الحلقه الخامسه عشر حسن الحكم

الحلقة 15:
حُسن الحكم

الذين أحسنوا هم الذين يطبقون قواعد الحكم التي ارادها الله عز وجل لعباده أجمعين مسلمين وغير مسلمين.
فحسن الحكم هو الذي يرضي الله عز وجل والله تعالى شرع لعباده كلهم من آدم إلى أن تقوم الساعة شرع لهم في الكتب السماوية المنزلة قواعد الحكم تجعل الحكم حسناً سواء كان الحاكم مسلماً أو غير مسلم كما قال تعالى
(وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ)
مصلحون أي يعدلون بين شعوبهم والشعوب تحقق العدل فيما بينها.
هذا النمط من الحكم هو الحكم الحسن والله عز وجل لا يعذب المجتمعات التي تطبق هذا وكل كلمة قرية في القرآن الكريم تعني الدولة أو المجتمع.
نتكلم عن أنظمة الحكم في العالم الإسلامي في القرن العشرين والواحد والعشرين شاعت أنظمة تعتمد على الطغيان والاستبداد واتخذت القتل والسجن شريعة في معظم بلاد المسلمين سخرت الدولة كلها لحساب فئة أو حزب أو جماعة أو طائفة على حساب اضطهاد الآخرين المخالفين اضطهاداً يصل إلى حد الإبادة الجماعية كما يجري اليوم في بعض أنحاء المجتمع الإسلامي.
هذه الدول تستأجر القتلة والأنظمة السرية وتسويق الأكاذيب والإرجاف والوعود الزائفة حتى تنتهي الدولة بعد ثلاثين أو أربعين عاماً إلى خراب كامل شامل ثم تأتي دولة أخرى على نمطها بطرح آخر لكي تواصل الخراب بعد الخراب حتى ينتهي الأمر إلى فناء تام
(أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ)
الذين يوقنون بالله سواء علم اليقين أو عين اليقين أو حق اليقين وكل أنواع اليقين عظيمة
وما دمت أنت موقن بالله عز وجل فأنت من عباده لا من عبيده، فإن الله قد جعل لك قواعد عامة شاملة على كل الحكام في العالم وعلى امتداد التاريخ أن يطبقوها وترك التفاصيل الجزئية لكل أمة ولكل شعب تطبقها على وفق مصالحها.
من أبرز قواعد الحكم التي أرادها الله عز وجل ووصفها بأنها حسنة
(ومن أحسن من الله حكما)
فالحكم الذي يريده الله تعالى لعباده أجمعين على اختلاف مناهجهم يقوم على القواعد العالمية التالية التي يؤمن بها الناس جميعاً وسطرت في المواثيق الدولة ولكن قلما تجد دولة تفعل ذلك على رغم الادعاءات بالديموقراطية والحرية لو تمعنت في قواعد الحكم المطلقة التي يرضاها الله لعباده والتي يتقبلها العقل البشري لوجدتها في كتاب الله عز وجل لكن قلما تجد دولة تطبقها برغم الدعاوى الفارغة وخاصة في العالم الإسلامي.
أولاً:
أن الدولة للناس جميعاً لا فرق بينهم لا طائفياً ولا عرقاً ولا مذهباً وكل إنسان على أرض الدولة هو مواطن يستحق الحقوق كاملة وعليه الواجبات كاملة مهما كان عرقه أو مذهبه أو طائفته،
ثانيا:
الدولة للجميع والملك ملك الجميع، والقرآن الكريم يطلق كلمة ملك على رئيس الدولة فالملك ملك الجميع والجميع مسؤول أمامهم جميعاً ولا يفرق بين الناس مهما كان القرب منه، فإذا فعل ذلك
(إن الله يأمر بالعدل والإحسان)
العدل تحقيق الواجبات والإحسان أن تتعامل معهم بالشفافية.
يعني قاتل حكمت عليه بالاعدام هذا عدل، ولكن أن تقوم الحكومة بالصلح بين القاتل وأهل القتيل لعله يتنازل عن حق الإعدام وليرضوا بالدية هذا إحسان.
وهكذا كل من هو مخالف للدولة سواء كان موظفاً أو مواطناً الدولة تطبق عليه العدل وهو قانون ثم تحاول تطبيق الإحسان إما يتوب أو يقلع عما فعل أي العدول عن العقوبة الكبرى الجسدية من إعدام أو قطع يد فهذا من الإحسان وهو من قواعد العدل العامة.
إذا تحقق هذا وكان الملك للجميع يحقق العدل والإحسان
ثالثا:
سوف يتحقق الأمن طواعية والأمن أساس كل مجتمع راقي وهو من نعم الله
(سيروا فيها ليالي وأياماً آمنين)
(الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ).
عمومية الملك والعدل والإحسان والأمن هي أساس قواعد الحكم التي نسبها الله تعالى إليه
(ومن أحسن من الله حكما)
ويريدها الله للناس وسماها حكمه هو أن تحقق هذه الثلاثة ابتداءً.
وبعد ذلك التعامل مع الناس كقواعد عامة سلوكية الحسنة تلغي السيئة يعني انسان ارتكب مخالفات وفي نفس الوقت سجل واقف عظيمة هذه المواقف تشفع له في أن تخفف عنه المساءلة،
في حكومات الجاهلية مليون حسنة بسيئة واحدة ينتهي ويعدم وهذا ما نسمعه ونراه كثيرة لأناس قدموا خدمات لشعوبهم لكنه ارتكب خطيئة واحدة خاصة فيما يتعلق بالملك تقوم الدنيا ولا تقعد.
من القواعد التي يريدها الله عز وجل التعامل مع المجرم بشفافية ليس بانتقام لأن العقوبات في الإسلام هي للإصلاح لهذا يجب أن نتعامل مع المجرم بكل ما له من حقوق ما نسميها حقوق الإنسان والتي لم يطبق واحد منها في العالم كله حصراً، الإسلام وحده الذي يطبقها كما قال الله تعالى لنبيين أن يقولا لمن ادعى أنه إله
(فقولا له قولاً ليناً)
طالما هو بريء لم تثبت إدانته ولما ثبتت إدانته أغرقه الله عز وجل.
ومن قواعد حكم الله أن لا تسقط البلاد كلها بيد فئة تسخر البلاد على لمصالحها على حساب اضطهاد الآخرين وإبادتهم مثل الحزب الشيوعي وغيره الذي يستأثر بكل شيء وهم لا يتجاوزون واحد بالألف على حساب 999 يعيشون في شقاء ورعب وهذا حدث في القرن العشرين وبقيت آثاره إلى الآن في بعض المناطق سواء كانت فئة حزبية أو طائفية أو مذهبية وتذيق الآخرين الهوان.
في دول إسلامية باختلاف المذهب تجد ملايين يعيشون في إهانة كاملة وفي تغييب كامل أو حزب واحد يستأثر بالدولة كاملة على حساب كل الناس هذا من عمل الجاهلية وليس من حكم الله
(أفحكم الجاهلية يبغون)
(ومن أحسن من الله حكما)
نتكلم عن حسن الحكم عند الله عز وجل.
ومن قواعد الحكم عند الله عز وجل أن لا تسمح الحكومة باستحكام رذيلة في المجتمع استحكاماً حتى تصبح ظاهرة كما استحكمت في مجتمع قوم لوط أنهم كانوا لوطيين أو استحكمت في قوم شعيب الذين كانوا يبخسون الكيل والميزان أو الذين كانوا يقتلون الآخرين مثل قوم فرعون يعني لا ينبغي في مجتمع يحكم بين الناس إذا كان هذا المجتمع يؤمن بأن الله موجود فمن حكم الله بعباده جميعاً أن لا تسمح الحكومة أو الحاكم باستحكام رذيلة من الرذائل في مجتمع ما أن تنتشر وتصبح ظاهرة.
ومن قواعد الحكم التي يرتضيها الله تعالى لعباده وهو الحكم الحسن أن لا يسمح لأحد الناس أن يتظاهر بمعصية قد يكون يشرب الخمر سراً هذا شأنه لكن أن يتظاهر بها كما قال r:
( من ارتكب من هذه القاذورات شيئاً فاستتر فهو في ستر الله إن شاء عذّبه وإن شاء عفا عنه ومن أبدى صفحته أقمنا عليه الحدّ)
التظاهر بالمعاصي يهلك الدولة
(وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا)
إذا تظاهر الناس بالمعاصي علناً بحيث لا ينكر ذلك أحداًً ولا تتدخل الدولة فقد حلوا بأنفسهم أسباب الدمار ورب العالمين يبتليهم بأمراض لم تكن في أسلافهم الذين مضوا.
من ضمن القواعد يأمرنا رب العالمين أن نعلم الناس أولاً فسمؤولية الدولة والأب أولاً أن يوجه أبناءه للتعليم
(وَلَـكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ)
وأول واجب على الآباء لأبنائهم التعليم ولهذا إشاعة التعليم المجاني من الأشياء النافعة وللأسف بعض الدول العربية لا تفعل ذلك.
من حكم الله عز وجل أن الحاكم يؤمن بأن العالم كله أسرة واحدة لا نفرق بين شعب ولا شعب، هذا كرم الله في عباده لا تفرق بين إنسان وإنسان كل الناس أسرة واحدة
(وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَوَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ)
لا يفرقون بين أحد وأحد ونادر من الدول من يفعل هذا في العالم اليوم إلا دولة الإمارات تقريباً لا يفرقون بين أحد من الناس.
ليس هناك في العالم أحد لا يفرق بين مسلم وغير مسلم إلا المسلمون ونحن نسمي أبناءنا بأسماء الأنبياء جميعاً وكلهم أنبياؤنا وسادتنا.
وعدم التفريق بين دولة وحزب هذا نجده في بعض دول الخليج والباقي إما حزب أو طائفة هذه حكومات وحكم جاهلي
(أفحكم الجاهلية يبغون)
ومن حكم الله عز وجل حرية القول قل ما تشاء ما دمت تنتقد كما قال:
أبو بكر الصديق عن المعارضة لا خير فيكم أن لم تقولوها ولا خير فينا إن لم نقبلها.
فليقل هذا رأيه وناقشه لماذ تأخذه عدوا؟
أنت إذا سمعت قوله سيصبح صديقاً لك والاختلاف في الرأي أعظم ما في الإنسان والإنسان وحده هو الذي يخالف، الحيوان لا يخالف
(وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاء وَنِدَاء)
تقود قطيعاً من البقرة بصوت واحد.
الإنسان مكرم بالعقل إذا قتلته كما تفعل الحكومات الطاغية لنكتة يُعدم الناس هذا يصبح عدواً.
واليوم أصدر الأمير محمد بن راشد أمراً يمنع سجن الصحافة
الصحافة رقابة على الأمة ورغم بعد سوءاتها وفي الاسلام كانت تسمى الصحافة ديوان المظالم قد يُساءل الصحافي لكن ما يحصل في معظم دول العالم الإسلامي حيث الصحافيون يضربون ويحبسون.
لذا حرية الرأي من حكم الله عز وجل ورب العالمين يقبل الرأي الآخر،
النبي r قبل الرأي الآخر، هزيمة أحد كانت بسبب أن النبي r نزل على رأي الآخرين قال نقاتل في المدينة قالوا نخرج فخرج ونزل النبي r على رأي الأغلبية وهزموا بهذا الرأي ثم عفا الله تعالى عنهم
(فبما رحمت من الله لنت لهم)
فمن هو هذا الذي لا يأخذ الرأي الآخر؟
لهذا نشكر سموالأمير محمد بن راشد على هذه اللفتة الرائعة التي ستكون قانوناً والتي بعض الدول العربية والإسلامية انتبهت إلى هذا وربما يقنن هذا في قانونها وهذه حضارة وإنسانية.
قل ما تشاء، رب العالمين سمع لفرعون، والرسول r ناقش وحشي قاتل حمزة.
هكذا هي بعض قواعد حكم الله عز وجل ونحمد الله عز وجل أن هذا البلد وبعض البلاد الإسلامية الأخرى طبق معظمها ومعظم بلاد العالم تتجافى عنها
ونسأل الله أن يعيد الأمن والطمأنينة