الـ50 يوماً الأولى

مضت حتى الآن 50 يوماً منذ وصل محمد مرسى مرشح الإخوان المسلمين إلى سدة الحكم متأبطا برنامجاً قصير المدى يعد الناخبين بإنجازات متعددة تعهد بأن يحققها فى الـ«100يوم» الأولى لحكمه، أى أن نصف المدة قد انفض الآن، ولم تلح فى الأفق بوادر لأى من تلك الإنجازات، بل على العكس فإن ما جد على حياتنا هو مزيد من المشاكل التى لم تكن قائمة من قبل، مثل الانقطاع المستمر للتيار الكهربائى ومشاكل المياه، ثم جاءت استباحة حدودنا الدولية والتعدى على أمننا القومى فى سيناء.

ولقد وعد محمد مرسى بأن يعيد الأمن والأمان للشارع المصرى خلال الأيام الأولى من حكمه، مؤكداً أن ذلك فى مقدمة الأولويات على قائمة الـ«100 يوم»، لكن شيئاً من هذا لم يتحقق حتى الآن، فمازال المصريون الذين انتخبوا «مرسى» والذين لم ينتخبوه، يعيشون فى خوف من العنف وأعمال البلطجة -فى غيبة- من القانون، ولقد تغيرت الوزارة وجىء بوزارة أخرى تبدل فيها وزير الداخلية، وعيّن وزير آخر، لكن وضع الأمن - أو غياب الأمن - مازال على حاله، إن لم يكن قد ازداد سوءاً.

لقد تركز تحرك الرئيس الجديد حتى الآن على محاولات إحكام سيطرته على البلاد، وليس على حل مشاكل شعبها، وجدناه حين عيّن وزارة جديدة من اختياره أتى بوزرائها إما من بين صفوف الإخوان المسلمين أو من الموالين لهم، ثم انصرف بعد ذلك إلى التخلص من القيادات العسكرية، وقام بحل المجلس الأعلى للقوات المسلحة، ثم اتخذ من الخطوات الانتقامية ما من شأنه أن يكمم أفواه الصحافة والإعلام بمصادرة الصحف وإغلاق القنوات الفضائية ورفع الدعاوى القضائية على الصحفيين الذين يتصدون له بالنقد، ويغير أكثر من 50 رئيس تحرير دفعة واحدة، ثم يتوعد القضاء بإجراءات عقابية وصلت إلى حد التلويح بإلغاء المحكمة الدستورية العليا (!!).

إن أياً من تلك «الإنجازات» لم يرد فى برنامج الـ«100 يوم» الأولى التى روجت لها الحملة الانتخابية لمرشح الإخوان الرئاسى، أما ما ورد فى البرنامج فلم يتحقق منه شىء.

ولقد وصلتنى رسالة على بريدى الإلكترونى تقول: «إنجازات الرئيس الفرنسى فرانسوا أولاند اليسارى الكافر والعياذ بالله فى الـ(100 يوم) الأولى: تحقيق الأمن فى الضواحى المحيطة بباريس وتحديد 15 منطقة ذات أولوية أمنية إصدار قانون ضد التحرش الجنسى. رفع الحد الأدنى للأجور. ضبط الميزانية. تعديل قانون المعاشات ورفع قيمة المعاش. تعديل قانون الإيجارات. خفض الضرائب على الكتب وعروض المسرح والأوبرا لتصبح 5.5% فقط، بالإضافة لقرارات أخرى تتعلق بالتسليح وبالعلاقات العسكرية مع الدول الأخرى».. ولم نسمع أنه مس الصحافة أو القضاء أو غيرهما من مؤسسات الدولة الثابتة التى لا ينبغى أن يكون للرئيس علاقة بها، وتواصل الرسالة: «أما مرسى فى الـ(50 يوماً) الأولى فقد صلى التراويح والتهجد والجمعة والعيد وقطع عنا المية والنور».