التاريخ لا يكتبه الأقزام

الصفحه الرسميه للشهيد الراحل عمر سليمان

التاريخ لا يكتبه الأقزام

سعيد السنى

الثلاثاء 2012/10/2 4:54 م

جماعة "الإخوان المسلمين" بدأت العبث فى "التاريخ ", وأمتدت أيايديها أو المنافقين الذين يبتغون رضاها , إلى الكتب الدراسية , ففى الفصل الخاص ب"ثورة يوليو" بكتاب "كفاح شعب مصر" المقرر على الصف الثانى الإعدادى , لم يرد أسم الزعيم الراحل جمال عبد الناصر مطلقا , وكأن "الطرف الثالث" هو الذى قام بهذه الثورة الحقيقية المجيدة ,وفى فصل معركة العدوان الثلاثى عام 1956 على بور سعيد لم يرد أى ذكر لما قام به عبد الناصر.

وفى كتاب "التربية الوطنية" للصف الأول الثانوى , قاموا بإعادة تعريف "الإنتماء" بأنه الإنتماء ل"جماعة دينية" , وليس ل"الوطن" , ولا أدرى لماذا لم يستكمل "المؤلف المنافق" للكتاب تعريف الإنتماء , وجعله ل"جماعة الإخوان المسلمين" , اللهم إلا أن يكون قد خشى غضب السلفيين بإعتبارهم قريبين من كراسى الحكم .

تتزامن هذه السلوكيات الإخوانية الصبيانية , الكاشفة بأننا أمام جماعة "الأقزام" فكراً وسلوكاً , مع حلول الذكرى أل 42 لوفاة الزعيم الخالد جمال عبد الناصر , يوم الجمعة الماضى , حيث نشبت حروب شرسة على صفحات المواقع الإخبارية تعليقاً على المقالات المادحة فى عبدالناصر أو العكس , وعلى صفحات التواصل الإجتماعى, بين النشطاء الذين يرون فى عبد الناصر زعيما تاريخيا , وصاحب إنجازات عملاقة , وبين الميليشات الإليكترونية لجماعة الإخوان المسلمين , التى أستلت سيوفها المسمومة بالسباب والشتائم والتكفير والتشكيك فى إيمان الآخرين , وسوء التعليق والخُلق , وفوق ذلك كله الحقد والغل من كل ماهو ذو شأن أوجماهيرية , أو كاريزما , أو قيمة أو مكانة ..

رغبة من الإخوان فى محو الماضى مؤقتاً , ثم إعادة صياغتة أو كتابتة مجدداً , ليكون إخوانياً , مع الإخونة التى تجرى حالياً على قدم وساق للحاضر والمستقبل .. إنهم جماعة تشعر ب"التقزم" , رغم وصولها إلى السلطة والهيمنة على مقدرات الدولة , لكنها عقدة النقص التى تتحكم فى سلوكياتها , كونها جماعة لاتملك إلا تاريخا من العنف والتآمر وغموض التمويل , وإن كانت مناقشات الكونجرس ,فى الأسابيع الأخيرة , ومعركة الإنتخابات الرئاسية الأمريكية قد تكفلت بكشف بعض أسرار التمويل الأمريكى , ل"الجماعة" ,بعد "ثورة"

أو "نكبة" 25 يناير ", لافرق , مثلما أن الوثائق البريطانية كشفت مؤخراً عن أن مخابرات "الإنجليز" هى التى دفعت الشيخ حسن البنا إلى إنشاء وتأسيس جماعة الإخوان المسلمين , و"مولت" له التنظيم وأمدته بالأموال اللازمة , مع ملاحظة أن الإنجليز كانوا يحتلون مصر آنذاك , وهذه هى العشرينيات التى راح الرئيس الدكتور محمد مرسى يتباهى بها فى خطابه الشهير بميدان التحرير , عقب إعلان فوزه , وسط الحشود الإخوانية والسلفية , فقد تأسس التنظيم الإخوانى الششيطانى عام 1928 على يد إمامهم أو نبيهم "البنا" , وهؤلاء الممولين الإنجليز ل"الجماعة" , هم الذين طردهم "عبد الناصر" بعد ثورة يوليو المجيدة , بإتفاقية الجلاء , الموقعة يوم 19 أكتوبر سنة 1954, والتى أنهت هذا الإحتلال البريطانى لمصر بعد استعمار دام 73 عاما وتسعة أشهر وسبعة أيام ..

هذه هى "بريطانيا العظمى" الدافعة معنوياً ومادياً لتأسيس "الجماعة" , كانت تُوصف بانها الأمبراطورية التى لاتغيب عنها الشمس .. لكن الشمس غربت عنها على يد ناصر عام 1956 بعد فشل العدوان الثلاثى ( بريطانيا وفرنسا وإسرائيل ) وإندحاره , بمقاومة الشعب المصرى ومدن القناة .. هذا هو التاريخ, وهذا هو الفرق , بين عبد الناصر , والإخوان فى قضية واحدة فقط , هى العلاقة مع المحتل البريطانى , ولايغير من ذلك أن يتجاهل مؤلف متسلق لكتاب دراسى هذا الدور والتاريخ ل"ناصر" , فهو أكبر من كل الكتب المزيفة , ومن جماعة الأقزام المسلمين .

يريد "الإخوان" التخلص من كل ماعداهم , حتى لايقارن الناس بينهم أوقادتهم , مع الآخرين من رجالات وقامات مصر وعظمائها , ويمثل عبد الناصر لديهم أكبر"عقدة نقص" شديدة التعقيد , إنهم يذكروننى بالمشهد السينمائى المُضحِك , حين ذهب "القزم" إلى الطبيب يشكو له معايرة الآخرين له على قصر القامة , فكان أن نصحه الطبيب , بأن يمشى فى الشوارع , مردداً , "أنا مش قصير قزعة , أنا طويل وأهبل " , وهكذا جاء "علاج" الطبيب النفسانى بالفيلم , علاجا سينمائياً وهمياً لايعالج المرض أو العقدة , وإنما يمنح الفرصة لكل عابر سبيل للسخرية والضحك , كلما يرى أو يسمع هذا "القزم" مردداً العبارة السينمائية الشهيرة ..

وهكذا بعض انصار الجماعة من ميليشاتها أو المنافقين والأقزام , ياتون أفعالاً من شانها تضخيم "عقدة النقص" الكبرى التى تعانى منها الجماعة , وزيادة السخط عليها , وتسليط الضوء - دون قصد - على الشعور المتضخم بالنقص الذى يعانى منه الإخوان , تجاه عبد الناصر , الذى كشفهم وفشلوا فى إغتياله , لكنه باخطائهم وحماقاتهم , ألزمهم الجحور المناسبة لهم , فهم قوم يقولون مالايفعلون , ممن تنطبق عليهم الآية الكريمة : "كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون" , صدق الله العظيم ..

ويكفى فى هذا السياق أن نشيرإلى فيديو صغير لجانب من إحدى خطب عبد الناصر , يتداوله نشطاء الفيس بوك وتويتر , يروى فيه "ناصر" جانباً مما دار فى أحد لقاءاته بـ"المرشد العام لـ"جماعة الإخوان", وكيف أن المرشد زار عبد الناصر عام 1953 طالبا منه أن يقيم "الحجاب" و كل واحدة فى مصر تلبس طرحة .. فكان رد ناصر على المرشد : "لو الواحد قال الكلام ده نبقوا كده رجعنا للحاكم بامر الله ", وأنا رأيي أنه كل واحد فى بيته هوا الذى ينفذ هذا .. رد المرشد مخاطبا ناصر .. أنت بإعتبارك الحاكم مسؤل تقيم الحجاب.. وجاءرد عبد الناصر ناسفاً قائلا له .. يا أستاذ أنت بنتك فى كلية الطب مش لابسة طرجة , مالبستهاش طرحة ليه ؟ , إذا كنت أنت مش قادر تلبس بنت واحدة اللى هي بنتك .. عاوزنى أنا أنزل ألبس 10 مليون طُرح فى البلد ؟؟؟" !!!.

إن التاريخ يكتبه العظماء والزعماء بأفعالهم وشخصياتهم وما قاموا به من أعمال أو ثورات غيرت وجه الحياة فى مجتمعاتهم , يكتبونه بالصدق والتطابق بين الفعل والقول , بالمبادئ والقيم والمثل العليا , وليس بالكذب والغش والتآمر والعنف والإنفصام بين الأفعال والأقوال .. العظماء وفى المقدمة منهم عبد الناصر , يفرضون وجودهم وأسمائهم على صفحات التاريخ , يتدارسه البشر فى كل مكان يتعلمون منه ويستنيرون به جيلا بعد جيل .. بإختصار شديد :" التاريخ لايكتبه الأقزام" حتى ولو كانوا يحكمون مصر .

» من ذاكرة التاريخ
» حيوانات ما قبل التاريخ!
» موسوعة علم التاريخ
» سيناء عبر التاريخ
» مجموعة من القصص في التاريخ