي موضع جهاد، فولاه، فدخل الأندلس وافتتح حتى بلغ "أُربونة"، ودخل "جيليقية" و "بَنْبلونة".
- وكان محمود السيرة مثابراً على الجهاد وما ترك جيباً إلا فتحه ماعدا "الصخرة"، وذكر عن درجة حبه للدعوة الإسلامية أنه كان إذا أسر الأسير لم يقتله حتى يعرض عليه الإسلام، فأسلم على يده ألفا رجل، وفي الحديث لأن يهدي بك الله رجلاً واحداً خير من أن يكون لك حمر النعم ) رواه البخاري. فكيف بثواب الألفين عند الله سبحانه وتعالى!.



* مهاجمة فرنسا ثانية:
- وجال عقبة رحمه الله في المناطق التي سلكها عنبسة وفي الوجهة ذاتها، في جنوب فرنسة وشمالها الشرقي، أشهرها مقاطعة "سبتمانية" وعاصمتها "أربونة" ومن مدنها "قرقشونة"، ومقاطعة "البروفانس" شمال "سبتمانية" إلى الشرق وعاصمتها "أبنيون"، وكذلك منطقة شمال "البروفانس".

- ولعله كان ينوي التوجه إلى الشمال ليجتاز "أقيطانية"، ويصل إلى المكان الذي جرت فيه معركة "بلاط الشهداء"، ولم يكن هذا الجهاد سهلاً ولا قليلاً إلا أنه يدل على قوة الإيمان والهمة العالمية.
- ولما حاصر "شارل مارتل" "قرقشونة" بجيش كثير العدد، أرسل عقبة القوات لفك الحصار، ومن ثم جاء هو بنفسه لكنه سقط شهيداً عند "قرقشونة" رحمه الله.




غرناطة الحمراء: غرفة الأختين - المعروفة قديما بــ بيت عائشة.



* عام 119 هـ - 737م وفاة بلاي:
- وفي هذه الفترة جرى في منطقة "ليون" أن توفي "بلاي" سنة 119 للهجرة فورثه ابنه "فرويْلة" الذي استمر سنتين، وتوفي هذا من غير أن يترك عقباً، فخلفه رجل يدعى "أذفنش" ويسميه المسلمون "الفونسو الأول" الذي تزوج من ابنة "بلاي" المسماة "إرمسندا".
- تمكن "الفونسو" من أن يوحد "منطقة الصخرة" وأن يجمع الشتات الذي كان عقبة قد فرّقهم، فهو يعتبر لهذا مؤسس المملكة النصرانية في الشمال، والتي سيكون لها دور كبير في تاريخ الأندلس بعد ذلك.





مدينة الزهراء، القاعة الفنية، كان عرش الخليفة منصوبا قرب الجدار الداخلي



* عام 123 هـ - 741م الوالي السادس عشر عبد الملك الفهري (ثانية):
- عبد الملك بن قطن الفهري "الولاية الثانية"، ورفعته قبيلته وفرضته والياً على الأندلس لما اختلفت المعايير في ذاك الزمن ودامت ولايته سنة وشهراً، كان الوالي سابقاً يعيّن لحسن سياسته ونظام إدارته، فأصبح الآن يعيّن لعصبيته ولقبيلته القوية.
* وخلال هذه الفترة من توالي الولاة في الأندلس كانت أحداث خطيرة تجتاح العالم الإسلام وشمال أفريقيا أدت إلى أحداث هامة في تاريخ الأندلس.




يتبع








الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://nour-heart.ahlamontada.net
محيي الدين
المدير العام
المدير العام
محيي الدين


تاريخ التسجيل : 15/02/2009
المساهمات : 3811
العمر : 76
الموقع : مدينه المنصوره
العمل/الترفيه : بالمعاش

موسوعه تاريخ الاندلس Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعه تاريخ الاندلس   موسوعه تاريخ الاندلس Icon_minitimeالسبت يناير 21, 2012 10:31 pm


رابعاً: ثورة الخوارج في الشمال الإفريقي:
- بدأت تظهر في هذه الفترة الفتن والقلاقل في الشمال الإفريقي بشكل خاص من مختلف الفرق وأنصار الولاة، وكانت فرقة الخوارج أكثرها إثارة واضطراباً في المشرق الإسلامي ثم في الأندلس.
- ظهر الخوارج أصلاً في جيش علي رضي الله عنه وكفروه لأنه رضي بالتحكيم، وكفروا كل من رضي بالتحكيم، فقاتلهم علي رضي الله عنه، ودمّرهم وكاد يقضى عليهم في معركة (النهروان) على شاطئ الفرات، لكن الخوارج جمعوا شتاتهم في العهد الأموي عدة مرات، فأثاروا الاضطرابات، وسفكوا الدماء، ونشروا الرعب، لكن الأمويين عاجلوهم ولاحقوهم، ولعلّ الفضل الأكبر في تمزيق هؤلاء يعود للقائد المحنك (المهلب بن أبي صفرة) الذي لا حقهم في كل مكان في المشرق الإسلامي.
- ففر الخوارج فرادى وأشتاتاً وجماعات ٍ إلى الجزائر وتونس وليبية، وتجمعوا بشكل خاص في المغرب الأقصى، وكانوا متعصبين لفكرتهم، شديدي التمسك بمبادئهم، نشروا مذهبهم بين البربر وغيرهم، وساعد على ظهور الخوارج شعور معظم البربر بالظلم الذي كان يعاملهم به عمال بني أمية، وكذلك الشعور بالغبن من عدم مساواتهم في التعامل ببقية المسلمين.
- استغل هذا الوضع رجل يدعى (ميسرة) فقادهم بعد أن جمعهم للثورة على والي طنجة: عمرو المرادي -الذي كان شديداً يبطش بهم- فقتله، وولّى خارجياً على طنجة يدعى عبد الأعلى بن جريج، وبعد احتلال طنجة توجه نحو (السوس) فاحتلها، وتقدم باتجاه القيروان.





الخوارج يثورون في الشمال الإفريقي



* من هم الخوارج؟
- كان الخوارج من المسلمين لكنهم يتمسكون بظاهر الألفاظ، ويكفّرون أهل الذنوب الكبائر، ولهذا خرجوا على جماهير المسلمين، واعتبروا مخالفيهم مشركين، وأقضّوا مضاجع البلاد والعباد، وكانوا فتنة عظيمة في كل مكان ظهروا فيه، كانوا كثيري العبادة والتلاوة، ولكن كما قال عليه الصلاة والسلام يخرج قوم من أمتي يقرؤون القرآن، ليس قراءتكم إلى قراءتهم بشيء، ولا صلاتكم إلى صلاتهم بشيء، ولا صيامكم إلى صيامهم بشيء، يقرؤون القرآن يحسبون أنه لهم وهو عليهم، لا تجاوز صلاتهم تراقيهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمّية ) رواه مسلم وأبو داود.
- وفي حديث آخر يخرج في هذه الأمة -ولم يقل منها- قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم يقرؤون القرآن لا يجاوز حلوقهم -أو حناجرهم- يمرقون من الدين مروق السهم من الرّميَّة ) رواه مسلم وأبو داود.



* القتال مع الخوارج:
- أرسل والي مصر خالد الفهري إلى قائد الجيش الذي كان في البحر: أن ِ اترك ِ البحر وأوقفْ تقدم الخوارج، لكن الخوارج انتصروا عليه في أول لقاء بينهما، وازداد اقترابهم من القيروان عاصمة إفريقية، لأن من يقاتل من أجل عقيدة أو مبدأ -حتى وإن كان باطلاً- يكون أشدُّ بأساً، لأنه يقاتل لمبدأٍ لا لغنيمة.
- وشاء الله سبحانه أن يحدث خلاف بين الخوارج أنفسهم، فقد استطاع أحدهم ويدعى (خالد الزيتاني) إقصاء (ميسرة) من زعامة الثائرين وتولى هو شأن الخوارج.
- هنا شعرت الخلافة في دمشق بخطر الخوارج في الشمال الإفريقي شعور جدّ، فأرسلت جيشاً قوامه (30) ثلاثون ألفاً بقيادة (كلثوم بن عياض القسري)، وكان طاعناً في السن شيخاً كبيراً، بلغ الثمانين من العمر، لكن ابن أخيه (بِلج بن بشر) كان يقود الجيش فعلياً ويدير أمره، والتقى الجيشان، جيش الشام وجيش الخوارج قرب القيروان في قرية تدعى (قدورة)، وجرت معركة قتل فيها كلثوم القسري، وقتل معه (حبيب) قائد جيش البحر، وانتصر الخوارج، واشتد الأمر على المسلمين، إلا أن (بلج بن بشر) استطاع أن يفلت هو وسبعة آلاف من جند الشام وأن يلتجئ إلى (سبتة) ويتحصن فيها، فحاصره الخوارج بقيادة رجل يدعى (عبد الواحد الهواري) وثبت (بلج) وما استطاع الخوارج اقتحام (سبتة).
- تقلص نفوذ الأمويين في شمال إفريقية،وخضع الشمال كله للخوارج ولم يبق إلا (سبتة)، وتقدم جيش آخر للخوراج تجاه القيروان بقيادة (عكاشة الفزاري) يريد إنهاء سلطة الأمويين من العاصمة.



* عام 124هـ - 742م تمزيق الخوارج في أفريقيا:
- خشي (هشام بن عبد الملك) الخليفة في دمشق من ضياع هذه المنطقة من بين يديه، فقررّ إرسال جيش ضخم العدد والعدة بقيادة (صفوان الكلبي) سنة 124هـ لإيقاف الزحف الخارجي والقضاء عليه، فاستطاع ضرب الخوراج والبربر، ومزّقهم، وقضى على ثورتهم وقتل منهم مقتلة عظيمة، وطردهم عن المناطق التي احتلوها، ماعدا منطقة (طنجة) فإنها بقيت بيد الخوارج، وتقع (سبتة) ضمن هذه المنطقة، لكن الخوراج يحاصرون الأمويين في مدينة (سبتة) وفيها (بلج بن بشر) الذي لم يبق له منفذ إلا عن طريق المضيق، فراسل واليَ الأندلس عبد الملك بن قَطَن يسأله المدد والمؤن والطعام، لكن هذا الظالم كان يفكر بمنطق العصبية، فلم يساعد (بلجاً) بشيء وما مدّ له يد العون، خشية أن يسلبه ولايته فيما إذا اشتد وقوي شأنه.
- واشتدت الحال على (بلج) وساءت الأوضاع نتيجة الحصار، فسمع بذلك أحد التجار الأندلسيين متأثراً بوضع المسلمين بما يجري هناك فأرسل سفينتين محملتين بالطعام والطحين إلى سبتة، يسُدُّ بذلك بعض حاجات المسلمين، لكن عبد الملك بن قطن أعدم التاجر لما بلغه هذا العون منه.

* عندما تنقطع المودة والرحمة بين المسلمين ويبلغون هذا الحد من القسوة فيما بينهم فلا عجب أن يطمع بهم أعداؤهم وتتفرق دولهم.


خامساً : الفتن تعصف بالأندلس:

* جيش الأندلس وجيش الشام ضد الخوارج:
- وامتدت ثورة الخوارج إلى الأندلس على ثلاثة محاور، واقترب الخطر على عبد الملك بن قطن، الذي لا يستطيع بقواته القليلة أن يصمد أمام الثورة العارمة ثورة الخوارج لذلك استنجد (ببلج بن بشر) يقول: ساعدني على أن أساعدك بشروط: أرسل إليك ما تحتاج وتأتي إلي تعينني على الخوارج على أن تعود بجيشك إلى الشمال الإفريقي بعد النصر.
- رضي بذلك (بلج بن بشير)، ونقلت سفن عبد الملك قواته إلى الأندلس، وفي ملاقاة العدو استطاع الجيشان (جيش عبد الملك والجند الشامي) أن يقهر الجيش الأول للخوارج عند (شذونة).
- ثم توجها معاً إلى نحو (قرطبة) واستطاعوا هناك دحر الجيش الثاني وإبعاد الخطر عن (قرطبة)، وبعد ذلك توجه الجيش لفك الحصار عن (طليطلة) التي كان يحاصرها الجيش الثالث الخارجي منذ زمن، وتمزقت صفوف الخوارج ودحرت قواتهم، وساءت الأحوال في الأندلس للخوارج، لذلك فرّ كثير منهم إلى الشمال الإفريقي، واستقرت أمور المسلمين في الأندلس.
- ولما أوقفت هذه الثورة طلب عبد الملك بن قطن من الجند الشامي مغادرة الأندلس فوراً، ولكن الجند طلبوا مهلة للاستعداد للرحيل، فأصر الوالي على أمره، وأساء معاملة الجيش مما أدى بالجند الشامي الهجوم على قصر الولاية وأسر عبد الملك ثم إلقائه في السجن.





التجارة البحرية للمسلمين عامل رئيسي في نشر الإسلام



* عام 124 هـ - 742م الوالي السابع عشر بلج بن بشر:
- ولّى الجند الشامي بعد أسر عبد الملك وسجنه بلج بن بشر ولايةَ الأندلس وحصل خلاف في الأندلس، إذ فرّ أمية بن عبد الملك بن قطن إلى الشمال والتجأ في (سرقسطة)، كما فرّ أخوه قطن بن عبد الملك إلى منطقة الغرب واحتمى في (ماردة)، ثم راسلا بعض الشخصيات الأندلسية لمساندتهما في النزاع ضد بلج بن بشر، فاستجاب عبد الرحمن بن علقمة اللخمي، وعبد الرحمن بن حبيب الفهري، اللذان هويا في فتنة الخصومة العمياء، وكان الوالي المسجون عبد الملك بن قطن قد طلب إلى بلج بن بشر إبان طلب المساعدة منه أن يقدم له رهائن ضماناً لعودة الأخير إن استطاعوا ردّ الخوارج، كما سبق..
- فلما لم ينسحب بلج بن بشر وسجن عبد الملك قام أنصاره في الجزيرة الخضراء حيث الرهائن هناك بإساءة معاملتهم، وتعذيبهم حتى قتلوا واحداً منهم، مما دفع أنصار بلج بن بشر إلى قتل عبد الملك بن قطن، ولهذا السبب المباشر توجه أولاده ومن ساندهم، وكان يربو عددهم على أربعين ألفاً نحو (قرطبة) لإسقاط ولاية (بلج) الذي لم يكن معه سوى سبعة آلاف من جند الشام، وتمكن من تجنيد ثلاثة آلاف آخرين فبلغ عددهم عشرة آلاف.
- تمكن جند الشام من الثبات في قرطبة يناصرون الوالي بلج بن بشر، إلا أن عبد الرحمن بن حبيب الفهري قام بعملية انتحارية إذ اقتحم مع مجموعة من أنصاره صفوف الجيش الشامي ووصل إلى بلج بن بشر وجرحه جرحاً بليغاً، لكن أنصار بلج أحاطوا به فولىّ هارباً، وهزم المتحالفون بعد أن تركوا وراءهم كثيراً من القتلى في شوال عام 124هـ، ومات بلج بن بشير متأثراً بجراحة، بعد أن استمرت ولايته أحد عشر شهراً.





عارضة مزخرفة بأشكال الورود موجودة في المسجد الكبير بالقيروان



* عام 124هـ - 742م الوالي الثامن عشر ثعلبة العاملي:
- وتولى ثعلبة بن سلامة العاملي في ذي القعدة عام 124هـ، ولاّه جند الشام ، وقد استطاع أهل الأندلس أن يجمعوا شتاتهم ويهاجموا جيش ثعلبة في الشمال قرب (ماردة)، وما استطاع هذا الجيش الثبات والصمود فدخل مدينة (ماردة) وتحصن بها حيث حاصرهم جند الأندلس، وما استطاع من بقي من جنده في قرطبة فك الحصار عنه، وشدد الأندلسيون عليه الحصار وعلى جنده، وهو عازم على الصمود والقتال رافضاً الاستسلام، إلى أن جاء يوم عيد الأضحى في ذي الحجة عام 124هـ ففتح هو وجنده الأبواب وقاموا بهجوم مفاجئ باغت الأندلسيين الذين كثر فيهم القتل وولّوا الأدبار يطلبون النجاة، وتفرقوا في الأندلس، وكانت مدة ولايته عشرة أشهر.





"أبو الخطار حسام بن ضرار الكلبي" الوالي الجديد يدخل الأندلس



* عام 125هـ - 743م الوالي التاسع عشر أبو الخطار الكلبي:
- رأى جماعة من أهل الرأي والفقه والعلم هذا الوضع المزري في الأندلس: صراع قبلي وعصبية قبلية تؤجج الأحقاد والنعرات، فأرسلوا وفداً إلى والي القيروان (حنظلة بن صفوان) يطلعونه على الصورة الحقيقة لحال الأندلس وواقعها والدماء التي تسيل حقداً على أرضها، فتفهم الأمر وأرسل رجلاً يدعى أبا الخطّار حسام بن ضرار الكلبي، في رجب عام 125هـ، والياً على الأندلس، وكان أبو الخطّار إدارياً حكيماً استطاع بسياسته أن يوقف الفتن، فأعلن العفو العام على الجميع، وطلب من جند الشام إما أن يعودوا إلى الشام أو أن يستقروا في أماكن مختلفة من الأندلس، لا أن يتجمعوا في مكان واحد، فاستجابوا له، وأمر أن يغادر ثعلبة بن سلامة (الوالي السابق)، وعبد الرحمن الفهري أرضَ الأندلس، ويتجها إلى شمال إفريقية ففعلا.
- ورضي أن يبقى ابنا عبد الملك (أمية وقطن) في الأندلس بشرط أن يساعداه ولا يتفرقا عنه.
- واستمر أبو الخطّار على هذه السياسة الحكيمة لكنه تحول عنها إذ حدث حادث في الأندلس، حيث قتل أحد أصدقائه المقربين ويدعى (سعيد بن جوّال) فاتهم أبو الخطّار القيسيين بذلك، وكذلك فعل لما تخاصم إليه قيسي وكلابي في شأن اختلفا فيه فضرب أبو خطار القيسي، وذهب هذا بدوره إلى زعيم قيسي يدعى (الصُّميل بن حاتم)- وله شأن كبير في تاريخ الأندلس-.
- وجاء الصميل إلى أبي الخطّار يريد أن يستوضح الأمر، إلا أن الأمير لحنقه على قبيلة قيس شتمه وزجره وطرده من مجلسه.




* الداهية الصميل بن حاتم:
- كان الصميل بن حاتم داهية، صاحب كلام وصاحب حجة ولسان، وبدأ يجمع القيسيين، وراسل بعض الناقمين على أبي الخطّار من بني كلب مثل ثُوابة بن سلامة الجذامي يحضهم على الثورة، فرضي ثوابة على أن يكون الأمر له بعده، لقد أصبح معيار الناس الحكمّ لا المبدأ، كما جاء الصميل إلى رجل له شأن في (أستجة) يدعى (أبا العطاء) وما زال به حتى حرّكه ضدّ أبي الخطاّر.
- وتحالف هؤلاء جميعاً، وتجمعوا في (شذونة) عام 127هـ، هاجمهم أبو الخطاّر لكنه أسر هو، وهزم جيشه.
- واستمرت ولاية أبي الخطار ثلاث سنوات.



* عام 128هـ - 746م الوالي العشرون ثوابة الجذامي:
- وتولى ثوابة بن سلامة الجذامي في رجب 128هـ.
- واستطاع رجل يدعى عبد الرحمن اللخمي في 30 فارساً و 200 رجل من المشاة أن يقوم بعملية خاطفة في قرطبة ويخرج أبا الخطّار من سجنه، وثارت العصبية تضرم نيرانها على أرض الأندلس، ومات الوالي ثوابة بعد أن دامت ولايته ستة أشهر.



* عام 129هـ - 746م الوالي الحادي والعشرون عبد الرحمن اللخمي:
- عيّن الصميلُ (عبدَ الرحمن بن كثير اللخمي) والياً في محرم سنة 129هـ واستمرت ولايته مدة وجيزة، وكثرت عليه الثورات، وتنوعت الاضطرابات، فقد ثار عليه (عمرو بن ثوابة) الذي يرى أنه أحق منه بالولاية، ورجل آخر يدعى: يحيى بن حريّن، لذلك لم يستطيع عبد الرحمن إدارة الولاية بشكل يدعو إلى الاستقرار، فعزله الصميل بعد أن دام في الحكم ثلاثة أشهر فقط وعيّن مكانه:





أحد معالم الحياة الأندلسية حيث يبدو كيف كانوا يعتنون بالمحاصيل الزراعية وكيفية تخزينها


يتبع



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://nour-heart.ahlamontada.net
محيي الدين
المدير العام
المدير العام
محيي الدين


تاريخ التسجيل : 15/02/2009
المساهمات : 3811
العمر : 76
الموقع : مدينه المنصوره
العمل/الترفيه : بالمعاش

موسوعه تاريخ الاندلس Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعه تاريخ الاندلس   موسوعه تاريخ الاندلس Icon_minitimeالسبت يناير 21, 2012 10:36 pm


سادساً: الوالي الأخير يوسف الفهري:

* عام 129هـ - 747م:
- يوسف بن عبد الرحمن بن عقبة بن نافع الفهري، جده عقبة فاتح الشمال الإفريقي وباني مدينة القيروان، وتولى في ربيع الثاني عام 129هـ، واستمرت ولايته تسع سنوات وتسعة أشهر.

- بدأ يهدئ الأوضاع، ويزيل الاضطرابات، ويسكن الفتن، وكان شيخاً قد بلغ الستين من أسرة عرفت بالتقى والصلاح والذكاء.



* الصميل يتدخل:
- طمع يحيى بن حَرين في هذا الهدوء النسبي واستطاع أن يستقر في جنوب الأندلس، وتولى مدينة (مرية )، وراسل أبا الخطّار وحرّكه وحضّه على الثورة والمطالبة بالولاية، واتفقا معاً على إثارة القبائل وجمع الجموع، فتوجها نحو (قرطبة) غير أن يوسف بن عبد الرحمن توجه لصدّهم والتقى الفريقان في مكان قرب (قرطبة) يدعى (شَقَندة) عام 130هـ، فاقتتلوا اقتتالاً شديداً، وكسرت السيوف والرماح مما أدى إلى التشابك بالأيدي، وكلّت الأيدي وتعبت الأجسام، عندئذ قام (الصُّميل) بعمل يدل على حنكته ودهائه مع أنه أميّ، حيث رجع إلى قرطبة وجمع من العمال الذين تسلحوا بالحديد، وبقطع من العصي والسكاكين، فأدخلهم في الاشتباك وهم في قوتهم ونشاطهم، وأنهَوْا هذه المعركة لصالح القيسيين وزعيمهم الصميل، مع أن عددهم لم يتجاوز (400) رجلاً، وأُسر زعيما الحركة المضادة (يحيى بن حرّين) و (أبو الخطّار حسام بن ضرار الكلبي) فأمر الصميل بقتلهما فوراً لينهي -حسب رأيه- محركي الفتنة، ويقطع دابرها.

- ثم أثخن الصميل في الناس فلما قتل سبعين أسيراً اعترض عليه حليفه السابق أبو العطاء غاضباً، أتقتل الناس؟ ومنعه من سفك الدماء.

- تذكَر أمثال هذه الأخبار لإلقاء بعض الأضواء على الثغرات التي مرّت في التاريخ الأندلسي في عصر الولاة وغيرهم مما استفاد منها أعداء المسلمين في داخلها وخارجها.

- ثم إن الوالي يوسف الفهري استاء كثيراً من تصرفات الصميل، فطلب إليه أن يترك العاصمة بعد أن ولاه سرقسطة، رضي الصميل بذلك درءاً للفتنة التي يمكن أن تقع إن لم يستجب، وحبّاً لسرقسطة التي كانت غنية في تلك الفترة، إذ نجت من القحط العام الذي أصاب الأندلس، فأكرم الناس هناك وأغدق عليهم العطايا فصار الناس يفدون إليه جماعات جماعات ليجدوا المأوى والمطعم، على العكس من الوالي يوسف الذي عانى من قدوم الجائعين والأفواج الكثيرة من شتى المناطق إلى قرطبة طلباً للرزق والطعام، فكان الوضع العام لصالح الصميل، فعلا شأنهُ وكثر رجاله، بينما بدأ معظم الناس يتركون قرطبة ويهاجرون إلى المغرب طلباً للقوت والميرة، بل قامت الاضطرابات أيضاً في الأندلس ضد الوالي يوسف بن عبد الرحمن.







روعة الزهراء في تلك الإبداعات التي لم يكن لها سابق في التاريخ



* الثورات تشتعل:
- حاول الفهري أن يخضع الثورات التي انتشرت في عدة مناطق من الأندلس، كما حاول أن يسيطر على منطقة الصخرة (بلاي) فلم يتمكن من ذلك إذ ثار عليه قائد جيشه عامر بن عمرو الذي تمرد والتجأ إلى ( قلعة عامر) في الغرب باسم (القلعة)، فأخذ يدعو للعباسيين ويدعى أن الخليفة العباسي قد عينه والياً على الأندلس -إذ كان ذلك في فترة سقوط الأمويين وظهور العباسيين في المشرق الإسلامي- والتف الناس من حوله وأيده زعيم قيس (الحبحاب بن رواحه) وكان هوى قبيلة قيس للعباسين، ولأن الوالي يوسف بن عبد الرحمن بن عقبة بن نافع الفهري من ولاة الأمويين، فقد أصبح الصراع القبلي الآن صراعاً أموياً وعباسياً كما في المشرق.



* الصراع الأموي العباسي:
- فتجمع دعاة العباسيين وأنصارهم قريباً من سرقسطة وهاجموا قوات الصميل وحاصروا المدينة في عام136هـ، مع أن الدولة الأموية كانت قد سقطت في سنة 132هـ، وانضم اليمنيون والبربر إليهم، فأرسل الصميل يطلب إلى يوسف مساعدته، مع أنه في الأصل يراه أخطر عليه من عامر بن عمرو ويحذر منه، ولذلك لم يقدم له يوسف يد العون، إلا أن زعيماً من القيسيين يدعى (عبيد الله بن عبد الله الكلابي) أيده بالجموع وبدأ يتحرك لنصرته، لكن الصميل لما رأى هوى هؤلاء مع الأمويين، فادعى أن هواه للأمويين أيضاً، فصار الصراع -قد امتد للأندلس- صراعاً بين الأمويين والعباسيين، وبالنهاية انتصر الصميل، بعد أن استمر الصراع سبعة أشهر تقريباً.






قلعة على الطراز الأموي في الأندلس





* النصارى يستغلون الأوضاع:
- في هذه الفترة مات (شارل مارتل) وتولى ابنه (بابان القصير) فاكتسح جنوب فرنسة وأخرج المسلمين منها.
- وفي هذه الفترة -فترة القلاقل والاضطرابات- مات (ألفونسو الأول)140هـ وتولى ابنه (فرُويْله) مملكة ليون النصرانية وبدأ فيما بعد ما يسمى حروب الاسترداد، وكما قال الشاعر:




هي الأحوالُ إن نُبدِل تُبدّلْعلى أعمالنا يُرسى الجزاء






ولاة الأندلس
الرقم
اسم الوالي
بداية الحكم
مدة الحكم
1
عبد العزيز بن موسى بن نصير
ذي الحجة 95هـ
سنة وسبعة أشهر




2
أيوب اللخمي
رجب 97 هـ
6 أشهر




3
الحر الثقفي
ذي الحجة 97هـ
سنتين وثمانية أشهر




4
السمح بن مالك الخولاني
رمضان 100هـ
سنتين وشهرين




5
عبد الرحمن الغافقي (الولاية الأولى )
ذي الحجة 102هـ
شهرين




6
عنبسة الكلبي
صفر 103هـ
4 سنوات ونصف




7
عذرة الفهري
شعبان 107هـ
شهرين




8
يحيى الكلبي
شعبان 107هـ
سنتين ونصف




9
حذيفة القيسي
ربيع الأول 110هـ
6أشهر




10
عثمان الخثعي
شعبان 110هـ
5أشهر





11
الهيثم الكلابي
محرم111هـ
10 أشهر




12
محمد الأشجعي
ذي الحجة111هـ
شهرين




13
عبد الرحمن الغافقي(الولاية الثانية)
صفر 112هـ
سنتين وثمانية أشهر




14
عبد الملك الفهري (الولاية الأولى)
شوال114هـ
سنتان




15
عقبة السلوك
شوال116هـ
خمس سنوات




16
عبد الملك الفهري(الولاية الثانية)
صفر123هـ
سنة وشهر




17
بلج بن بشر
محرم124هـ
11شهر




18
ثعلبة العاملي
ذي القعدة124هـ
10شهر




19
أبو الخطار الكلبي
رجب129هـ
3سنوات




20
ثوابة الجذامي
رجب128هـ
6أشهر




21
عبد الرحمن اللخمي
محرم129
3أشهر




22
يوسف الفهري
ربيع الثاني129هـ
9سنوات وتسعة أشهر



* عهد الولاة..حقائق وعبر:
- عهد جديد بدأ فيه نشر الدعوة وتوطيد دعائم الإسلام في الأندلس ولم يكن أقل أهمية من فتحها وإن عكرت صفوه فترات حكمتها العصبية القبلية والحمية الجاهلية.

- لقد قامت الجيوش المسلمة بفتح المدن في الأندلس لإزالة الحواجز أمام دعوة الله، ثم جاء دور الولاة لينشروا تلك الدعوة وليثبتوا أنهم ما جاؤوا إلا للهداية والعدالة والنور، فكان نتيجة ذلك أن دخلت الأفواج من أهل الأندلس تباعاً في دين الله.






لما رأى القوم جنداً فاتحين سمتأخلاقهم حكموا بالعدل واللينِ
وأيقنوا أن هذا الفتح مبعثهنور وهدى أقر الناس بالدينِ





* ونشير في هذا العهد إلى نقاط هامة:
- إن توطيد دعائم الحكم في الأندلس وثباتها أمام هجمات الصليبيين وحكام فرنسا ما كان ليتم لولا تمكن الإسلام في قلوب كثير من أبنائها، ويعد هذا إنجازاً عظيماً في عهد الولاة بلغوه بالإخلاص في الدعوة وصدق النية وحسن المعاملة، حتى وصل عدد المهتدين على يد أحد الولاة ألفي مهتد أسلم على يده، وهكذا المسلم أينما حل وارتحل سفير دائم لدينه بأخلاقه وسيرته وتعامله، يحمله على ذلك تعاليم الإسلام وحبه لهداية الآخرين..

- فإندونيسيا -أكبر بلد إسلامي- ما فتُحت بالقوة ولا بالحروب بل فتحت قلبها للإسلام بفضل رجال مخلصين وتجار مؤمنين أظهروا لأهلها الصورة الحقيقية المشرقة للإسلام، وكذلك دول شرق آسيا جميعها فتحت بالدعوة والهداية، وأرى الذاكرة تعيدني إلى بداية الدعوة الإسلامية، حين فتحت المدينة المنورة أبوابها لصاحب الدعوة محمد صلى الله عليه وسلم، وهل كان ذلك إلا بعد أن مهد له سفيره مصعب بن عمير بنشر الهداية بين جنباتها..

- أبين هذه النقطة لأننا مطالبون اليوم أكثر من أي وقت مضى بالعمل على فتح القلوب ونشر الدعوة كُلٌّ من موقعه -خصوصاً أننا في حالة ضعف لا نملك معها إلا سلاح الكلمة النيّرة بل ربما نلاحق عليها-، وقد بلغ عدد المسلمين اليوم في أمريكا وأوروبا عشرات الملايين-منهم المهاجرون ومنهم أهل البلد الذين اعتنقوا الإسلام- فلو أن هؤلاء أعطوا الصورة المشرقة لدينهم، وثبت في داخل كل منهم أنه سفير للإسلام، والتزم ذلك من يذهب إلى تلك البلاد سواء للسياحة أو الدراسة أو التجارة لتضاعف عدد المسلمين هناك ولأصبحنا قوة مؤثرة في سياسة تلك الدول، ويومها سيكون ذلك فتحاً كبيراً لا بقوة السلاح بل بفعل الدعوة ونور الإسلام.

* نحن بالإيمان أحيينا القلوب.. نحن بالإسلام حررنا الشعوب.. نحن بالقرآن قومنا العيوب.. وانطلقنا في الشمال والجنوب.. ننشر النور ونمحو كل هون.. مسلمون مسلمون مسلمون...

*الفكر الخارجي فكر قديم حديث، كانت نشأته في الخروج على علي رضي الله عنه، ومازال ممتداً حتى اليوم يشق عصا المسلمين ويخلع طاعة الحاكم لأي سبب ولا يرعى حرمة لجماعة المسلمين ولا لدمائهم، وأخطر ما فيه أمران:
1- تكفير المسلمين على كبائر الذنوب بل بالغوا في الشطط فأصبحوا يكفرون كل من خالفهم، ونرى أثر ذلك في تقسيم المسلمين إلى طوائف يكفرون من شاؤوا منهم ويسبغون الألقاب والحمد على من يشاؤون، وسبب ذلك كله ضحالة علمهم وضيق أفقهم.
2- اعتقادهم جواز الخروج على الحاكم لأي اختلاف معه في الفكر أو المنهج، ونشهد اليوم مآسي مؤلمة ودماء مسلمة معصومة تراق على أراضي المسلمين، ومن هنا أوجه دعوة ناصح مشفق، دعوة أخ يرى الفرقة والدماء في فيذوب قلبه حزناً وأسى، أوجه دعوة إلى شباب المسلمين وحتى علمائهم أن ينبذوا التعصب الفكري واحتكار الحقيقة، ويحفظوا حرمة الدماء التي حفظها الله عز وجل، ألا يكفي أن يستبيح أعداؤنا دماءنا في كل مكان حتى نستبيح دماء بعضنا البعض؟.
* أما أدرك عقلاؤنا آثار تحزبنا وتقاتلنا عبر التاريخ حتى وصلنا إلى ما نحن فيه؟.

- ما حدث في حصار الخوارج لبلج بن بشر في سبتة حيث طلب المؤن والطعام من حاكم الأندلس عبد الملك بن قطن فما أمده بشيء!!! فتألم أحد التجار لما يحدث للمسلمين وأرسل لهم سفينتين فيهما الطعام والمؤن فلما علم عبد الملك بذلك أعدم التاجر!!، أهذه الرحمة التي وضعها الله في قلوب المسلمين لبعضهم البعض؟، أهذا هو التواصل والتراحم الذي تحدث عنه النبي صلى الله علي وسلم؟، إن هذا الماضي الأليم يتكرر اليوم بصور أخرى حيث تحاصر البلاد المسلمة اقتصادياً وسياسياً بقرارات جائرة وتصنيفات حاقدة وإخوانهم المسلمون يمنعون عنهم كل أنواع المساعدات مع أن الإسلام نسب ورحم بين أهله.
- أليس من المعيب واللؤم أن يمنع المسلمون أموالهم عن إخوانهم المحاصرين في فلسطين لا لشيء بل لإرضاء الغرب؟
- إن غنى الأغنياء الممسكين عن أخوانهم في فلسطين وفي كل بلد إسلامي محاصر أو محتاج هو دليل لؤمهم لا غناهم.
- إن كل دينار يدفعه المسلم لإخوانه المستضعفين يأتي يوم القيامة يقول: يا رب أنا إيمان فلان.



فاللهم انشر الألفة والمحبة بين عبادك







الخوارج يغدرون بالمسلمين في سبتة








أهم المعارك والأحداث



يتبع





الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://nour-heart.ahlamontada.net
محيي الدين
المدير العام
المدير العام
محيي الدين


تاريخ التسجيل : 15/02/2009
المساهمات : 3811
العمر : 76
الموقع : مدينه المنصوره
العمل/الترفيه : بالمعاش

موسوعه تاريخ الاندلس Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعه تاريخ الاندلس   موسوعه تاريخ الاندلس Icon_minitimeالسبت يناير 21, 2012 10:42 pm


الدولة الأموية في الأندلس.. عبدالرحمن الداخل (صقر قريش)


الباب الثاني:الدولة الأموية في الأندلس



* الفصل الأول: عبد الرحمن الداخل (صقر قريش):


* صقر قريش:
- قال أبو جعفر المنصور لندمائه وجلسائه يوماً: من صقر قريش؟ قالوا: أمير المؤمنين (أي أنت) الذي راضَ الملك، وسكَن الزلازل، وحسم الأدواء، قال: ماصنعتم شيئاً. قالوا: فمعاوية، قال: ولا هذا، قالوا: فعبد الملك بن مروان، قال: لا، قالوا: فمن يا أمير المؤمنين؟ قال: عبدالرحمن بن معاوية، الذي تخلّص بكيده عن سنن الأسنة وظَبْأة السيوف، يعبُر القصر، ويركب البحر، حتى دخل بلداً أعجمياً، فمصّر الأمصار، وجند الأجناد، وأقام ملكاً بعد انقطاعه بحسن تدبيره وشدة عزمه. إن معاوية نهض بمركب حمله عليه عمر وعثمان وذللا له صعبَه، وعبدالملك ببيعة تقدمت له، وأمير المؤمنين (أي نفسه) بطلب عترته واجتماع شيعته، وعبدالرحمن بن معاوية منفرداً بنفسه، مؤيدا برأيه، مستصحباً بعزمه، هذه قصة رجل فريدة، رجل مطارَد، مطلوب الرأس، مشرّد يُبحث عنه في كل مكان، يستطيع أن يتجاوز كل هذه المخاطر والصعاب، وينشئ ملكاً وحده، ويسيطر على الأندلس كلها، بل وتثور عليه خمس وعشرون ثورة فيقضي عليها كلها ويخضعها. فأية إرادة؟! وأية قوة مستندة إلى عزيمة كان يملكها ذلك الرجل ؟!





* صفات فذة:
- قال ابن حيان القرطبي شيخ المؤرخين الأندلسيين يصفه: كان الإمام عبد الرحمن راجحَ العقل، راسخَ الحِلم، واسعَ العلم، كثير الحزم، نافذ العزم، لم تُرفع له رايةٌ على عدو إلا هزمه، ولا بلد إلا فتحه، شجاعاً، مقداماً، شديد الحذر، قليلَ الطمأنينة، لا يخلد إلى راحة ولا يسكن إلى دعة، ولا يَكِلُ الأمرَ إلى غيره، كثير الكرم، عظيمَ السياسة، يلبس البياض ويعتمُّ به ويؤثره، يعود المرضى، ويشهد الجنائز، ويصلي بالناس ـإن حضرـ في الجُمع والأعياد، ويخطب بنفسه، جنّد الأجناد وعقد الرايات، واتخذ الحُجَّابَ والكُتَّاب، وبلغت جنوده"100"مائة ألف فارس.






* عبد الرحمن الداخل:



113هـ
ولد في دمشق.
132هـ
خرج فاراً من ملاحقة العباسيين في المغرب.
136هـ
خرج فاراً إلى ليبيا.
138هـ
عبر المضيق إلى الأندلس.
140هـ
تولى إمارة الأندلس.
172هـ
توفي الداخل.


-


كان حازماً قوياً يباشر أعماله بنفسه أخمد خمساً وعشرين ثورة قامت ضده.

-


يعتبر حكمه بداية قيام الأندلس الحديثة.









العباسيون يطاردون بني أمية ويتبعون عبد الرحمن بن معاوية الداخل (صقر

قريش)



* الإرادة:
- هذه هي قصة الإرادة تمثلت في شخص، وقصة الطموح تمثلت في رجل! مع ما عليه من ملاحظات أذكرها في حينها، وكما قال الشاعر:




ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلُّهاكفى المرءَ نُبلاً أن تعدَّ معايبُه



- استطاع أن يؤسس الدولة الأموية في الأندلس بعد أن سقطت في المشرق.
- قصة ينبغي على كل شاب أن يتفهم معانيها، وندرِّسها ناشئتنا، وفي التاريخ دروس وعبر، ترفع من الهمم التي فترت وتسقي الطموح الذي بدأ يذبل في النفوس في عصر العولمة.
- إذا وُجد الإيمان وتوفرت الإرادة لا يقف أمامها شيء، ولا تحدُّها صعاب، حتى ولو كان الإيمان محدودا ًوكانت الإرادة صادقة لفعلت شيئاً وانتصر الإنسان بها.




كن عزيز النفس عالي المرتقىداعيَ الإسلام لا داعي النِّحَلْ



- وإذا تعلق قلب الإنسان بالله أتاه النصر،قال تعالى:{ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيم } آل عمران:126 ، لم يكن عبد الرحمن متميزاً بالعلم الشرعي ولا بالدعوة، ولكنه تميز بالإرادة والقوة، يقول العلماء: إذا تمسك الناس بالإسلام فالنصر آت، أما إذ اترك الناس الإسلام فالنصر للأقوى.
- أمتنا في هذا العصر تركت الإيمان وتركت الهمة، بل خمدت، مع أن الآية الكريمة تخاطب المسلمين قال تعالى:{ وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } آل عمران:139 ، ويقول تعالى:{ فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ } محمد:35. ومثال ما يجري في فلسطين شاهد على أن صاحب الهمة لا تقهره القوى الطاغية.
- وكذلك هذا المثال من التاريخ (قصة عبدالرحمن الداخل).






تزعزع الدولة الأموية في الشام


الباب الثاني:الدولة الأموية في الأندلس



الفصل الأول: عبد الرحمن الداخل (صقرقريش):

أولاً: تزعزع الدولة الأموية في الشام:

* الوليد بن يزيد الخليفة اللعوب:
- ولد في دمشق الشام سنة113هـ، وكانت أحداث خطيرة تجري في المشرق الإسلامي، والمسلمون أمة واحدة كالجسد الواحد يرتبط بعضه ببعض بأعصاب وجوارح، كما يجري في الدم الواحد والشعور ذاته، وكان في الشام الخليفة الأموي الوليد بن يزيد بن عبد الملك، وكان رجلاً صاحب لهو ويهوى الصيد، ويستمع إلى القيان شغوفاً بالجواري، ويعتبر بعض المؤرخين أن زوال الدولة الأموية من ابتداء حكم الوليد هذا. وفي تلك الفترة نشط الدعاة العباسيون من أمثال أبي سلمة الخلال في العراق. وأبي مسلم الخراساني في المشرق، مع عبد الله بن علي وغيرهم.





مجالس الأنس والطرب التي انتشرت في عهد الوليد بن يزيد بن عبد الملك



* أبو مسلم الخراساني داعية العباسيين:
- كان أبو مسلم الخراساني شاباً أظهر كفاية ومقدرة في الدعوة العباسية، وكان يأخذ البيعة من الأتباع على الصورة التالية كما ذكرها الطبري:
أبايعكم على كتاب الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، والطاعة للرضا من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، عليكم بذلك عهد الله وميثاقه والطلاق والعتاق والمشي إلى بيت الله، وعلى أن لا تسألوا رزقاً ولا طمعاً حتى يبدأكم به ولاتكم، وإن كان عدو أحدكم تحت قدمه فلا تهيجوه إلا بأمر ولاتكم.

* نصر بن سيار يحذر:
- وبدأ بجمع الأنصارفي أقصى بلاد المشرق(خراسان)، ولكن والي الأمويين (نصربن سيار) "وكان رجلاً بعيد النظرقوي الذكاء داهية مجرباً"، نظرإلى الأمورنظرة عميقة، فعمد إلى إصلاح الوضع، وأرسل إلى الوليد بن يزيد يُطلعه على ما يجري في الخفاء، ويلفت نظره إلى خطورة الوضع في خراسان، لكن الوليد بن يزيد لم يلقِ لها بالاً، واستمر على لهوه وعبثه، إلا أن الأمويين شعروا بخطورة الوضع، وأن الدولة صائرة إلى الزوال: كما قال واليهم نصر بن سيار:


أرى تحت الرماد وميض نار ويوشك أن يكون لها ضرام
فـإن النـار بالعـودين تـذ كــو وإن الحــرب أولهــا كـــلام
فإن لـم يطفِـها عقـلاء قـومي يكون وقـودهـا جــثث وهام
فقلت من التعجب ليت شعريأ أيـقــاظ أمـيــة أم نـيـام؟



* ثورات الأمويين على بعضهم:
- فقام يزيد بن الوليد بن عبد الملك عام125هـ يعلن الثورة ويضع يده على الأسلحة الموجودة في مسجد دمشق، ويطلق المال في سخاء لمن يجتمع حوله، حتى التفَّ حوله نحو ألف رجل، وأرسل قائده إلى (الغدف) في البادية وكان الوليد بن يزيد هناك حين ترك دمشق، فما استطاع الوليد أن يقاوم كثيراً فدخل غرفته ووضع المصحف بين يديه يقرأ فيه ويقول: يوم كيوم عثمان، فيقتل.
- وكان مقتل الوليد بن يزيد سنة126هـ إيذاناً بسقوط الدولة الأموية، وتولى قاتله الخلافة وبالرغم من أنه أعلن رغبته في أن يسير بالناس سيرة عمر بن عبد العزيز(رحمه الله)، فإن الناس لم يجمعوا على بيعته بل اضطربت الحال، وحدث الصراع بين الأمويين أنفسهم.
1ـ فثار عليه سليمان بن هشام بن عبد الملك في عمان.
2ـ وثار أيضاً مروان بن عبد الله بن عبد الملك في الأردن.
3ـ وثار مروان بن محمد في إرمينية، وكل هؤلاء يدعون أنهم ما أرادوا إلا الثأر والانتقام.







بدأ المسلمون يتحدثون عن الصدع والفتن التي أصابت كيان الدولة الإسلامية



* عام126هـ 744ممروان الحمار:
- على أن خلافة يزيد بن الوليد لم تطل إلا نحواً من ستة أشهر فقد مات في العام نفسه الذي ولّي فيه، وهوعام 126هـ، إبان هجوم مروان بن محمد بن الحكم، فأصبح هذاهوالخليفة ويلقب بمروان (الجعدي أوالحمار)، وكان رجلا قديرا ًداهية، صبوراً في الشدائد ولا يكلّ ولا يملّ، فثارعليه إبراهيم ابن الوليد -أخو يزيد المقتول- فدحره مروان في أول اشتباك بينهما ودخل مروان دمشق ولم يجد مشقة في أن يبايعه الناس فيها خليفة، وبايعه إبراهيم أيضاً، كذلك ثار عليه عبد الله بن معاوية بن جعفرالطيار في الكوفة واستطاع مروان أن ينهي تلك الثورة أيضاً، كذلك ثارعليه سليمان هشام وهومحارب قديم، ولكنه لم يكن سياسياً فثارمعه أهل الرصافة إلا أن مروان استطاع أن يخضعهم ويشتت تجمعهم ، وهكذا تمكن مروان من قهرأعدائه في بلاد الشام، فاستتبّ له الأمر فيها.
- كذلك انتصر في المواقع التي ظهرت القلاقل فيها كالعراق والشام والحجاز واليمن.



* عام 130هـ 748مأبو مسلم الخراساني يعلن الثورة العباسية:
- في مثل هذا الوضع المتأزم الثائركان أبومسلم يجمع أنصارالعباسيين ويدربهم تدريباً جيداَ، وبعد أن تفاقم الوضع في الخلافة سنة130هـ فاجأ أبومسلم الأمويين بإعلان ثورته، والسيطرةعلى مدينة (مرو) أولاً في أقصى المشرق في خراسان، وقاوم (نصر بن سيار) وظل يدافع عن الدولة الأموية ويمنع تقدم العباسيين، وهو الذي أخرّ سقوط الدولة عدة سنوات، لكنه مات في عام 131هـ وكأن القدر يسهل الأمر للعباسيين، فاحتل أبو مسلم الخراساني خراسان كلها، ثم يعهد بالحرب إلى رجل من طيء يدعى (قحطبة) لقيادة الحرب في العراق، ثم بعد ذلك يعهد بقيادة الحرب في الشام إلى (عبد الله بن علي)، الذي قاد الجيش وفرّ مروان بن محمد إلى حرّان ثم قنسرين ثم إلى حمص فأراد أهلها قتله إذ لم يبق إلا رجال أقلة معه، لكن مروان قدّم الكمائن على الطريق والذين صدّوا غارات أهل حمص. وصل بعد ذلك مروان إلى دمشق وولى صهره (الوليد بن معاوية بن مروان) عليها.



* عام 132هـ 750منهاية الأمويين:
- دخل عبدالله بن علي دمشق، وقتل الوليد، وسيطر على مدينة دمشق الشام، وانحاز مروان إلى الأردن، وانضم والى الأردن إليه، ثم عبر إلى فلسطين ثم إلى صحراء سيناء فمصر، وكان عبدالله ابن علي يتابعه حيثما وصل، ولما التقى به في (بو صير) حدثت المعركة المتوقعة الحاسمة بين الأمويين بقيادة مروان بن محمد، وبين العباسيين بقيادة عبد الله بن علي، ودامت المعركة عشرة أيام، وقتل مروان فيها، فانتهت الدولة الأموية وقامت الدولة العباسية.







سامراء: مكان إقامة العباسيين على ضفاف دجلة



* أسباب سقوط الدولة الأموية في الشرق:
- هكذا انتهى حكم الأمويين في المشرق صدعته الفتن والثورات والانقلابات بعد أن ملأ الدنيا حضارة وعلماً وتوسعت فيه الفتوحات في كل اتجاه، وإن المتأمل في حكمهم يلحظ أموراً خطيرة ظهرت أواخر حكمهم مهدت لسقوط تلك الدولة العظيمة:

1ـ عدم اختيار الأصلح للخلافة:
- وهذا الانحراف بدأ أواخر الحكم الأموي، فإن كان للحكم الوراثي ما يبرره من استقرار الحكم و حسم النزاع فإن الواجب أن يختار الأصلح من بين الأبناء والإخوان والأهل، ولقد كان هذا متبعاً في بداية حكم الأمويين حيث قدموا عمر بن عبد العزيز على أولاد سليمان بن عبد الملك، ثم انحرفت الأمور وتولى الوليد بن يزيد الخلافة ولم يكن أهلاً لها، بل كان صاحب لهو وانشغال بملذات الدنيا، وإذا كانت هذه أوصاف الخليفة لم ينتظر منه توطيد دعائم المملكة ولا رفع راية الدين، يقول عبد الله بن المعتزالملك بالدين يبقى، والدين بالملك يقوى) فإذا كان الملك صاحب لهو ولعب فأي قوة تنتظر منه؟!.

2ـ ظهور الثورات والانقلابات:
- وهذه طامة كبرى ثانية لا ينتظر معها شيوع الأمن والاستقرار للحكم وإنما يشجع على الثورة أمران: إما ضعف الخليفة وإما الطمع في الملك وكلا الأمرين شر مهلك.

3ـ عدم تحري الأهلية والعدل في اختيار الولاة:
- فتولى في عهدهم ولاة ظلمة مثل الحجاج الذي ملأ الأرض ظلماُ ورواها بالدماء فكان هو وأمثاله سبباً في نقمة الله عليهم ونقمة الناس أيضاً.

4ـ انتشار الفساد المالي:
- والفساد المالي كأي فساد آخر في جهاز من أجهزة الدولة يظل ينخر في جسدها حتى تقع.

5ـ ابتعادهم عن العلم:
- ولا نقصد بالعلم هنا العلم الشرعي فقط وإن كان يشمله، فالعلم بمختلف أصنافه يثمر الوعي السياسي والحضاري والاجتماعي ويجعل نظرة الحاكم والمحكوم إلى الأمور أرقى وأشمل وأبعد.

6ـ ميلهم إلى الدنيا وانشغالهم بملذاتها:
- وإن لم يكن ذلك منتشراً في جميع خلفائهم، لكن تعودّ البعض على هذه الحال كان سبباً في الانحدار وتدهور الأوضاع.







يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://nour-heart.ahlamontada.net
محيي الدين
المدير العام
المدير العام
محيي الدين


تاريخ التسجيل : 15/02/2009
المساهمات : 3811
العمر : 76
الموقع : مدينه المنصوره
العمل/الترفيه : بالمعاش

موسوعه تاريخ الاندلس Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعه تاريخ الاندلس   موسوعه تاريخ الاندلس Icon_minitimeالسبت يناير 21, 2012 10:48 pm

الباب الثاني:الدولة الأموية في الأندلس


الفصل الأول: عبد الرحمن الداخل (صقرقريش)

ثانياً: قصة الفرار العجيب:

* عام 132هـ 750م أبو العباس السفاح:
- وتولى أبو العباس السفاح أمر الخلافة بتتبع الأمويين، فأجرى القتل في صفوفهم وبين أفرادهم، حتى إن سليمان بن علي (وهو عم أبي العباس السفاح) والي البصرة يأمر بقتل الأمويين ويرمي جثثهم على الطرقات تأكلها الكلاب! فاشتد الرعب ودب الهلع فيهم، فتوارَوْا عن الأبصار، واختفوا في المناطق النائية، وتفرقوا في البلدان. وكان عبد الرحمن بن معاوية بن هشام من المطلوبين.






قصر الحير الشرقي يمثل جزءاً من الفن المعماري للدولة الأموية



* صفات عبد الرحمن الداخل:
- كان كما تقدم وصفه: راجحَ العقل، راسخَ الحلم واسع العلم كثيرالحزم نافذ العزم لم ترفع له راية على عدو قط إلاهزمه، ولابلد إلافتحه، شجاعاً مقداماً شديد الحذر، قليل الطمأنينة لايخلد إلى راحة ولايسكن إلى دَعة، لايكل الأمرإلى غيره، كثيرالكرم عظيم السياسة...وصفات أخرى كثيرة قلّ أن يتصف بمثلها كثير من القادة والرجال.
- تربى في دمشق حيث ولد فيها، وتأدب في بيوت الملك أعظم تأديب وأحسنه، وتدرب على الفروسية أفضل تدريب وتعلم فنون القتال، كما تأدب على كثيرمن معاني الخلق العربي الأصيل، وكان شاعرا ًرقيق الشعر، يأتي بأعذب الكلمات وألطف المعاني، جيد السَّبك، قال لما استقرت الأمور له في الأندلس، وقد رأى قافلة متجهة إلى الشام:


أيهـا الراكب الميمــّم أرضي أقرِ من بعضي السـلام لبـعـضي
إن جسمي كما علمت بأرضٍ و فــــؤادي ومــالكـيــــه بـأرض
قــُدِّرالبـيْنُ بيـننـا فــافــتـرقـنا وطوى البيْنُ عن جفونيَ غمضي
قــد قضى الله بالفـراق علينـا فعسـى بـاجتمـاعنا سـوف يقـضي



* شوقه إلى الشام:
- وكان جالساً في قصره بالرصافة يوماً فرأى نخلة، (ولم تكن بأرض الأندلس النخلُ) وكان هو الذي أمر بجلبها وزراعتها هناك، فهاج به الشوق إلى الديار واستبد به الحنين إلى الأهل والأحبة، وذكرى الأصدقاء فقال:


تبــدّت لنا وسط الرصافة نخلةٌ تناءت بأرض الغرب عن بلد النخل
فقلت شـبيهي بالتغرب والنوى وطـول اكـتـئـابـي عـن بـنيَّ وأهـلي
نشأتِ بأرضِ أنتِ فيها غريبةٌ فـمـثلُك في الإقـصاء والمنتأى مثلي
سقتك عوادي المُزن في المنتأى الـذييسـحُّ ويسـتـمـري السِّمـاكيْن بالوبْل



* حب الوطن:
- فحب الوطن فطرة في الإنسان السليم، وبديهي أن يتذكر المرء بلده وأهله وهذا لا يتنافى مع الإيمان، فالصحابة الكرم رضوان الله عليهم كانوا يتغنون بحب مكة وشعابها وهم في المدينة المنورة، فكان بلال رضي الله عنه إذا أقلعت عنه الحمى يرفع عقيرته ويقول:


ألا ليت شعري هل أبيتنّ ليلة بوادٍ وحولي إذخرٌ و جليلُ
وهل أرِدَنَّ يومـاً مـيـاه مـجنـة وهل يبـدُوَنْ لي شامة وخليل
- فقال عليه الصلاة والسلام اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد ) صحيح البخاري.



- وما علينا إلا أن ننشئ ناشئتنا على حب الوطن، و نعلّم الشباب حبّ الديار والأرض دون أي تعصّب أو كراهية، ويكون التعصّب إذا قُدِّم حبُّ الديار على حبّ الله وطاعته، أو ينزلها ولا يؤدي ما يطلب منه للدعوة إلى الإسلام وإقامة شعائره وشرائعه، وحب الأهل والوطن معنى سامٍ لا تعرفه إلا النفوس العليّة الطيبة.



* الاختفاء:
- فرّعبد الرحمن، واشتد عليه الطلب، واختفى في قرية نائية على شاطئ الفرات في بادية الشام سنة 132هـ، إذ حدث حادث يقصه هو في مذكراته إن صح التعبير، فيقول:
وإني لجالس في ظلمة في تلك القرية تواريت فيها برَمَدٍ أصاب عيني، وابني سليمان ـبِكرُ ولديـ يلعب قُدّامي، وهو يومئذ ابن أربع سنين، فخرج من البيت لحظة، ثم دخل إلى الغرفة فزعاً باكياً يلقي بنفسه عليّ، فجعلت أدفعه لما بي، وهو يتعلق بي لأنه خائف يقول ما يقوله الصبيان عند الفزع، فخرجت لأتبين فإذا بالروع قد نزل بالقرية، وإذا بالرايات السود عليها منحطّة، وأخي حديث السنّ يشتد هارباً وينادي: النجاةَ َالنجاةَ يا أخي، فهذه الرايات مسودة، فضربت بيدي عدة دنانير ونجوت بنفسي والصبي أخي معي، وأعلمت أخواتي بمقصدي وأمرتهن أن يلحقنني, ومولاي (بدر)معهن.
- فكمنت في موضع ناء عن القرية، فما كان إلا ساعة حتى أقبلت الخيل فأحاطتْ بالدار فلم تجد لي أثراً، ومضيت ولحقني بدر، فأتيت رجلاً من معارفي بشطّ الفرات فأمرته أن يبتاع لي دوابّ وما يصلح لي للسفر، فدل أحد عبيده السوء عليّ فما راعنا إلا جلبةُ الخيل، فسبقناها إلى الفرات، ورمينا بأنفسنا إلى النهر.



* السباحة والمأساة:
- ووصلت الخيل إلى الشاطئ الآخر، وكنت أحسن السباحة، ولما قطعنا نصف الفرات تعب أخي واندهش، فالتفتُّ إليه لأقوي همته وهم يخدعونه بالأمان، فلم يسمعني وخشي الغرق، واغترّ بأقوالهم، فأسرع نحوهم، وهم ّبعضهم أن يتجرد ليسبح ويلحقني فمنعه أصحابه، فتركوني، ثم قدّموا الصبي أخي وقتلوه مع أنهم كانوا قد أعطوه الأمان، ومضوا برأسه وأنا أنظر إليهم وهو ابن ثلاث عشرة سنة.



* إلى المغرب:
- فاحتملت عليه ثُقلاً، وملأني الحزن وملأني مخافة، ومضيت على وجهي أحسب أني طائر لا على قدميّ فلجأت إلى غيضة كثيرة الشجر، فاختبأت فيها حتى خفّ الطلب ثم خرجت أطلب المغرب.
- ولما استقر به المقام هناك أرسل يطلب أولاده وأمواله فأرسلوا إليه وتحسنت أحواله، ومعه مولاه بدر وابنه سليمان.






مطاردة عبد الرحمن الداخل وقتل أخيه غدراً



دخول عبد الرحمن الأندلس


الباب الثاني:الدولة الأموية في الأندلس



الفصل الأول: عبد الرحمن الداخل (صقر قريش):

ثالثاً: دخول عبد الرحمن الأندلس:

* عبد الرحمن الفهري يتتبع الأمويين في إفريقيا:
- في هذه السنوات كان عبد الرحمن بن حبيب الفهري قد فرّ من الأندلس إلى المغرب واستطاع أن يخضعه ويظهر على إفريقية، ولم يكن قد أعطى العهد للعباسيين ولم يبايعهم بعدُ، إذ ما يزال على عهده السابق، لذلك التجأ الأمويون إلى إفريقية وبخاصة في العاصمة (القيروان)، وكثر عددهم مما أدى إلى خشية الفهري منهم بأن يطلب أحدهم ـوهم أبناء الخلفاءـ الأمر لنفسه، لذلك لاحقهم وقتل ابنين للوليد بن يزيد بن عبد الملك وضيّق على الباقين، وصادر أموالهم، وقتل معظم من وجدهم.







عبد الرحمن الداخل يسير في شمال أفريقيا متخفياً



* الوضع في الأندلس:
- وكانت السلطة في الأندلس بيد رجلين: يوسف بن عبد الرحمن بن عقبة بن نافع الفهري الوالي الرسمي، بينما الحكم الفعلي والإدارة المسيّرة بيد الرجل الثاني الصُّميل بن حاتم وبينهما شيء من الخلاف الذي يبدو ويستتر أحياناً.



* عام 136هـ -753م ملاحقة عبد الرحمن بن معاوية:
- واشتد ّالطلب على عبد الرحمن بن معاوية، فهرب إلى ليبيا إلى قبيلة (زناة) واختفى عند رجل يدعى (أبي قرة البربري) في برقة، واقتنع بأن المكوث غير مقبول في إفريقية وأراد أن يختبر الأندلس فأرسل مولاه (بدراً) إليها، ليتصل بأنصاره ومؤيديه فالتقى بدر برجلين احدهما أبو عثمان عبيد الله ابن عثمان، والثاني عبد الله بن خالد فأطلعهما على رغبة حفيد الخليفة هشام بن عبد الملك، وأنه موجود في إفريقية وأنه يريد التأييد لطلب الحكم فوافقاه على ذلك وبدءا يجمعان المؤيدين الذين كانوا في زيادة مستمرة، وظهر أمر عبد الرحمن في جنوب الأندلس كدبيب النار في الجمر، وانتشر خبره. عاد بدر إلى سيده عبد الرحمن وأخبره بما رأى وجرى هناك.



* عام 138هـ -756م الرحيل إلى الأندلس:
- ولما ظهر أمر عبد الرحمن بن معاوية عياناً أرسل إليه مؤيدوه أن: اقدم إلينا، عبر رسولهم المضيق على سفينة، وكان عبد الرحمن ينتظر كل يوم هذه السفينة، ولما جاءه الرسول يوماً وجده يصلي ويدعوا الله أن ييسر له الأمر ولما فرغ من صلاته ابتسم وقال: من الرجل؟ قال أنا رسول أنصارك، أنا أبو غالب تمام، تفاءل عبد الرحمن خيراً وقال: تمّ الأمر وغلبنا إن شاء الله تعالى.
- ومن بعد جعله حاجباً عنده إلى أن مات، ترك عبد الرحمن إفريقية في عام (138هـ) وارتحل إلى الأندلس، فوصل إلى (إلبيرة) واجتمع إليه أنصاره ومؤيدوه، فبدأ ينظم أموره ويستعد لملاقاة معارضيه.







الداخل يستعد للرحيل إلى الأندلس



* عام 138هـ ــ756م بلبلة في الأندلس:
- في هذه الأثناء كان يوسف الفهري والي الأندلس والصميل في الشمال، وحدث أن عامراً البدري وابنه قد ثارا على الوالي يوسف الذي أعطاهما الأمان إن استسلما، ففعلا ذلك وسكنت الثورة، لكن يوسفَ غدر بهما وأمر بقتلهما مما جعل الناس يستاؤون، ويغضبون منه، ثم هطلت الأمطار بغزارة على مكان وجود الجيش حتى ما استطاع الجيش أن يحمي نفسه لهذين السببين: غدرِ يوسف وهطول الأمطار فانفض عنه كثير من جنده.



* رأي الصميل:
- أما الصميل فقد رأى أن الوضع خطير على الأندلس ففي الشمال يتربص به عدوه (ألفونسو)، و ظهر في الجنوب الأمويون, فاستقر رأيه على أن يحالف يوسف الفهري وجاء إلى قرطبة, وصلت إلى (يوسف والصميل) أخبارُ عبد الرحمن وحركته, فقال الصميل: دعنا نذهب إليه الآن, فإما قتلناه و إما شردناه قبل أن يستفحل الأمر-وكان هذا الرأي سديداً- إلا أن يوسف الفهري لم يرض محتجاً بقلة الجند وانفضاض الناس عنه, فقال له: نذهب إلى طليطلة ويستريح الجند و نجهزه ثم نقاتله.



* تحرك عبد الرحمن الداخل:
- اتجه عبد الرحمن بن معاوية مع 600 رجل من أنصاره نحو (رية ) و(شدونة) و(مارقة) وكلهم يلاطفونه أو يؤيدونه، وكان الصميل والفهري راجعيْن من (سرقسطة) فورد إليهما شأن عبد الرحمن، فعرضَ الصميل عرضاً قبله يوسف الفهري وذلك: أن يرسلا الهدايا له وأن يلاطفاه ثم يغرياه بالمال والأراضي ليترك طلب الولاية، فقبل الهدايا ولكنه لم يقبل العرض الذي قدماه فبقي الأمر معلقاً، ثم تحرك نحو إشبيلية وانضم إليه واليها (أبو الصباح) وكان يمانياً، وبذلك استقر له الوضع في الجنوب فبدأ يفكر بالهجوم على قرطبة.



* مواجهة الداخل والفهري:
- كذلك تحرك يوسف والصميل من قرطبة لصده قبل الوصول إليها، فاجتمع الجيشان يفصل بينهما نهر، رأى عبد الرحمن أن يباغت العاصمة ويلتف عليها، فتحرك دون أن يشعر الخصم، لكن الخصم قد عرف خطته، وأسرع كلاهما نحو العاصمة: هذا للدخول، وذلك لمنعه من الدخول، فوقف الجيشان في قرية تدعى (المصارة) وخيمّ عبد الرحمن على مشارف قرية تدعى"طُرَّش".



* عام 138هـ ــ 756 المعركة الفاصلة (المصارة):
- في التاسع من ذي الحجة ـيوم عرفةـ عام 138هـ حدثت المعركة الفاصلة بين المعسكرين، جيش قليل العدد والعدة ليس عنده ما يأكله إلا الفول الأخضر، و جيش كثير العدة والعدد، تصل إليه الإمدادات ويزيد الطعام عندهم، وقد همس في جند عبد الرحمن من همس بأن عبد الرحمن يركب فرساً ويستطيع بفرسه أن يبتعد عن جو المعركة إن حدث هجوم الخصم (جند يوسف والصميل) ويترك الناس ليلاقوا مصيرهم للذبح والقتل والأسر، ولما نُمَّ إليه الخبر، جاء إلى أبي الصباح يقول له: فرسي هذا يمنعني من الحركة والمناورة، فلا أقدر على ما أريد من الرمي من قوسي، لذلك قررت أن تبدل فرسي ببغلتك، ففعل هذا على حياء واطمأن الجيش إلى الداخل، ولما طلع فجر العاشر من ذي الحجة باغت عبد الرحمن خصومه صباحَ العيد عند قرية ( المصارة) وهم يظنون أنه يريد التفاوض وأعمل فيهم القتل وفر يوسف هارباً ونجا بنفسه، وفرّ جمع غفير منهم إلا أن عبد الرحمن رأى ألا يلحق القوم قائلاً: لا تستأصلوا أعداءً ترجون صداقتهم غداً، واستبقوهم لأشد عداوة منهم ليوم يكونون فيه معكم (يقصد القوط ومنطقة الصخرة).







لوحة حجرية محفورة في منارة أحد المساجد



* دخول قرطبة ولقب الداخل:
- وانتهت معركة (المصارة)، واجتمع القادة اليمانيون مع بعض، فعرض عليهم (أبو الصباح) أن يقتلوا عبد الرحمن ويتخلصوا منه، ويستلموا حكم الأندلس، فرفض الباقون هذا الأمر، وبلغ عبد الرحمن كلام أبي الصباح فلم يفعل شيئاً، وإنما عرف خطورة الرجل وحقيقته، فأكمل المسير حتى وصل قرطبة فلم يدخلها، وأرسل إلى أهلها:
من كان يريد الخروج فليخرج آمناً ولو كان من أبناء الفهري أو أقارب الصميل وليأخذ من يشاء أمواله إن شاء، فإنا ما جئنا لنقتل أحداً أو نسلب مال أحد.
ولقب عبد الرحمن منذ ذاك التاريخ بالداخل، لأنه أول من دخل الأندلس حاكما ًمن الأمويين، وتمت سيطرته على قرطبة، وسار إلى الجامع وخطب خطبة الجمعة ووعد الناس بإجراء العدل.



* الفهري يحتل قرطبة بمفاجأة عام 139هـ -757م:
- هرب الوالي السابق إلى (طليطلة)، كما فر الصميل إلى (جيّان) وصارا يجمعان القوات للهجوم على قرطبة وإخراج عبد الرحمن منها، وتوجه الداخل منها إلى ملاقاة الجيش القادم خارج قرطبة، إلا أن يوسف الفهري أرسل أبنه (أبا زيد بن يوسف) بقوة التفت على قرطبة ودخلتها وأسرت (أبا عثمان) والي الداخل، فماذا فعل عبد الرحمن؟







باب المسجد الكبير في قرطبة





* الداخل يتولى السلطة عام140هـ -757م:
- أكمل تقدمه وكأن شيئاً لم يكن حتى وصل إلى (إلبيرة) وكان جيشه كبيراً، ورأى الصميل ويوسف أن يفاوضاه، فأقروا الصلح على أن يدخلوا قرطبة جميعاً، ويقرّا بسلطة الداخل الذي اشترط أن يبقى ولدا يوسف أبو الأسود وعبد الرحمن) رهينة عنده، وأن يكرم الصميل ويوسف على أن يمرا كل يوم يسلمان عليه.
- وبهذا الصلح الذي تم عام (140هـ) بدأت الدولة الأموية في الأندلس وإن كان قد سقطت في المشرق الإسلامي، وانتشر هذا الخبر مما جعل الأمويين يتجمعون مرة أخرى في الأندلس واستقر الوضع العام لهم.










الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://nour-heart.ahlamontada.net
محيي الدين
المدير العام
المدير العام
محيي الدين


تاريخ التسجيل : 15/02/2009
المساهمات : 3811
العمر : 76
الموقع : مدينه المنصوره
العمل/الترفيه : بالمعاش

موسوعه تاريخ الاندلس Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعه تاريخ الاندلس   موسوعه تاريخ الاندلس Icon_minitimeالسبت يناير 21, 2012 10:54 pm


خمس وعشرون ثورة ضد صقر قريش



الباب الثاني: الدولة الأموية في الأندلس



الفصل الأول: عبد الرحمن الداخل (صقر قريش)

رابعاً: خمس وعشرون ثورة ضده:

1ـ أبو الصباح اليحصبي عام 141هـ - 758:
- وتطورت الأحداث في الأندلس عام 141هـ، فقد وصل إلى الأندلس المشتتون من الأمويين، وقد وصل من بينهم رجل كبير ذو شأن هو(عبدالملك بن عمر المرواني) ومعه عشرة من كبار الأمويين.
- عزل عبد الرحمن الداخل (أبا الصباح اليحصبي) حليفه السابق من إشبيلية كان قد سمع مقالته بعد الانتصار على قوات الفهري والصميل، وولى عبد الملك بن عمر على إشبيلية كما ولى ابنه عمر أيضاً على (مورو) فأصبح بذلك معظم ولاة الأقاليم من بني أمية.

* قطع الخطبة للعباسيين:
- لاحظ عبد الملك المرواني والي إشبيلية جرياً على عادة العصر في ذاك الزمان أن خطباء الجمعة يدعون في آخر الخطب لأبي جعفر المنصور الخليفة العباسي، أو لأي خليفة يعاصرهم، فأشار على عبدالرحمن الداخل أن يقطع هذا الدعاء، فأجابه: لا أريد ذلك حتى لا أستفز العباسيين علينا، قال: لا، اقطع ذاك الدعاء، وما زال به حتى أمر الداخل بقطع الخطبة للعباسيين وذلك بعد مرور عشرة أشهر على توليه إمارة الأندلس ـومع ذلك لم يطلب لنفسه الخلافة، ولا ادعى أنه خليفةـ.





صورة تمثل اجتماع المسلمين لصلاة الجمعة في الأندلس



2ـ ثورة يوسف والصميل عام 141هـ 785م:
- ومن أحداث عام 141هـ: أن يوسف بن عبد الرحمن الفهري والي الأندلس السابق قد فرّ من قرطبة واختفى فسأل عنه الداخل الصميلَ بن حاتم قائلاً: أين ذهب يوسف؟ قال الصُّميل: لا أعلم، فقال له عبدالرحمن: والله ما كان ليخرج إلا بعلمك، فغضب الصميل وأغلظ له القول: والله لو أنه تحت قدمي ما رفعتها لك فافعل ما شئت، فرأى خطورة الوضع منه، فأمر بسجن الصميل وولدي يوسف (أبي الأسود محمد بن يوسف، وعبد الرحمن بن يوسف) وظهر يوسف في عاصمة الغرب (ماردة) يجمع الجموع من بعد ذلك.
- تمكن أنصار الصميل ويوسف من أن يدبروا مكيدة فدخلوا إلى السجن وأخرجوا من فيه، فأما الصميل أخذته الأنفة فرفض أن يخرج من السجن هارباً، وأما عبد الرحمن بن يوسف فلم يستطع أن يتابع لسمنه فقبض عليه ولم يهرب إلا أبو الأسود محمد بن يوسف.


* يوسف في ماردة:
- ظهر يوسف بن عبد الرحمن الفهري في (ماردة) واستطاع أن يجمع عشرين ألف مقاتل، فشعر عبد الرحمن الداخل بخطر هذا التجمع فاتجه إلى إشبيلية والتقى بعبد الملك بن عمرو المروني وقروا أن يجمعا الجند ويحشداه لإرساله وإخضاع هذا التمرد الثالث للوالي السابق يوسف بن عبد الرحمن الفهري.


* أمية بن عبد الملك يفر:
- ولى عبد الملك ابنه أمية على جيش أرسله على عجل ليتابع فيما بعد هو على رأس جيش كبير، فلما تقدم هذا الجيش نحو (ماردة)، ووصلت الأخبار عن ماردة وقوتها وعدد جيشها، هرب قائد الجيش أمية قبل أن يلتقي بأحد، وقبل أن تكون هناك بوادر معركة، ورجع إلى إشبيلية ففاجأ والده عبد الملك بعودته فقال له والده: ما حملك على أن استخففت بي، وجرأت العدو علينا؟ فإن كنت قد فررت من الموت فقد جئت إليه. وأمر بقتل ابنه، وهنا حسم الأمر تماماً، ثم جمع بني أمية وخطب فيهم:





خزان ( صهريج ) باسم عبد الملك: من الرخام بشكل مزخرف منحوت



* عبد الملك يقود الجيش:
- (طردنا من الشرق إلى أقصى هذا الصقع، ونحسد على لقمة تبقي الرمق، فاكسروا جفون السيوف، فالموت أولى أو الظفر) فحسم بقتل ابنه وخطبته في بني أمية كل الظنون والشكوك حول قضيتهم، ثم قاد عبد الملك بنفسه الجيش، ولحقه عبد الرحمن الداخل بقوة تدعمه، وجرت عند ماردة معركة مدمرة، طاحنة قضت على معظم الجيشين: جيش يوسف بن عبد الرحمن الفهري، وجيش عبد الملك المرواني إذ قتل منهما 30 ألفاً، وأبلى عبد الملك في هذه المعركة بلاءً منقطع النظير، وتمّ له النصر ولكن كان من نتيجة المعركة أن سقط هو قتيلاً، يروى أنه في بلائه أثناء القتال لم يكن يرُى من أثر الدماء وسيلانها عليه، ولما سقط ميتاً كانت يده ملتفة على مقبض السيف، وما استطاعوا أن ينزعوا السيف من يده، ولما قدم الداخل ورآه بكى وذكره بخير، وزوج ابنه هشاماً من ابنة عبد الملك، وقرّب أبناءه وجعل منهم الوزراء وأكرمهم إكراماً جميلا ً لمكانة عبد الملك بن عمر المرواني في نفسه.



* مقتل الفهري:
- وفرّ يوسف الفهري تحدثه نفسه أن يجمع القوات ليثور للمرة الرابعة نحو طليطلة، فلما اقترب منها رآه رجل يدعى عبد الله بن عمر الأنصاري، وقال في نفسه: هذا الفهري قتلُه الراحُة له والراحة منه، وتبعه فلحقه على مسافة أربعة أميال من طليطلة وقتله، وأرسل رأسه إلى الداخل، فأعلن هذا مقتله على الناس، وظنّ أن الاضطرابات قد هدأت، ولكنه أمر بقتل الصميل بن حاتم، وتتبع أنصاره وأنصار يوسف الفهري، فصفىّ رجال الحكم السابق الذين ما تركوه على حاله إذ دخل الداخل إلى الأندلس بنفس سموحة متسامحة ، ولكن هؤلاء ما تركوه.



3- العلاء بن المغيث اليحصبي يدعو للعباسيين عام 146هـ - 763م:
- ووقعت حادثة كانت من أخطر الحوادث التي مرت على عبد الرحمن الداخل في عام 146هـ، إذ عبر داع ٍ من دعاة العباسيين شمالَ إفريقية ودخل الأندلس، وهو داعية يسمى العلاء بن المغيث اليحصبي )، أرسله الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور للسيطرة على الأندلس وجعلها تابعة للخلافة العباسية، فنزل العلاء (باجة) واجتمع الناس حوله حين أعلن أنه ينبغي أن يكون خليفة واحد للمسلمين، والآن فالخلافة بيد العباسيين فهم أولى بالإتباع من غيرهم (فنقلَ الصراعَ إلى الأندلس بين العباسيين والأمويين)، فاجتمع حوله: أعداء عبد الرحمن الداخل، رجال الحكم السابق، البربر، وأنصار العباسيين، وهيأ منهم جيشاً دخل إلى (شدونة) واستقبله أهلها وواليها، ثم استمر للوصول إلى عاصمة المنطقة (إشبيلية).



* العلاء يسيطر على إشبيلية:
- أرسل الداخل جيشاً بقيادة مولاه (بدر) فتمكن من إعادة السيطرة على (شدونة) إلا أن العلاء وجيشه تمكنوا من دخول (إشبيلية) العاصمة واستولوا عليها، وهرب جيش الداخل وهو يقوده إلى مدينة (قرمونة) يتحصن بها، وبقي حاكم الأندلس وجيشه محاصراً من قبل العلاء وقوته في تلك المدينة مدة شهرين، لكن عبد الرحمن الداخل فاجأ العلاء وجنده إذ فتح الأبواب وهجم مباغته بـ 700 رجل فقط حيث دب الرعب في صفوف الثوار وجرى القتل بينهم، وفرَ العلاء واستطاع أحد أشخاص الداخل من اللحاق به وقتله، كما قتلوا من أنصاره سبعة آلاف رجل، قطع عبد الرحمن الداخل رأس العلاء وعلقّ على أذنه رسالة مسجلة إلى أبي جعفر المنصور، حيث وضع الرأس في صندوق، كما جمع رؤوس بعض قادة أنصار العباسيين في صناديق تحمل داخلها رسائل مسجلة معبرة، معلقة في آذان القتلى إلى مكة إذ كان أبو جعفر المنصور يحج ذاك العام.





منارة أندلسية في إشبيلية مازالت باقية على حالها حتى اليوم



* إنهاء الثورة:
- وضعت الصناديق في أماكن متفرقة من أنحاء مكة، أما الصندوق الذي فيه رأس العلاء فقد وضع قرب خيمة أبي جعفر المنصور ليلاً بعملية تسلل غريبة جداً، ولما استيقظ وجد الصندوق، وفتحه فإذا فيه ما رأى فقال: عرّضنا هذا البائس (العلاء) لحتفه، ما هذا (عبد الرحمن الداخل) إلا شيطان، وما في هذا الشيطان من مطمع!! والحمد لله الذي جعل بيننا وبينه البحر.
- يكاد المرء يشعر بخوف العباسيين وخليفتهم أبي جعفر المنصور من الداخل من تلك المقولة التي سبقت.
- ولم تهدأ الأمور، وما سكنت الحوادث في الأندلس بالرغم من إخضاع الداخل أعظم ثورة قامت عليه، ثورة العباسيين بقيادة العلاء بن مغيث اليحصبي.



4- هشام بن عذرة الفهري عام 147هـ - 764م:
- قام بالثورة عام 147هـ رجل آخر هشام بن عذرة الفهري في طليطلة وكان الداخل قد تعلم الدرس تلو الدرس من التجارب الماضية، وأخذ العبرة من الثورات السابقة، لذلك لم يمهل هذه الثورة الجديدة وانطلق فوراً وقاد جيشه وفاجأ هشاماً والثوار بهجوم سريع مباغت، وحاصرهم في طليطلة وشدد عليهم، فطالبوه بالصلح فأعطاهم مقابل أن يعطوه ابن هشام رهينة لديه، غير أن هشاماً نقض الصلح بمجرد مغادرة عبد الرحمن طليطلة مما أثار عليه غضبه فقتل ابنه وكرّ عليه، وحاصره كرة أخرى في طليطلة، لكن الداخل فك الحصار عنه لنشوب ثورات عديدة في الأندلس، كلفّ مولاه بدراً بمهمة القضاء على هشام الفهري ومقاتلته، فقام مولاه بالمهمة خير قيام، ونجح في إخضاع طليطلة، وأن يخضع هشاماً ويقتله كما قتل عدداً من قواد الثورة والثائرين.





غرناطة الحمراء : حديقة أحد القصور



5- سعيد اليحصبي عام 148هـ - 765م:
- كما ثار في مدينة (نبلة) عام 148هـ سعيد اليحصبي المَطْريّ، واستطاع أن يسيطر على مدينة (إشبيلية) عاصمة جنوب الأندلس، وذلك في شهر ربيع الأول في العام نفسه.


6- غياث اللخمي عام148هـ - 765م:
- كما ثار في نفس الفترة غيّاث اللخمي في مدينة (شدونة) وأعلن تأييد المطري.
- فاستفحل أمر سعيد واستمرت ثورته إلى سنة 149هـ، عند ذلك أرسل عبد الرحمن مولاه (بدراً) فحاصرهم في (إشبيلية)، ثم أردف جيشاً بنفسه ليساند بدراً واستطاع أن يقتل سعيدا ً المَطْريّ، لكن الثورة لم تخمد إذ ترأس الثوار (خليفة بن مروان).
- ملّ أهل (إشبيلية) من الثورة والثائرين مما جعلهم يراسلون الداخلَ يطلبون منه الصلح والأمان، فأعطاهم عبد الرحمن ورضي منهم ذلك على يسلموه رأس الثائرين خليفة، فقبلوا الشرط وسلموه خليفة، فقتله الداخل وانطفأت ثورته، إنه لشيء مدهش وأمر عجيب! أن يستطيع عبد الرحمن الداخل الذي دخل الأندلس وحيداً، ثم استطاع بقلة من أتباعه من جند الشام أن يحكم الأندلس، وأن يخمد ثورة تلو أخرى!


7- عبد الله الأسدي عام 149هـ - 766م:
- وثار عليه في نفس العام 149هـ عبد الله الأُسدي، واستطاع الداخل إخضاعه.


8- أبو الصباح اليحصبي عام 149هـ - 766م:
- وخرج عليه حليفه السابق (أبو الصباح اليحصبي) أيام دخل عبد الرحمن الأندلس وكان حاكم إشبيلية، إلا أنه كان قد أسرّ بقتله لكن أصحابه لم يرضوا بذلك، وقد وصل هذا الأمر عبد الرحمن فأسره في نفسه، ثم ولاه إشبيلية ثم عزله كما مرّ، فثار عليه أبو الصباح لهذا السبب - سبب عزله- وكان ذكياً شجاعاً قويا ً وله أنصار كثر. استماله عبد الرحمن حتى جاءه في قرطبة، وانفرد به الداخل فقتله.


9- غياث الأسدي عام 150هـ - 767م:
- خرج عليه ثائراً غيّاث الأُسدي بعد مقتل أبي الصباح، وتزعّم اليمانية في إشبيلية فأرسل إليه الداخل جنوداً هزموه في إشبيلية وقتلوه فانطفأت ثورته.
- كان عبد الرحمن الداخل قد دخل الأندلس بنفس تحب الصفح والمسامحة، يريد أن يجمع القلوب ويوحد الصفوف كما بدا في تعامله مع الثائرين عليه والخصوم الدائمين مراتٍ عديدة، لكن العنصر العربي في الأندلس قد قام بثورات عديدة، وأثار عليه الخصوم وجعل الاضطرابات، كل ذلك جعل الداخل يغير معاملته مع الناس فقتل وأسر، وأبقى رهائن عنده.
- فماذا لقي من العرب؟ صراع دائم وثورات هائجة، واضطراب مستمر للحصول على الملك والسلطة -ووضع العرب في العصر الحالي لا يختلف كثيراً عن ذاك الوضع وما أشبه اليومَ بالأمس؟!-.
- لذلك قرر إجراء تغيير كبير في الجيش، فجعل معظم العناصر فيه من مسلمي البربر ومن الصقالبة، وهذه كلمة تطلق على كل من أسلم من الروم ومن الأوربيين، وكأن هذا الأمر وذاك التغيير لم يفعل شيئاً.





ممر إلى إحدى القاعات في أحد القصور الإسلامية



10- حيوة الحضرمي.

11- عبد الغافر اليحصبي.

12- عمرو بن طالون عام 150هـ - 767م:
- فثار عليه (حَيْوَة الحضرمي) في إشبيلية، وخرج عليه (عبد الغافر اليحصبي) في مدينة (نبلة) كما انتقض عليه (عمرو بن طالون) في مدينة (باجة)، لكن هؤلاء جميعاً طالبوا عبد الرحمن الداخل الصلحَ والأمان إذ جاءهم بالجنود مهاجماً، فتركهم وأعطاهم مما يكفل ألا يعودوا إلى الثورات، وذلك عند شعورهم بالضعف عن مواجهته.





13- فرويلة بن ألفونسو الأول عام 150هـ - 767م:
- استغلّ الفرنج هذه الفترة الحرجة التي مرت من عصر عبد الرحمن الداخل، وانتفع (فرَوُيْلة) الذي ورث عن والده (ألفونسو الأول) بما كان من أحداث داخلية، واضطرابات متواصلة في الأندلس والشمال، فاستولى على عدد من المناطق المجاورة لمنطقة الصخرة (منطقة ليون)، إلا أن الداخل أرسل إليه من يحاربه، وجرت الحرب سجالاً بينه وبين (فرويلة) ثم أرسل عبد الرحمن مولاه (بدراً) فأوقف تمدده فترة من الزمن، بعد أن وصل إلى (ألبة).
- وكل هذه الحوادث قد جرت في الأندلس وتعتبر من الاضطرابات التي شغلت عبد الرحمن الداخل عام 150 هـ.


14- سقنة بن عبد الواحد عام150هـ - 767م:
- ونشبت ثورة من إحدى الثورات الخطرة التي واجهت عبد الرحمن الداخل في عام 150هـ، وذلك أن رجلاً من البربر يدعى (سقنة بن عبد الواحد) قام يدعو إلى شيعة علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فادعى أنه من نسل الحسين بن علي رضي الله عنهما. صدقته حشود كبيرة من البربر، وكانت ثورته في الجنوب الغربي من جزيرة الأندلس في منطقة (سنتا مارية)، فسار الداخل ليخمد ثورته في نفس العام، ولما اقترب من المناطق التي كانت تحت ثورة (ابن عبد الواحد) فرّ الأخير إلى الجبال الوعرة معتصماً بها، وتفرقت جماعته أيضاً في عدة مناطق منها، وما استطاع الداخل أن يتابعه في تلك الأماكن الجبلية الوعرة، فكلف رجلاً من نسل عثمان بن عفان رضي الله عنه لمتابعة هذه الفئة وهو (سليمان بن عثمان بن مروان بن أبان بن عثمان)، وعاد هو إلى عاصمة ملكه، واستمرت ثورته حتى عام 160هـ.


15- عبد الرحمن الصقلبي عام 161هـ - 778م:
- وفي عام 161هـ دخل الأندلس من الشمال الإفريقي رجل من العرب اسمه: عبد الرحمن بن حبيب الفهري وعرف بالصقَّلبي، ولم يكن من الصقالبة ولا صلة له معهم لكنه سمى بذلك لشبهه بهم فهو طويل، ذو عينين زرقاوين وشعر أشقر يشبه الأوربيين، فقام سنة 162هـ يدعو للعباسيين مرة أخرى مدعياً أن بلاد المسلمين تحكمها الخلافة العباسية، وأن عبد الرحمن قد اقتطع الأندلس عن العالم الإسلامي والخلافة وعليه وعلى المسلمين في الأندلس مقاومته، وإعادته إلى سلطة الخلافة، فراسل والي (برشلونة) سليمان بن يقظان الأعرابي الذي رفض أن يؤيده، وبدلاً من أن يتجه الصقلبي تجاه عبد الرحمن الداخل بقواته، فإنه قرر أن يحارب سليمان بن يقظان الأعرابي، ودارت الدائرة عليه وعلى أتباعه، مما أضعف شأنه، فاستغل ذلك الداخل فقضى على ما بقي من قواته وأحرق سفنه مما جعله يفر إلى الجبال، فأعلن عبد الرحمن جائزة ألف دينار لمن يأتي برأسه فقتله أحد رجاله من البربر من أجل الدنانير، (وما أكثر من يبيع رجلاً بمبلغ زهيد في الدنيا بل هناك من يبيع جيشاً كاملاً!).


16- سليمان الأعرابي عام 163هـ -780م:
- زها سليمان بن يقظان الأعرابي بانتصاره على عبد الرحمن الصقلبي فأعلن الثورة على الداخل وهاجم عاصمة الشمال (سرقسطة) وتمكن منها هو وجماعته.


17- القائد السلمي عام 162هـ -779م:
- ثار في مدينة طليطلة (القائد السُّلمَي) لكن ثورته أخمدت وهزمه الداخل.





الداخل ينهي ثورة السلمي



18- إبراهيم البرلسي.

19- دمية الغساني.

20- العباس البربري عام 162هـ - 779م:
- كما أعلن العصيان (إبراهيم البرلسي) فهزمه مولى عبد الرحمن (بدر)، كما تمرد (دمية الغساني) في (إلبيرة) وأخضعه القائد (شهيد بن عيسى)، وثار من بعده (العباسي البربري) فأخمدت ثورته أيضاً.


21- عبد السلام بن يزيد بن هشام الأموي عام163هـ - 780م:
- ولأول مرة حدثت الفتنة بين الأمويين في الأندلس، فقد ثار عبد السلام بن يزيد بن هشام، وثار معه يعاونه عبيد الله بن أبّان بن معاوية بن هشام، والذي حرضهما أبو عثمان (عبيد الله بن عثمان) الذي كان قد دعم عبد الرحمن حين نزوله إلى الأندلس، وأيدهما بعض الأمويين, قال تعالى:{ ولا تنازعوا فتفشلوا } الأنفال:46، فاستطاع الداخل إخماد هذه الثورة أيضاً، وقتل الأموييَّنِْ (عبد السلام وعبيد الله) لكنه لم يقتل أبا عثمان وقال له: تركتك لفضلك عليّ وعلى الأمويين، ثم قال عنه: هذا أبو مسلم هذه الدولة في المغرب الإسلامي، يشبُهه بأبي مسلم الخراساني الذي كانت له اليد الطولى في نجاح الدولة العباسية، ولكنه خاصمها وعاداها فيما بعد، فقتله أبو جعفر المنصور في المشرق الإسلامي.


22- الخائن سليمان الأعرابي وشارلمان عام 164هـ - 781م:
- استطاع عبد الرحمن الداخل أن يخضع ثورة (ألبيرة) لكنه ما استطاع أن يخضع الثورة التي نشبت في عاصمة الشمال (سرقسطة) التي استقر فيها الثائر سليمان بن يقظان الأعرابي، كما ثار من يعاونه الحسين بن يحيى الأنصاري، فأرسل إليهما جيشاً كثيفاً يقوده ثعلبة بن عبيد، فقاتلهما قتالاً شديداً وذلك في عام 164هـ، وفي بعض الأيام عاد ثعلبه إلى مخيمّة، فاغتنم سليمان غرّته وافتراق أهل الجيش عنه، فخرج إليه وقبض عليه، وأخذه أسيراً، لذلك تفرق عسكره.





شارلمان" إمبراطور ألماني الكارولنجية" ( القبائل الأوربية التي سكنت ألمانية في ذلك العصر ).



* خيانه سليمان الأعرابيخيانه سليمان الأعرابي:
- وخاف سليمان من الداخل فأحدث خيانة ما حدثت من قبل بين المسلمين، (وهي أول حادثه يسجلها التاريخ، والله أعلم، أن يتصل مسلم بملك من الكفار يطلب إليه أن يعينه حتى يتفرد بحكم الأندلس)، هذا الملك الذي اتصل به هو (شارلمان) إمبراطور (الكارولنجية) -القبائل الأوربية التي سكنت ألمانية في ذلك العصر-، ويعرض له مقابل ذلك أن يسلمه منطقة الشمال كلها وعاصمتها سرقسطة أيضاً , ليضمها إلى إمبراطوريته المترامية الأطراف.
حادث غريب وأمر مشين جداً, قال تعالى:{ وَإِن يُرِيدُواْ خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُواْ اللّهَ مِن قَبْلُ } الأنفال:71.




كل الخيانات في من خان خالقه لابدّ أن تقرأ "الأنفال" تعتبر
- ومن النفوس من تطمع بالإمارة والدنيا ولو على الإذلال والمهانات، وقد تكون حريصة على حياةٍ مهما كانت نوعية تلك الحياة.



يتبع



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://nour-heart.ahlamontada.net
محيي الدين
المدير العام
المدير العام
محيي الدين


تاريخ التسجيل : 15/02/2009
المساهمات : 3811
العمر : 76
الموقع : مدينه المنصوره
العمل/الترفيه : بالمعاش

موسوعه تاريخ الاندلس Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعه تاريخ الاندلس   موسوعه تاريخ الاندلس Icon_minitimeالسبت يناير 21, 2012 11:02 pm


* شارلمان يهاجم والعلماء يتحركون:
- فسار (شارلمان) نحو الجزيرة الأندلسية -يدفعه الطمع والعرض المغري الذي سبق- مخترقاً جبال البيرينيه (البرت)، ولما وصل إلى سرقسطة وجد أهلها قد تحصنوا بها وأغلقوا أبوابها ورفضوا أن يدخلها واحد من جيش شارلمان أو غيره، إذ يوجد بين المسلمين في كل مكان من علماء المسلمين مَنْ يحرك الناس ويثيرهم، ويوقظ هممهم وينبههم إلى مثل هذه الجرائر التي ترتكب وإلى عظمها بحق الإسلام والمسلمين.
- نهض العلماء في سرقسطة فعزلوا سليمان، وأيدوا الحسين بن يحيى الذي عارض حليفه، وقاد المقاومة الضاربة ضد شارلمان الذي شدّد حصاره على هذه المدينة حصاراً كاد أن يهلك أهل سرقسطة.



* السكسون يثورون على شارلمان:
- ويشاء الله تعالى أن تتحول الأمور لصالح المسلمين، بل ويغير وجه التاريخ، لقد ثار على شارلمان قبائل السكسون في شمال ألمانية وفرنسة، فاضطر شارلمان أن يفك الحصار ويعود أدراجه خائباً، ولما كان يعبر جبال البيرينية وممراتها الضيقة عائداً إلى بلاده هوجمت مؤخرة جيشه حيث كان فيها كبار ضباطه مع الغنائم والأسرى فأبيدت، ووقعت الوقيعة بين الفرنجة أنفسهم.
- شعر شارلمان نتيجة ذلك بضعف موقفه وتغيرت سياسته نحو الأندلس، وظهر كأنه يؤثر السياسة السلمية تجاهها فأرسل وفداً على الداخل يدعوه إلى معاهدة بينهما فقبل الداخل بذلك وجرت معاهدة بينه وبين الفرنجة.
- واستغل القوط هذه القلاقل والاضطرابات العديدة، فاحتلوا الثلث من منطقة الشمال لكن عبد الرحمن استطاع أن يوقف تقدمهم كما مرّ.





جيش شرلمان في قتال مع قبائل السكسون





منطقة نفوذ القوط في الأندلس في عهد عبد الرحمن الداخل



* الأنصاري يثور:
- وبعد رجوع شارلمان من حصار سرقسطة، عاد الأنصاري إلى ثورته، ولم ينضو تحت لواء الداخل ظناً أنه متمكن في هذه المنطقة، فأرسل الداخل جيشاً يقوده ثمُامة بن علقمة وكلفة أن ينهي هذه الثورة، فاستطاع ثمامة أن يدخل سرقسطة ويقتل الأنصاري.



* حادثة طريفة:
- حادثة طريفة: يذكرها المؤرخون قد وقعت بعد وصول عبد الرحمن الداخل إلى سرقسطة وبعد دخول قواته إليها، تدل على أخلاقية الداخل وصفاته وحسن سياسته، قالوا: لما فتح الداخل سرقسطة وحصل في يده ثائرها الحسين الأنصاري، وشدخت رؤوس وجوهما بالعُمَد، وانتهى النصر إلى غاية أمله، أقبل خواص المدينة يهنئونه، وتسلل بينهم جندي لا يؤبه له، فهنأ الداخلَ بصوت عالِ وأسلوب فجّ يدل على قلة أدب في مثل هذه المجالس، فقال عبد الرحمن: والله لولا أن هذا اليوم أسبغَ عليّ فيه من نعمه من هو فوقي - يقصد الله تعالى-، فأوجب عليّ أن أُمهل فيه من هو دوني لأُصلينّك ما تعرضت له من سوء بالنكال. من تكون حتى تأتيَ مهنئاً رافعاً صوتك غيرَ متلجلج بمكانة الإمارة حتى كأنك تخاطب أباك أو أخاك؟ وإن جهلك ليحملُك العودَ لمثلها، وأخشى أن تكون لمثلها فلا تجد مثل هذا الشافع في مثل هذه العقوبة.
- يريد أن الله قد منّ عليه بهذا النصر، وإنك أيها الرجل لست بمقام يدعوك لأن تخاطب بهذه اللهجة في مثل هذا الموقف، ولولا وجود النصر الذي يشفع لك لأصابتك مني عقوبة ولردعتك، وكأني بك في موقف آخر لا يوجد مثله فينَُكَّل بك.



نبهونا إلى أنفسكم:
- لكن هذا الجندي قال قولة أعجبت الحاضرين، وأدهشتِ الداخل فقال:
لعلّ فتوحات الأمير يقترب اتصالها باتصال ذنوبي وجهلي فتشفع لي، لا أعدمنيه الله تعالى. فأثار هذا الجواب نفسية الداخل وقال: ليس هذا باعتذار جاهل. وتهلل وجهه، ثم قال: نبّهونا على أنفسكم إن لم نكن ننتبه إليها، فأمر برفع مكانه الرجل الجندي، وأعلى مرتبته، وزاد في عطائه.





ازدهار حركة التجارة بين المسلمين ودول العالم



32- المغيرة الأموي عام166هـ - 783م:
- ثار في قرطبة ابن أخيه عليه وهو المغيرة بن الوليد بن معاوية بن هشام يطلب الإمارة لنفسه ناكراً الجميل، ويجحد العرفان الذي أسداه إليه عمه بأن أقره في الأندلس بعد أن كان شريداً طريداً، يختفي من مكان إلى مكان وكأن الأرض قد ضاقت عليه، كحال بني أمية لما فقُدت دولتهم.



وأرض الله واسعة ولكن إذا نزل القضا ضاق الفضاء
- فآواه في قرطبة، وغمره بالنعم، وأغدق عليه العطاء لكنه أنكر ذلك وثار يطلب رأس عمه ليتولى بدلاً منه وكان هذا منه لؤما وغدراً كما قال الشاعر:




إذا أنت أكرمت الكريم ملكته وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا
- فقتله الداخل عام 167هـ، ثم أرسل أمواله إلى أبيه (أخيه الوليد) مع رسول يطلب إليه أيضاً مغادرة الأندلس، فجعل أخوه يعتذر عما بدر من ابنه، ويؤكد له إخلاصه هو إليه، وليس له أية صلة به وبثورته، فأبى الداخل إلا يخرج أخوه من الأندلس خشية أن يحركه دم الثأر غدراً، فيطلب دم ابنه، وأمام هذا الإصرار رحل أخوه إلى إفريقية.
لم يعد يثق بأحد أو يطمئن إلى واحد ولو كان من أقرب الناس إليه لما رأى منهم جميعاً، وكأنه يتمثل قول امرئ القيس:


كذلك جدي ما أصاحب صاحباً من الناس إلا خانني وتغيرا





عدد هائل من الأعمدة داخل مسجد قرطبة



24- أبو الأسود محمد بن يوسف الفهري عام 168هـ - 784م:
- ظهر ثائر ما من أحد يفكر أن يثور أو يتخيل ذلك منه: هو أبو الأسود محمد بن يوسف الفهري الوالي السابق للأندلس، بعد أن أمضى سبعاً وعشرين سنة في السجن من 141 إلى 168هـ إذ كان رهينة كما مرّ في المواضيع السابقة.
- كان هذا الرجل يفكر بالثورة، ويخطط طيلة مدة بقائه في السجن فكيف يثور سجين على الأمير؟
- وكيف يقوم بعملية وهو وحده؟


* حيلة عجيبة:
- عمد إلى حيلة عجيبة، نادرة في التاريخ، تظاهر في سجنه بالعمى حتى أتقن دور الأعمى وحركاته وتصرفاته في جميع أحواله، كان الناس يمررون أيديهم أمام عينيه فلا يحرك رمشاً، ولا يُرى أثر انفعال أو إحساس على ملامح وجهه، وكان من معاملة السجناء في ذاك العصر أن يخرجهم الحراس إلى نهر قريب من السجن في كل مدة ليغتسلوا ويغسلوا ملابسهم، ويصلحوا شؤونهم، وكان ذلك بمثابة (تنفس) إذ يُُخرجون من المهاجع والزنزانات.
- وكان أبو الأسود كغيره يؤخذ معهم بدليل من رفاقه فابتعد يوماً ونادى رجلاً على الشاطئ الآخر أن يأتي بمولاه هو في موعد محدد في هذا المكان، وجاء مولاه في موعده الذي ضرب له، فسبح أبو الأسود في غفلة عن حراسه إلى الطرف الآخر، وفرّ مع مولاه على حصان أعدهّ له، قاصداً طليطلة، ولما علم أن الوضع مستقر فيها، غيّر وجهته إلى (قسطلونة) التي تبتعد في شمال مدينة (جيان) عشرين كيلومتراً.





قرطبة المسجد الكبير, البوابة الجانبية ( الجانب الشرقي ), يعود تاريخها إلى عصر المنصور



* إعلان الثورة:
- وأعلن ثورته، وأظهر عصيانه، فاحتشد حوله الآلاف من أهل الأندلس لمكانة أبيه يوسف الفهري الوالي السابق للأندلس قبل عبد الرحمن، واجتمع معه أيضاً أعداء الداخل، كما جاء إليه الطامعون في الحكم أو الراغبون في المال والغنائم، وغيرهم. حتى اجتمع حوله حشد كبير عدّ بعشرات الألوف، تتبع الداخل خطاه ولم يمهله فجاءه بجيش عظيم وجرت بينهما معركة قرب (قسطلونة) قتل فيها من أنصاره أربعة آلاف، وفرّ هو يريد أن يجمع الأنصار مرة أخرى فلم يفلح، وتفرق أنصاره وقتل منهم خلق كثير، والتجأ أخيراً إلى قرية قرب (قسطلونة) فلحقه الموت هناك.


25- ثورة القوط والبربر عام 170هـ - 787م:
- واستغل القوط ثورته، وانتهزوا الاضطراب الذي أحدثه في هذه الفترة، فتمكنوا من مدينة جيليقية، وبسطوا سيطرتهم عليها، وهي في الشمال من الأندلس، ولكن الداخل أرسل عليهم والي طليطلة الذي تمكن من أن يوقفهم، ويقتلهم ويغنم منهم.
- وثار البربر أيضاً عليه في عام 170 هـ لكن الداخل بسط قوته عليهم وأذلهم.



* مصير بدر صاحب الداخل:
- لذلك لم يعد بإمكان الداخل أن يثق بأحد من الناس قط، فهذا مولاه بدر بعد تعب من القتال، وكلّ من متابعة الثائرين وإخضاعهم، طلب الولاية في مكان ما من الأندلس، وطلب الراحة إذ تقدمت به السن أيضاً، فأبى ذلك عليه الداخل، فسأله المال ليخلد إلى عيش رغيد فأبى أن يعطيه شيئاً، بل نفاه إلى جزيرة من جزر الأندلس الجنوبية فمات هناك رفيق السفر والشقاء، ورفيق الحروب، وصديق البيت في الحل والترحال.
- أين الروح القديمة؟ وأين العاطفة تجاه الأحبة؟ وأين مسامحة النفس، والخلق السمحة وأين العفو؟ لقد تغير عبد الرحمن لتغير الناس حتى من أبناء عشيرته وبني جلدته.





مسجد قرطبة الذي اكتمل بناؤه في عهد الخليفة المنصور




* جامع قرطبة (تحفة الفن الأندلسي):
- لا يكاد يطأ المسلمون أرضاً حتى يبدؤوا ببناء مسجد أو بيت لله يكون مركز نور وهداية وإعلان لكلمة الله أينما حل فالمآذن ترجيع أذان المهيمن الديان.
- وحينما دخل المسلمون فاتحين إلى الأندلس أقاموا عدة مساجد كان من بينها جامع قرطبة الذي اختطه وحدد قبلته حنش الصنعاني رضي الله تعالى عنه -مهندس المساجد في الأندلس- وكان موقعه في البداية كنيسة للنصارى تسمى (شنَت بُنجنت) أي القديس منصور، فأخذ المسلمون نصفها وأبقوا لهم النصف الآخر وكان المسجد وقتها في منتهى البساطة.
- ثم إن عبد الرحمن الداخل في عام 170 هـ اشترى من النصارى النصف الآخر من كنيستهم بمائة ألف دينار وهدم البناء القديم للمسجد ورفع مكانه بناءٌ جديداً وصرف همته ليكون هذا المسجد الجديد الجامع في حاضرة ملكه قرطبة تحفة فريدة من حيث بهاؤه ودقة زخارفه وروعة منظره، وفرش صحن المسجد بالأشجار وبلغ ما أنفقه فيه ثمانين ألف دينار ذهبية.
- ثم توالى اهتمام الخلفاء من بعده بمسجد قرطبة حتى كان عهد الحاجب المنصور فوسعه توسعة كبيرة وأولاه اهتماماً عظيما حتى صار يسمى (جامع المنصور).





كتاب أخبار مجمعة ويبدو من الكتابة الواضحة قصة الفتوحات الإسلامية في الأندلس





مجسم تصويري لمسجد قرطبة الكبير



* نتائج عهد الداخل:
- فصل الأندلس عن بقية الأرض الإسلامية، وأبعد الأندلس عن الخلافة الإسلامية.
- كثرت الثورات عليه والتهبت حوله تريد حرقه، أكثر من خمس وعشرين ثورة، فما أعطته الراحة النفسية للتفكير، فتغيرت معاملته حتى عن أقرب الناس إليه.
- ضاعت مناطق من جنوب فرنسة، وتمكن الفرنج من إزالة سلطة المسلمين عنها، كذلك ضاع أقصى الشمال الغربي، فتمردت (ليون القوط)، وذلك السبب الحتمي للنزاع بين المسلمين يقول الله تعالى: { ويذيق بعضكم بأس بعض } الأنعام:65.
- أسس جيشاً دائماً تعداده 100 ألف مقاتل، وشكل من 40 ألف مقاتل حرسه الخاص.
- دوّن الدواوين، واستقرت السلطة المركزية بيده، واستجلب الأشجار لتزرع في الأندلس منها النخيل والرمان، وشكلّ الأسطول البحري لحماية سواحل الأندلس.
- بنى مدينة قرطبة (سورها) وبنى مسجدها في عام 170هـ، وهو مسجد قرطبة الكبير، وجعل مدينة قرطبة تضاهي بغداد بالمنشآت العمرانية وبأسواقها، وبنى قصراً سماه قصر الرصافة يتتبع آثار جدّه هشام بن عبد الملك الذي بنى في الشام قصره المسمى برصافة هشام.
- دوّن الدواوين ورتب شؤون الدولة إذ قسّم الأندلس إلى مناطق إدارية، وضبط الأمن فيها، وكان يتفقد أحوال الرعية، ولما خشي من الاغتيال أرسل غيره ليقوم بهذا الأمر ويبلغه عن كل كبيرة وصغيرة عن أحوال الناس، وكان كريماً سخياً يحفظ كرامة الناس، فقد أعلن ألا يطلب منه أحد حاجته على ملأ من الناس، بل إنه يرسل إليه كتابة فيلبيها له دون إبطاء، شاعر جيد الشعر، أديب، شجع الشعراء وأغدق عليهم العطاء.





الداخل ينشئ الدواوين



* من الوالي بعد الداخل؟:
- ولما شعر بدنو أجله احتار فيمن يولي بعده:
أيولي ابنه البكر سليمان من زوجته الشامية وكان والياً على طليطلة، لكنه أقل كفاءة من ابنه الآخر هشام (والي ماردة) من أم إسبانية مسلمة، لكنه أقدر من أخيه على إدارة الأمور وأحسن دراية في استنباط ما يستجد من خفايا الحوادث، فهل يولي الأكبر؟
- أم يسند الإمارة إلى الأكفأ؟
- لكنه لما حضره الموت، سلّم خاتمه -خاتم الإمارة- إلى ابنه عبد الله، وقال له يوصيه: من سبق إلى قرطبة من أخويك فأعطه الخاتم، وكأنه ترك الأمر لمشيئة الله سبحانه.
- توفي عبد الرحمن عام 172هـ، ولما أعلن نبأ وفاته، بادر ولداه بالإسراع إلى قرطبة -وهما لا يدريان بشأن وصية والدهما- فكان هشام السابقّ، وأول من دخلها، فسلّمه عبد الله خاتم والده، وسّلم عليه بتسليم الإمارة.





- رحم الله الداخل وغفر له، لوحق وعمره 19 عاماً، وفرّ ووصل إلى الحكم في الأندلس وعمره 29 عاماً، واستمرت إمارته أربعة وثلاثين عاماً تقريباً، فأسس دولة، وفتح الأمصار، وشاد البناء، وعمّر العمران، وكان يخالط الناس في أحوالهم، ويُقر أمور إمارته بنفسه، هو نموذج للصبر والمصابرة، قدوة لا تباع الهمة العالية والطموح.


إذا غامرت في شرف مروم فلا تقنع بما دون النجوم


- وصدق عليه قول أبي جعفر المنصور-الخليفة العباسي- إنه حقاً: صقر قريش.


وإذا كانت النفوس كباراً تعبت في مرادها الأجسام


أنتهت الموسوعة

منقول









الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://nour-heart.ahlamontada.net
 
موسوعه تاريخ الاندلس
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الاماره فى الاندلس
» من موسوعه اشعار فاروق جويده
» موسوعه لاغرب المعلومات بالصور
» موسوعه فى الدعاء من الكتاب والسنه
» موسوعه شبه شامله عن كل ما يتعلق بالنبي عليه الصلاة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
Nour Heart :: التعليم الجامعى وماقبله :: التعليم الثانوى-
انتقل الى: