طاعه المرأه ...وماذا جنت

لم تكن وردة إلا فتاة بسيطة نشأت في أسرة متوسطة الحال لأب يعمل عاملاً بإحدي الهيئات الحكومية وأم لا تعرف في الحياة سوي رسالتها في مساندة زوجها وتربية أبنائهما وهو ما ورثته الفتاة فصارت علي نفس النهج لا تأبي بعواصف الزمن من أجل البقاء حتي تأتي النهاية لذا لم يكن زواجها من سيد أمر مستغرباً برغم الاختلال الكبير بينهما.
وسط الظروف المادية للأب لم تجد الفتاة نفسها مجبرة علي التفوق في الدراسة لذا فقد تأقلمت مع أوضاعها حتي كان لها التخرج في كلية رياض الأطفال والعمل بإحدي رياض الأطفال الخاصة براتب يفي بجزء من متطلباتها الأساسية ورغم ذلك إلا أنها كانت في قمة السعادة بالأموال التي تتحصل عليها من عملها خاصة إنها باتت تشعر لأول مرة في حياتها أنها أضحت قادرة علي تلبية بعض رغباتها في شراء بعض الأشياء الخاصة بها مثل الكثيرات من صديقاتها التي لم يكن من حقها في الماضي إلا أن تستعيرها منهم.
صارت الفتاة موظفة وبات زواجها هو الشغل الشاغل لأسرتها خاصة إنها الإبنة الوحيدة ورغم انها لم تكن تبالي بالأمر إلا أنها وجدت نفسها مهتمة طواعية لرغبة والديها لكن أمام الظروف المحدودة والمتواضعة للأسرة لم يكن أي شاباً مناسباً للزواج منها خاصة إنها ستتحمل جزءاً كبيراً في تكاليف الزيجة إذا كان من يطلب يداها في مثل ظروفها.
وفق معطيات الأسرة كان سيد صاحب ورشة النجارة في الشارع الذي تقطن فيه وردة هو الرجل المناسب للارتباط به فرغم أنه يكبرها بعشر سنوات ولم ينل سوي الشهادة الاعدادية من مراحل التعليم إلا أنه كان يحظي بوضع مالي يمكنه من تحمل كافة تكاليف الزواج وهو نفس السبب الذي دفعه للتفكير في الارتباط بوردة رغم انها حاصلة علي مؤهل عال.
تقدم سيد لخطبة وردة وباركت الأسرة زواجها وتم الزواج في غضون ثلاثة أشهر حيث كان الرجل قد سبق له الزواج من امرأة أخري إلا أن القدر لم يشأ لها الإنجاب وبعد أن حار بها علي عيادات الأطباء قرر الانفصال عنها لرغبة الرجل في ذرية تراعاه وقت الشيب لذا فقد كانت الشقة مؤثتة ولم يحدث بها سوي تغييرات طفيفة في بعض قطع الآثاث من قبيل التغيير وكعادتها طوال حياتها لم تعترض علي مثل هذه الأمور ووافقت علي كافة أفعال الرجل بلا جدال أو نقاش.
أدرك سيد صفات وردة من اليوم الأول في زواجهما وفهم كيف انها امرأة مطيعة لا تبحث إلا عن الستر في الحياة بعيداً عن الغوص في المشاكل كالكثيرات من النسوة وهو ما أحبه وتوافق مع النزعة الذكورية التي غرستها فيه والدته منذ نعومة أظافره فصار هوس السيد وأضحت هي أمينة بلا جدال.
مضت الأيام ووضعت وردة مولودها الأول وكان القدر رحيماً بها عندما كان ولداً لتحقق جميع أحلام زوجها في الإنجاب وقبل أن يتم صغيرها عامه الأول كان حملها الثاني تلبية لرغبة زوجها الذي كان يشعر أن العمر تقدم به وعليه أن يسرع في الإنجاب ليعوض مافات مع زوجته الأولي لتزادد فرحته بإنجاب الولد الثاني.
تحققت جميع أحلام سيد في الحياة وتفرغت وردة لتربية الصغيرين ورغم أن الأعباء تثاقلت عليها إلا أنها لم تشكو يوماً من الحمل الملقي علي كاهلها بل إنها كانت سعيدة برسالتها في الحياة تماماً مثل سعادة أمها مع والدها.
مضت السنون والحال هو الحال حتي همت المرأة بغسل ملابس زوجها وقبل أن تضع بعضها في الغسالة وجدت بداخلها بعض الأوراق فهمت لإخراجها فإذا بورقة موقع عليها طرفين زوجها أحدهما وما أن قرأتها حتي أغشي عليها من هول الصدمة.
15 عاماً كانت قد مضت علي زواج وردة من سيد عندما اكتشفت زواجه عرفياً من امرأة أخري دون أن تعرف لماذا أقدم علي ذلك وهي لم تقصر تجاهه في أي شيء لتشعر ولأول مرة في حياتها بالمرارة التي دفعتها للثورة بعد سنوات طويلة من الصمت لتفاجئ بعواصف لم تقدر أبعادها.
جن جنون سيد من الكلمات التي ألقتها وردة في وجهه وبدلاً من أن يشعر بالحزن والعار من فعلته خاصة بعد علمها بأن زوجته الجديدة ماهي إلا راقصة في إحدي الكباريهات أخذ يوبخها لقيامها بمطالعة أوراق كانت في جيبه دون أن يدري فازداد انفعالها ليزيد هو الآخر في ثورته ويقوم بتطليقها في لحظة غضب.
عادت وردة لمنزل أسرتها لكنها لم تعد كما خرجت منه فقد شعرت بأنها عجوز علي مشارف النهاية وقد فقدت كافة وسائل التعايش خاصة إنها استقالت من عملها عقب زواجها من سيد كما اشترط عليها حتي لا يعايره أصدقاؤه بأنه "زوج الأبلة" علي حد قوله ومعاش والدها لا يكاد يكفي نفقات علاجه وهي من كانت تساعد أسرتها من حين لآخر وتدرك جيداً الحالة التي هم عليها.
وجدت المرأة نفسها أمام خيار وحيد وهو اللجوء لمحكمة الأسرة للحصول علي نفقة من زوجها حتي تتمكن من إيجاد فرصة عمل وهي في نهاية العقد الرابع من العمر مهما كانت الوظيفة المهم أن تواصل وتكافح كما تحدت وصمدت منذ البداية.
في محكمة الأسرة كان استدعاء سيد بعد إعلانه بالقضية المرفوعة عليه من مطللقته ورغم يقينها بأنه ليس من السهل عليه أن يرضخ بالتفاهم ويتفق معها علي دفع نفقة شهرية إلا أنه فاجأها بطلب الصفح عنه والرجوع إليه من جديد بعد أن أدرك خطأه وآتي إليها متوسلاً المغفرة لتدرك أن الخطأ لم يكن من سيد بمفرده ولكنها شاركته عندما كانت مطيعة في كل شيء بلا تفكير وهي تقول نعم لكل الأمور فوافقت علي العودة له من جديد وقد تعلمت الدرس.

مما اعجبنى