الحلقه الثانيه عشر حسن السراح وحسن التسريح

للذين أحسنوا الحسنى - الحلقة 12 - حسن السراح وحسن التسريح (الطلاق)

الحلقة 12:
حسن السراح وحسن التسريح
(الطلاق)

نتحدث في هذه الحلقة عن حسن السراح وحسن التسريح
أي الطلاق
(الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ
(229) البقرة)
عبر الله عز وجل عن الطلاق بكلمة السراح أو التسريح وأراد بهذه الكلمة أن يتم الطلاق بين الزوجين إن كان لا بد من طلاق أن يتم بيسر وعذوبة وأناقة كما تسرح المرأة شعرها الغزير، كيف تسرح المرأة شهرعا الغزير؟
بعذوبة متناهية
(فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان)
وجعل الطلاق يتم على مرحلتين طلاق جميل وطلاق حسن وقلنا أن الجمال نسبي ولكن الحسن مطلق.
رب العالمين يقول إذا كنتم تريدون أن تطلقوا الزوجات فليكن الطلاق جميلاً ثم يترقى إلى أن يكون طلاقاً حسناً يتمتع بالحسن وللأسف ما من آية اخترقها المسلمون وعطلوها كهذه الآية كآيات حسن التطليق وجمال التطليق.
كل ما أوصى الله تعالى به المسلمين بالمرأة طبقها السملمون تماماً
(وعاشروهن بالمعروف)
(وجعل بينكم مودة ورحمة)
(فوجد من دونهم امرأتين تذودان)
كلما رأى امرأة ينجدها،
(ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض)
وكل الرجال لا يقربون نساءهم في المحيض
(وآتوا النساء صدقاتهن نحلة)
وكل الرجال يعطون المرأة مهرها،
(لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا)
(لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها)
(الرجال قوامون على النساء)
مطبق من حيث حماية المرأة،
(وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ)
مطبق تماماً،
(والذين يظاهرون من نسائهم)
مطبق تماماً،
" ما أكرم النساء إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم"
مطبق تماماً، كل ما أوصى الله به الله ورسوله طبقها المسلمون بشهامة ورجولة إلا آية التطليق اخرقها المسلمون فقهاء وأزواج ومفتين وحكام وقضاء الكل اخترقها اختراقاًً فما من قبح أشد قبحاً من اسلوب تطليق الرجال للنساء عند المسليمن.
(الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان)
كل كلمة من هذه الآية لها مدلول لم نطبقه، الطلاق مرتان وليس اثنتان أقول زرتك مرتين أي اليوم وبعد أسبوع مثلاً هذه مرتين ولو قلت زرتك اثنتين أي مرتين في آن واحد، دخلت وخرجت، مرتان أي تطلقها اليوم ثم ترجعها وتطلقها مثلاً بعد سنة والآن إذا قال لها أنت طالق بالثلاث تطلق، بكلمة يهدم بيت ويهدم الميثاق الغليظ، بدل أن نطبق الطلاق مرتان على أنها اثنتان، الطلاق مرتان أنك تطلق اليوم وتطلق بعد شهر أو شهرين أو مدة وجعلها عمر رضي الله عنه أراد أن يجعلها شرعية حتى يكف الناس عن الطلاق فلم يكفوا.
المسلمون في معظم البلاد يعتبرون الطلاق بلفظ الثلاث واحدة هذه واحدة،
(فإمساك بمعروف)
الإمساك في اللغة قبض البخيل على ماله
"ما من صباح إلا وملكان يناديان اللهم أعط منفقاً خلفا وأعط ممسكاً تلفاً"
رب العالمين يقول تمسكوا بالنساء كما يتمسك البخيل بماله وكثير من الناس قتلوا لأجل ماله
والمتنبي كان بخيلاً جداً فلما طلع عليه قاطع الطريق طلب أن يعطيه مالاً فلم يعطه وقال له اقتلني ولا أعطيك المال فقتله.
(فإمساك)
أي أنت يا مسلم تمسك بزوجتك كما يتمسك البخيل بماله وإياك أن تفرط بها وإن كان لا بد أن لا تمسك بها لقضية الخيانة وما من عذر للطلاق إلا الخيانة لأن بعض ما تقدمه الزوجة لزوجها بكل الدنيا يكفي أنها أباحت حضنها لك وحدك،
أنجبت لك طفلاً كل هذا ليس له ثمن على وجه الأرض
(وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا)
هذا الميثاق الغليظ الذي أباح لك حياتها ولحمها وعظمها إياك أن تستغل أنه ليس لديها أحد أبوها مات وأمها ماتت وأنك رجل وأنها أنثى ضعيفة.
(فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان)
تسريح وليس طلاقاً، إذا كان لا بد وأن الخلاف بينكما لم يعد له حل إلا بالطلاق على خلاف مصلحتك ومصلحة بيتك وأولادك ولكن الجرح عميق وهذا لا يكون إلا بخيانة الزوج في ماله أو في نفسها فإذا كان لا بد من الطلاق فليكن سراحاً وتسريحاً كما تسرح المرأة شعرها المتماسك ومن الصعب أن تفرق بين شعرة وشعرها لكن بالمشط يفرق الشعر بنعومة وأناقة هكذا الطلاق.
إذن هكذا ينبغي أن يكون الطلاق بحيث كما قال تعالى
(ولا تنسوا الفضل بينكم)
المفروض أن كل من يطلق زوجته
(وسرحوهن سراحا جميلا)
(فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحاً جميلا)
(فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان)
فإذا كان لا بد من الطلاق فيجب أن يكون على النحو التالي أن تعطيها ما تريد وأن لا تأخذ منها شيئاً ولا تذكرها بسوء فكل من يسألك لم طلقتها؟
انتحل عذراً والكذب في هذه المسألة عبادة.
أولاً لا تذكرها بسوء حتى لو أساءت إليك السوء كله وعليك أن تذكر محاسنها حتى تختلق لها محاسن وأن لا تأخذ مما أعطيتها شيئاً وأن لا تستغل ضعفها وتُجبرها على أن تعيد لك بعض المهر كما يفعل الكثيرون إذا أراد أن يطلق زوجته أساء معاملتها أو هددها حتى تدفع له مقابل، معظم الزوجات تطلق بعد سنوات من زواجها وأهلها يكونوا قد ماتوا فأين تذهب هذه المرأة وقد أخذت صحتها وشبابها؟
فيجب أن تكون على قدر من الإنسانية،
وفي المحاكم حالات طلاق يستحق الرجل الضرب وتقع طلاقات بنسب مخيفة جداً الآن.
نقارن بين السراح الجميل والسراح الحسن.
السراح الجميل عندما تطلق المرأة قبل الدخول
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا
(49) الأحزاب)
هذه التي لم تدخل بها، امرأة عقدت عليها ولأمر ما حصل الطلاق حينئذ
(وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ)
لا يكفي أن تعطيها نصف المهر بل وتعطيها هدايا، سيارة، متاع، أثاث إضافة إلى حقها في المهر وأضف أشياء أخرى من باب الإكرام
(ولا تنسوا الفضل بينكم).
السراح الجميل هو الذي تعطي المرأة التي لم تدخل بها أو لم تختلي بها تعطيها حقها من المهر وتعطيها إضافة إلى هذا متاع
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا)
فما بالك لو دخلت بها وخدمتك سنوات ولك منها أولاد هذه قال تعالى فيها
(فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان)
الطلاق بمرتبة الحسن وليس الجمال،
الجمال
الطلاق قبل الدخول
والحسن بعد الدخول،
أرضِها بحيث تذهب إلى بيت أهلها بعد العدة من طلاقك وهي مرفوعة الرأس لها كرامتها أنت تمتدحها وتعتذر من أهلها.
هكذا هو الفرق بين الطلاق الجميل والطلاق الحسن فالتسريح الذي سمى الله تعالى به الطلاق لكي يتم بنعومة ورقة جمال من غير ألم وتسريح المرأة لشعرها يتم بمنتهى اليسر هكذا ينبغي أن يقع الطلاق بين الزوجين.
هذه الآية مخترقة اختراقاً عجيباً وما ترك المسلمون حكماً من أحكام الشرع كما تركوا حكم هذه الآية كما تركوا هذه الآية تتعادى العائلات والأولاد يصرخون ويحصل سباب وشتائم والله تعالى أمرنا
(فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها)
كم من مطلِّق بين المسلمين لا يطلق إلا بعد أن يحضر حكمين؟
قليلون للأسف.
حينئذ نقول إذا كان الطلاق بعد الدخول فليوصف بالحسن وحُسن الطلاق تبقى المودة بين الزوجين بعد الطلاق
(وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ)
تفاهموا كيف تربون الأولاد وكيف تزوجوهم،
أما القطيعة بين الزوجين على حساب تربية الأولاد فأنتم مسؤولون عنهم أنجبتموهم رغم أنفهم فعليكم أن تقوموا بالدور المطلوب.
المرأة تحمل وتحيض وتنظف ويدخل الرجل كالملك إلى بيته ويتعامل مع المرأة كالخادمة فلو كان الرجل رقيقاً ستكون المرأة رقيقة.
المرأة تتعرض لتقلبات مزاجية ونفسية لو تعرض الرجل لها لمات قال تعالى
(حملته أمه وهنا على وهن)
اتقوا الله في النساء
"الله الله في النساء"،
لو سمع الرجال صراخ المرأة عند الولادة ستقول عندها ما أكرم النساء إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم.
المرأة تعامل الزوج على قدر رجولتة.
هكذا هي مسألة التسريح بإحسان
والسؤال الآن هذا بعد الذي ذكرناه موجزاً في تفسير هذه الآية وخاصة الإحسان من حيث أنه لا يذكرها بسوء أبداً.
كم واحد منا يذكر زوجته بخير بعد أن يطلقها؟
هذه الآية طوبى لمن عاد إليها ولقي الله عز وجل وقد طبق أحكامها لأن الحديث يقول:
(طوبى للمتمسكين بسنتي عند فساد أمتي)
وقال:
(طوبى للغرباء الذي يُصلحون ما أفسد الناس)

وحينئذ على كل زوج إذا أراد أن يطلق أن يتقي الله في هذا الطلاق وفي زوجته فإذا طلق على وفق ما أراد الله من الطلاق السُني فلم يقع طلاقٌ أبداً إلا ذلك الطلاق الذي ينبغي أن يقع لأن في وقوعه إصلاح للطرفين فالطلاق السني هو الذي يضمن بقاء الأسرة وهو الذي يضمن أن الطلاق لا يقع إلا إذا كان وقوعه حقاً أما هذا النزق الذي نسمعه كل يوم والذي تمتلئ به المحاكم والقضاة بشر وقد يُستغفلون بالأدلة والإدعاء وحدث أن بعض القضاة في العالم العربي والإسلامي يطلقون الزوجة بناء على دعوى الزوج من غير أن يستدعوا الزوجة ويعرفوا ما لها وما عليها للأسف هذه الآية اخترقها المسلمون اختراقاً مشيناً ولهذا فإن النساء المطلقات معظمهن مظلومات عند الرجال وطلاقهن ليس جميلاً وليس بإحسان وإنما هو في غاية القبح وسيحاسبهم الله تعالى عليه يوم القيامة
وطوبى لرجل احتمل زوجة سيئة لوجه الله عز وجل وإكراماً لأولاده منها لأن أولاده لا يصلح شأنهم إلا بوجودها فهي أمهم.