[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
. مذكرات «الفاتنة» التي أطاحت بالمشير
كنت في لقاء مع لوسي ارتين بعد الإفراج عنها في أشهر قضايا الحب والسياسة والأحوال الشخصية أيضا !!.. التقيت بها وثالثنا جهاز الكاسيت وحكت لي قصتها الحقيقية مع المشير أبوغزالة بعيدا عن كل ما حاولت وسائل إعلام الرئيس السابق ان تتخيله وتلفقه للرجل الذي كان يهدد عرش مبارك !! .. لكن دعونا نبدأ من تلك اللحظة التي لا ينساها كل المقربين من المشير في هذا الوقت ..!
إقالة أم استقالة ؟
ذهب المشير أبو غزالة إلي مكتبه في الصباح.. كانت الأعلام ترفرف فوق السواري كعادتها في هذا التوقيت المبكر.. لم تكن بدايات اليوم الجديد تنبئ عن حدث غير عادي سوف يولد من رحم هذا اليوم.. جلس المشير علي مكتبه الوثير تحيطه أجهزة التليفونات المتعددة.. أمامه عشرات الأوراق والتقارير والملفات.. برنامج مزدحم بالعديد من المقابلات واللقاءات والاجتماعات.
فجأة دق جرس التليفون.. رفع المشير السماعة.. لم تطل المكالمة.. لا أحد يعلم ماذا دار فيها.. أو من كان علي الطرف الآخر من المكالمة.. بعد لحظات اغلق الخط.. وفوجئ الجميع بالرجل الكبير يلغي برنامجه الحافل.. ولقاءاته العديدة.. يحمل بعض أشيائه وحاجياته المهمة.. ينصرف من مكتبه في هدوء.. يركب سيارته الفارهة.. تختفي به وسط زحام القاهرة.. يمضي اليوم بأكمله وتصدر صحف الصباح التالي وعلي صدر صفحاتها الأولي خبر مثير.. الخبر يحمل نبأ استقالة المشير أبوغزالة من منصبه الكبير.. لكن صياغة الخبر وما بين سطوره من كلمات توحي بأنها إقالة أكثر منها استقالة.
لم يكن الأمر عند هذا الحد يستحق دهشة الرأي العام.. فالمناصب رفيعة المستوي تحتمل التغيير والتبديل.. والاستقالة والإقالة شيء واحد.. طالما أنها في النهاية تخدم الصالح العام وتتم في إطار من المشروعية والقانون.. وتتفق مع السياسة العامة للبلاد وقيم ومبادئ المجتمع.. وقد سبق للمشير أبوغزالة أن ترك منصبه كوزير للدفاع في هدوء لم يقطعه غير فضول بعض المراقبين والصحفيين.. أثيرت وقتها علامات استفهام.. وطرحت اجتهادات.. لكن سرعان ما تبدد كل شيء طالما كانت القيادات الجديدة في المنصب الكبير لا تقل كفاءة ومهارة وفروسية.. وكان شغلها الشاغل هو الصالح العام أيضا.. نسي الناس بسرعة أخبار التعديل الوزاري الذي خرج منه المشير أبوغزالة إلي منصب جديد تولي فيه منصب مستشار رئيس الجمهورية.. وهو منصب ليست له هوية محددة.. بل أقرب ما يكون إلي تكريم نهاية الخدمة منه الي الترقية.. ومرة أخري نسي الرأي العام القضية.. ولم ينشغل بها.. أو يجتهد فيها.. أو يحملها أكثر مما تحتمل حتي كانت المفاجأة التي صحبت خبر استقالة أبوغزالة أو إقالته من منصبه الأخير.. فقد فوجئ الناس في الأيام القليلة التالية لنشر الخبر بما يشبه الصدمة!
قالت الصحف في حياء: إن ثمة معرفة وثيقة تربط بين إقالة المشير.. وحسناء مصر الجديدة.. السيدة لوسي أرتين!
تكهرب الجو.. ونشطت الاجتهادات.. والشائعات أيضا.. لكن الحقائق كانت شيئا آخر غير ما ردده بعض المغرضين.. والحاقدين.. كثرت السكاكين حول رقبة المشير الذي آثر الصمت.. وترك مصر في إجازة قصيرة إلي العاصمة الفرنسية.. باريس.. ترك الجمل بما حمل كما يقولون.. أغلق فمه.. واختار الصبر.. فالشائعات مهما سببت من جراح سوف تهزمها الحقائق بمرور الوقت.. وبمزيد من الصبر!
لكن القضية أخذت أبعادا خطيرة..
تحولت إلي بلاغات تحققها النيابة العامة.. ودخلت التسجيلات التليفونية إلي الساحة.. وشملت محاضر الرقابة الإدارية أسماء معروفة تحتل وظائف مرموقة.. وتزايد الهمس وارتفع الضجيج وعلا صوته.. ووصل الأمر إلي مجلس الشعب.. وتحت قبة البرلمان طالت جلسة نواب الأمة يتناقشون.. ويبحثون.. ويتحاورون حول الاستجواب الذي تولي رئيس مجلس الوزراء الرد عليه وكشف أسراره أمام الرأي العام!.. وهكذا أصبحت لوسي أرتين أشهر امرأة في مصر.. خاصة بعد أن ألقي القبض عليها.. وأودعت عنبر التحقيقات علي ذمة القضية!
المشير.. والمكالمات المسجلة!
أكثر الأسماء لمعانا في قضية لوسي أرتين كان المشير أبوغزالة!
قفزت إلي الأذهان بسرعة حكايات الماضي.. اشتم الناس رائحة الستينات.. واجتروا ذكريات المشير عبدالحكيم عامر وقصة غرامه الشهيرة بالممثلة برلنتي عبدالحميد.. وشائعة غرامه بالمطربة وردة الجزائرية.. بل أضافوا إلي غرام الجنرالات غراما آخر كان طرفاه اللواء علي شفيق مدير مكتب المشير عامر والمطربة المعروفة مها صبري.. لكن سرعان ما توقف الناس أمام حقيقة مؤكدة.. لقد تزوج المشير عامر ومدير مكتبه من الفنانتين المعروفتين برلنتي عبدالحميد ومها صبري بينما بقيت علاقة المشير عامر بالمطربة وردة الجزائرية لا تتجاوز شائعة قوية عاشت زمنا غير قصير في ذاكرة الشعب!.. من هنا قفزت علامات الاستفهام تتراقص أمام العيون وداخل العقول.. فإن لم يكن المشير أبوغزالة قد تزوج من لوسي أرتين كحكايات الستينات.. ولم تكن علاقته بها شائعة كحكاية عامر ووردة الجزائرية فالأمر سوف تكون له دلالات خطيرة.. وسوف يعني أن غراما دارت وقائعه بعيدا عن توثيق المأذون.. ودفع صاحب المنصب الكبير ثمنا فادحا لكل دقة قلب هتفت ذات يوم بلوسي أرتين صاحبة الجمال الذي لا يقاوم!
واستند البعض إلي شائعة ترددت في منتصف الثمانينات عن قصة حب تربط بين المشير أبوغزالة وإحدي نجمات الصف الأول في السينما والتليفزيون اشتهرت في السنوات الأخيرة بأدوار الهانم!
.. وردد هؤلاء بأنه طالما كان قلب المشير أبوغزالة يعرف الحب ويذوب فيه مع إحدي بطلات السينما فماذا يمنع من أن يكون حب جديد قد ربط بينه وبين لوسي أرتين؟!
فريق آخر أكد أن المكالمات التليفونية المسجلة دليل علي براءة المشير أبوغزالة أكثر من كونها دليلا علي إدانته فهو لم يطارحها الغرام من خلال تلك المكالمات ولم يشاغلها بكلمات الغزل سواء العفيف أو غير العفيف.. وكان هذا الفريق يردد جملة واحدة في نهاية تعليقاته.. "اتقوا الله في المشير"!.. لكن هؤلاء نسوا أنه لم تكن هناك تسجيلات تليفونية للمشير في قضية لوسي!
الحقيقة الغائبة!
الذي لا يعلمه هذا الفريق أو ذاك أن لوسي أرتين كانت تعرف المشير جيدا.. وترد علي مكالمته التليفونية.. وفي بعض الأحيان تبادر هي بالاتصال به.. فما هي الحقيقة التي غابت عن الناس.. ولم تصل الي الرأي العام المصري.. ولم تتناولها الصحف المصرية أو العربية سواء عمدا أو سهوا؟!.. كيف تعرفت لوسي أرتين علي المشير أبوغزالة؟! وكيف تطورت العلاقة حتي وصلت الي قمة الميلودراما؟!
قالت لي لوسي ارتين إن صداقة قوية كانت تجمع بين المشير أبوغزالة ووالد لوسي أرتين الذي كان يشغل منصب المدير المالي لإحدي الشركات المنفذة لبعض مشروعات البناء للقوات المسلحة.. وبحكم وظيفة الأب وموقع المشير تطورت العلاقة إلي صداقة حميمة فرضها الواقع والمنطق.. والد لوسي أرتين يقوم بعمله علي خير وجه.. صادق.. أمين.. دمث الخلق.. والمشير يحترم هذه الصفات في كل الذين يتعاملون معه ويتحلون بها.. خاصة أن والد لوسي كانت له هو الآخر صداقات واسعة مع عدد كبير من الشخصيات العامة والمسئولة.. وكان الجميع يحترمه ويواظب علي الاتصال به من حين لآخر للاطمئنان عليه وفي المناسبات لتهنئته.. وكان المشير يتصل به هو الآخر من حين لحين لسؤاله عن أخبار المشروعات وأخباره الشخصية.
لوسي علي الخط
مرات كثيرة كان المشير يتصل تليفونيا فلا يجد والد لوسي.. وكانت هي ترد علي المكالمة بكلمات المجاملة الرقيقة التي تبدأ دائما بأهلا يا "أونكل".. وذات مرة سألها عن أحوالها مع زوجها بعد أن دبت المشاكل بينهما.. نصحها بالتريث فأخبرته بأنها لا تريد هدم بيتها وعشها الهادئ.. لا تريد أن تحرم طفلتيها من والدهما.. تتحمل كل الهوان والعذاب ليبقي زوجها مع ابنتيه الصغيرتين.. لكنها لا تجد من زوجها شعورا متبادلا.. فهو يقع دائما تحت سيطرة أسرته.. كان رد المشير في العديد من المكالمات لا يخرج عن نصيحتها بالصبر.. وتصمت لوسي.. وتنتهي المكالمة في كل مرة بأمنيات المشير لها بالتوفيق في إنهاء مشاكلها العائلية ثم يختتم المكالمة طالبا منها إخبار والدها بضرورة الاتصال به.
تكررت المكالمات.. وتكررت شكوي لوسي من تعنت زوجها.. وسلبيته أمام عداء أسرته لها.. فما هي حقيقة الجحيم الذي قررت لوسي أنها تعانيه ليل نهار في حياتها الزوجية؟!.. ولماذا وصلت مع زوجها الي الطريق المسدود؟!..
لابد أن لكل نهاية.. بداية فما هي بداية الطريق؟!
غرام المراهقة!
كانت لوسي في عامها السابع عشر عندما تعرفت علي الشاب الرياضي "يرفانت".. فتاة في عمر الزهور.. شقراء طاغية الجمال.. رشيقة القوام.. واسعة العينين.. تجمع عيناها بين زرقة البحر وخضرة أوراق الشجر.. نحيلة الأصابع.. وكما تقول الأغاني "فمها مرسوم كالعنقود".. شعرها سلاسل ذهبية تتطاير مع أول نسمة هواء كطفل يلهو في براءة.. أنيقة.. تتمتع بحضور قوي.. وجاذبية مثيرة.. وأنوثة صارخة.. تبدو أحيانا عاصمة لجمال الشرق.. وأحيانا أخري تبدو رمزا لرقة الغرب.. لا تستطيع أن تحدد أمام رقتها وجمالها إن كانت ملهمة للشعراء كما في حكايات قيس وليلي.. أما ملهمة للأبطال كما في قصص هتلر وإيفا!
كانت تتردد علي نادي الأرمن فهي مسيحية أرمينية.. مصرية الجنسية.. شباب النادي يحوم حولها حيثما ذهبت أو حلت.. يتسابقون علي الفوز منها بابتسامة.. أو حتي نظرة رضا من وجهها المضيء كالقمر.. المشع كالشمس.. المتألق كنجوم السماء في ليالي الربيع.. لكن لوسي لم تفتح قلبها إلا لشاب واحد.. إنه يرفانت.. طويل القامة.. مفتول العضلات.. رياضي.. بهرها.. أحبته بكل عنف المراهقة رغم أنه كان يكبرها بأكثر من عشر سنوات.. قلبها كان بكرا بلا تجارب أو غزوات أو نزوات.. انفتحت أبوابه علي مصراعيها أمام هذا الطارق بإلحاح.. عارض أبوها رغبتها في الزواج من يرفانت.. لكن أمها وقفت إلي جوارها.. أصرت علي أن تتزوج ابنتها ممن تحب مهما كان فارق السن أو الطباع.. وعلي الفور تحدد موعد الزفاف.