ابراهيم عيسى يكتب بين الإخوان والأمريكان
""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""
سوف يطلب باراك أوباما الثمن من محمد مرسى.
هذا أمر مفروغ منه ولن ننتظر طويلا، فالرئيس الأمريكى جدَّد رئاسته وسينشط لحصاد سياسته.
انتبه أولا إلى حقيقة أن أوباما وإدارته راهنوا على الإخوان المسلمين منذ الأسبوع الأول من ثورة يناير ومن اللحظة الثلاثية بين عمر سليمان والأمريكان والإخوان، وكان منوطا بسليمان والإخوان الاتفاق على سيناريو الخروج من ميدان التحرير، فلما فشلت الخطة لأن الإخوان لم يكونوا على أى نحو قادة الميدان ولا حتى أصحاب دور رئيسى فيه، ونتيجة كذلك لغباوة موقعة الجمل الشهيرة، انتقل الرهان الأمريكى على عنان والإخوان، والثابت أن الفريق عنان هو حلقة الوصل بين السيناريو الأمريكى والتنفيذ الإخوانى. وعندما تقرأ كتاب «مصر كما تريدها أمريكا» للمؤلف لويد سى جاردنر (ترجمة الدكتورة فاطمة نصر) لا يدهشك أن قيادة المجلس العسكرى كانت تتلقى اتصالات يومية من روبرت جيتس وزير الدفاع الأمريكى، والأميرال مايك مولن، وقال جيتس علنًا «بصريح العبارة فقد فعلوا جميع ما بيَّنَّا لهم أننا نودّ منهم أن يفعلوه». نشاط سامى عنان فى تسليم السلطة للإخوان كان محموما (عبر تمرير المسار الإخوانى بالانتخابات أولًا والدستور ثانيًا الذى كان يُفضِى حتمًا إلى نجاحهم فى الأغلبية والتغلب)، وفى لحظة كان يريد هو نفسه الترشح للرئاسة بتأييد ومباركة الإخوان، ولكن المشير طنطاوى رفض، وبعد أيام من تولى مرسى الرئاسة اتفق مع عنان على منحه وزارة الدفاع، وغضب طنطاوى وحرن فى الصفقة وعطّلها.
لكن ملامح الخطة الأمريكية التى وافق عليها أوباما هى:
الإخوان يضمنون أمن إسرائيل وكبح حماس، وفى نفس الوقت يضبطون الواقع المصرى ويلتزمون بمصالح أمريكا فى المنطقة، ويدخلون طوق مواجهة إيران تحت شعار الإسلام السُّنِّى فى مواجهة الشيعة.
الإخوان وجه إسلامى يوفِّر لسياسة أمريكا شرعية شعبية وغطاءً من أكبر التنظيمات الإسلامية فى المنطقة وهم الأكثر تنظيمًا والأقدر على حسابات الانتخابات، ثم إن القوى المدنية فى مصر مفتَّتة ولا تملك الشارع وتضم تيارًا يساريًّا يعادى أمريكا وآخر قوميا ناصريا يعادى إسرائيل ومن هنا فالإخوان الأجدر بالتحالف.
الإخوان يعتنقون عقيدة الاقتصاد الحر ويبقى التعاون المالى والاقتصادى بينهم وبين الدوائر الغربية الرأسمالية قويا ولا تشوبه متاعب يسارية إطلاقا.
ضَمِن الأمريكانُ الإخوانَ عند الجيش وضَمن الأمريكانُ الجيشَ عند الإخوان، وكان مِفْصل هذا المثلث هو سامى عنان، وحين اطمأن الطرفان إلى متانة التعاهد بينهما وإلى أن طنطاوى وعنان صارا عبئا على المشهد الإخوانى وافقت الإدارة الأمريكية على الإطاحة بهما لمزيد من دعم مرسى فى سياسته والحفاظ على مكاسب الجيش فى مسيرته، ولم يهتم لا الأمريكان ولا الإخوان بأن عنان المتحمس المخلص كان قد قرأ الفاتحة مع مرسى قبل إعلان فوزه، فالفاتحة لا تشكل اهتمامًا أمريكيًّا بالقطع كما أنها لا تعطل الإخوان (ولا المصحف كله) عن صفقة الانفراد بالسلطة.
الآن نجح أوباما، وهو جاهز لولايته الثانية..
هنا سيطلب الرئيس الأمريكى من مرسى الوفاء بتعهداته:
إعادة الانضباط فى سيناء فى مواجهة التدخل الحمساوى، وإنهاء الوجود المتضخم للتنظيمات المتطرفة ورجال القاعدة هناك، وهو ما سيكلف مرسى أصدقاءه فى غزة وسيفجر غضب حلفائه الإسلاميين الجهاديين فى سيناء، فكيف ستتلقى الرئاسة هذه «الملاحظات»؟ وإلى متى يمكن أن يصبر أوباما عليها؟
الأمر الآخر الذى سيطلبه أوباما هو حرارة محمد مرسى مع إسرائيل، وسيضع شرطا مؤكدا هو لقاءات مباشرة بين مرسى ونتنياهو، وأن الأخير لن يتحمل مزيدا من الوقت دون أن يحرج أوباما ويختبره بقدرته على الضغط على مرسى لتعاون دبلوماسى وسياسى ظاهر وعلنى، لا الاكتفاء فقط بالتعاون الأمنى والمخابراتى المُخفَى.
المؤكَّد أن نجاح أوباما فرصة لمشاهدة فشله فى مصر